قال في المسالك: وهو موضع وفاق، إلا أنهم استثنوا من ذلك مواضع بعضها اتفاقي، وبعضها خلافي أحدها الإعارة للرهن بعد وقوع الرهن عليه، فإنه لا رجوع للمعير، وتوضيح ذلك - حيث أنه لم يسبق لهذه المسألة تحقيق في كتاب الرهن - أنه لو استعار مال غيره ورهنه بإذن المالك، فالظاهر أنه لا اشكال في صحة الرهن، بل نقل عليه في المسالك اجماع العلماء، قال: وسموه استعارة الرهن وجعلوها مضمونة على الراهن، وإن تلفت بغير تفريط.
وبالجملة فإنه يترتب عليه أحكام الرهن، فيلزم العارية، وتباع عند الحلول ويؤخذ الدين من ثمنها كما في غيرها من أفراد الرهن، وليس للمعير الرجوع فيها بحيث يتسلط على فسخ عقد الرهانة نعم له مطالبة الراهن بالفك عند الحلول.
بقي الكلام فيما يجب لمالكه في صورة بيع المرتهن الرهن، وأخذ ماله من قيمته بأن يكون وكيلا أو بإذن الحاكم أو البايع الحاكم، فقيل: إنه يرجع المالك بأكثر الأمرين من القيمة وما يبيع به، وهو المشهور في كلام الأصحاب.
قال في التذكرة: فإذا بيع في الدين رجع المالك بأكثر الأمرين من القيمة ومن الثمن الذي بيعت به، لأن القيمة إن كانت أكثر فهو المستحق للمالك، لأنها عوض عنه، وإن كان الثمن أكثر فهو عوض العين، انتهى.
وفيه أنه موهم لجواز بيعه بأقل من القيمة، وهو ممتنع، إذ لا يجوز البيع بأقل من ثمن المثل فصاعدا كما هو الحكم في كل وكيل، وهذا أحدهم والتحقيق أنه إن باعه بثمن المثل فلا اشكال في أن للمالك ذلك، وإن باعه بأكثر من ذلك فلا ريب أيضا في أنه للمالك، لأنه ثمن ملكه، إذ العين باقية على ملكه إلى وقت البيع، ولا يتصور البيع بدون ثمن المثل كما عرفت.
هذا كله إذا كان مع إذن المالك كما تقدمت الإشارة إليه، أما لو لم يكن بإذنه فإن للمالك انتزاعه بغير خلاف، ويدل عليه أيضا ما رواه في الفقيه عن أبان عن حريز (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " في رجل استعار ثوبا ثم عمد إليه فرهنه،