الأصل جواز ذلك، والمنع يحتاج إلى دليل، وقوله (عليه السلام) (1) " المؤمنون عند شروطهم " وفي أخبارهم ما يجري مثل هذه المسألة بعينها منصوصة (2) وهي أن يستأجر منه دابة على أن يوافي به يوما بعينه على أجرة معينة، فإن لم يواف به ذلك اليوم كان أجرتها أقل من ذلك، وأن هذا جائز "، وهذا مثلها بعينها سواء، وقال في المبسوط: صح العقد فيهما، فإن خاطه في اليوم الأول كان له الدرهم، وإن خاطه في الغد كان له أجرة المثل، وهو ما بين الدرهم والنصف، ولا ينقص من النصف الذي سمى ولا يبلغ الدرهم، قال في المختلف: وهذا القول الذي اختاره في المبسوط قول أبي حنيفة.
وقال ابن إدريس: يبطل العقد وتبعه عليه أكثر المتأخرين كالمحقق الثاني والشهيد الثاني في المسالك، والعلامة في المختلف، وغيرهم اعترض في المختلف على كلام الشيخ في الخلاف، فقال: وقول الشيخ بالأصل ممنوع، إذ يترك لقيام معارض، وفرق بين صورة النزاع وصورة النقل، لأن صورة النقل أوجب عليه أن يوافي به في يوم بعينه، وشرط إن لم يفعل أن ينقص من أجرته شيئا، وصورة النزاع لم توجب شيئا معينا فتطرقت الجهالة إليه، بخلاف الأول انتهى.
وفيه أن الأصل الذي تمسك به الشيخ أصل رزين، وهو العمومات الدالة على صحة العقود والشروط كتابا وسنة، وما عاضه به ليس إلا مجرد دعواهم الجهالة في الصورة المذكورة، ونحوها مما تقدم، والدليل على الابطال بنحو هذه الجهالة غير ثابت، بل المعلوم من الأدلة كما عرفت إنما هو خلافه، وما ادعاه من الفرق أيضا بين صورة النزاع والنقل ضعيف أيضا، لأن المنازع في تلك المسألة إنما تمسك بما تمسك به هنا من الجهالة، ورد الرواية بذلك كما عرفت، ومرجع الرواية إلى أنه إن أدخله في ذلك الوقت المعين فله كذا، وإن تخلف عنه فله