فجميع هذا الكلام نفخ في غير ضرام، وتفسير الضمان بمعنى طلب العين ممن في يده كما ذكره في صدر كلامه مجاز بعيد، لا يصار إليه إلا بدليل، وإلا فمعنى الضمان شرعا هو انتقال الحق إلى ذمة الضامن، وتفسير النقل بما ذكره من وجوب الرد أبعد، وقوله وألا يكون النقل مخصوصا بما في الذمة فيه ما تقدمت الإشارة إليه من أنه إنما اختص بما في الذمة، لكونه هو مورد الضمان شرعا.
وأما غيره مما ذكروه في ضمان العين المضمونة والعهدة الراجع إليه أيضا فليس من الضمان في شئ لعدم الدليل عليه، فلم يترتب عليه الحكم المذكور وتكلف ترتيبه عليه بهذه التجوزات السخيفة فرع ثبوته أولا، وليس فليس.
وبما ذكرنا يظهر لك أن ضمان العهدة إن تعلق بالعين الموجودة فهو داخل تحت ضمان الأعيان المضمونة وإن كان ظاهر هم هنا الاتفاق عليه للضرورة كما ادعوه بخلافه ثمة لما تقدم من الخلاف في تلك المسألة وإن تعلق بالثمن بعد تلفه واستقراره في الذمة فهو داخل في ضمان الديون التي في الذمة، ولا اشكال في الصحة.
تنبيهات الأول قال في التذكرة المناط في ضمان العهدة أن يقول الضامن للمشتري: ضمنت لك عهدته أو ثمنه أو دركه أو خلصتك، والظاهر أن مراده من ذكر هذه الألفاظ مجرد التمثيل، بمعنى أن كل لفظ يفهم منه ذلك كهذه الألفاظ ونحوها، فإنه، يقع به الضمان، ويصح ذلك للبايع أو المشتري، ومحل الضمان المذكور كل موضع يظهر فيه بطلان العقد، كما تقدم.
الثاني - قد عرفت مما تقدم أن من شروط صحة ضمان العهدة اشتغال الذمة بالمضمون على أحد الوجوه السابقة، وحينئذ فالمعتبر في ضمان العهدة وجود الضمان حالته، فلا عبرة بالتجدد بعد ذلك كالفسخ بالتقابل، وتلف المبيع قبل القبض، والفسخ بخيار الحيوان، وخيار المجلس ونحوها فإنه حالة الضمان ليس بفاسد، ولم يحصل الاستقرار في الذمة الذي هو شرط في الضمان، فلم يكن مضمونا فضمانه على هذا التقدير يكون من قبيل ضمان ما لم يجب وحينئذ فلا يدخل هذا في ضمان العهدة، ومثله أيضا لو فسخ المشتري بعيب سابق فإنه لا يدخل ذلك في ضمان العهدة