هنا مع وجود النهي الشرعي وثبوته نصا وفتوى، ودعوى ثبوت شرعيته مطلقا ممنوع أيضا فإنه محل البحث ومطرح النزاع، فإن الخصم يمنع من ثبوت شرعيته على الوجه المذكور.
وقوله - إنه ليس بمعلوم كون ما ذكر من لوازمه أو شرايطه، مشيرا بذلك إلى ما احتج به الخصم من أن مقتضى الضمان الانتقال إلى ذمة الضامن، وبراءة المضمون عنه - فيه أنه قد تقدم في الموضع الخامس من البحث الأول ما يدل على أن الحكم اتفاقي نصا وفتوى، ودعوى كونه غالبا دون أن يكون كليا ممنوعة.
نعم هذا الحكم إنما ورد في المواضع التي قام الدليل على صحة الضمان فيها، وأما ما ذكر هنا من ضمان الأعيان فإنا لم نقف في الأخبار ما يدل عليه، وإنما جوزه من جوزه بما عرفت من ذلك الوجه الاعتباري الذي تقدم ذكره مع انتقاضه بما عرفت أيضا، وكلامه في التذكرة لأذى استند إليه هنا لا يسمن ولا يغني من جوع فإنه يرد عليه جميع ما ذكرنا.
وبالجملة فإنه لما لم يقم هنا على الضمان كما ادعوه دليل واضح، فالمانع مستظهر، والأصل العدم، ودعوى عموم أدلة الضمان لذلك ممنوع لما عرفت، ثم إنه بناء على المشهور من الحكم بجواز ضمان الأعيان المضمونة نفوا الجواز عن الأعيان الغير المضمونة كالوديعة والعارية الغير المضمونة ومال المضاربة وما في يد الوكيل وأمين الحاكم والوصي فإنه لا يصح ضمانها، وقد ادعى في التذكرة الاجماع على ذلك، وجعلوا الفرق بينها وبين ما سبق باعتبار الضمان، وعدمه، فحيث كانت تلك الأعيان مضمونة على من هي في يده، لأن يده يد عارية صح جواز الضمان فيها، بخلاف هذه حيث أنه لا ضمان عليه، وإن فرض ضمانه لها على تقدير التعدي والتفريط، إلا أن السبب الآن ليس بواقع.
نعم لو كان قد تعدى فيها وصارت مضمونة عليه جاز الضمان، وصارت من جملة أفراد تلك المسألة، لوجود السبب وهو كونها مضمونة، والبحث فيها عن جواز ضمان الأعيان المضمونة أعم من أن يكون ضمانها بالأصل أو العارض، وأنت خبير بما في هذا الفرق الذي بنوا عليه، لما عرفت من أن مجرد كونها مضمونة على من