المسألة الثالثة - قالوا لو ضمن ضامن للمشتري درك ما يحدث من بناء أو غرس لم يصح، لأنه ضمان ما لم يجب، والمراد أنه حيث كان للمشتري التصرف فيما يشتريه وبالبناء والغرس ونحو ذلك، فلو خاف ظهور كون المبيع مستحقا ويذهب ما يغرسه فيه ويبنيه مجانا فضمن له ضامن أنه إن ظهر كونه مستحقا وقلع المالك الغرس وهدم البناء فهو ضامن لدرك ذلك، هل يصح هذا الضمان أم لا؟ الوجه أنه لا يصح، لأنه ضمان ما لم يجب، لأنه حين الضمان لم يكن مستحقا للأرش على البايع، وإنما استحقه بعد القلع، وخراب البناء، المتأخرين عن وقت الضمان.
والمراد بالدرك الذي ضمنه الضامن هو الأرش الذي يلزم للمشتري في مثل هذه الصورة، وهو تفاوت ما بين قيمة تلك الأشجار، والبناء مثبتة ومقلوعة، ويأتي على ما تقدم من صحة الضمان مع تقدم سبب الاستحقاق صحة الضمان هنا، لأنه وإن كان الأرش غير مستحق إلا بعد القلع وهو الذي بنى عليه عدم الضمان كما عرفت، إلا أن سببه كان موجودا وقت الضمان، وهو كون الأرض مستحقة للغير، فينبغي جريان الاحتمال السابق فيما نحن فيه، وحيث إنه قد تقرر وعلم أنه إذا ظهرت الأرض مستحقة وقد بنى المشتري فيها أو غرس، فأزال المالك ما أحدثه فإن له الرجوع على البايع بالأرش كما تقدم، فلو ضمن البايع والحال هذه درك ذلك.
فهل يصح الضمان، قيل: نعم، لأنه لازم بنفس العقد، وكأنه أريد أنه لازم بالعقد ضمن أم لم يضمن، فضمانه يصير مؤكدا.
وأورد عليه بأنه لا يلزم من ضمانه لكونه بايعا مسلطا له على الانتفاع مجانا ضمانه، لعقد الضمان، مع عدم شرائطه التي من جملتها كونه ثابتا حال الضمان، فعدم الصحة أولى.
وبذلك يظهر أنه ليس الخلاف في ثبوته على البايع أم لا فإنه ثابت عليه بغير اشكال كما تقدم، بل الخلاف إنما هو في ثبوته بسبب الضمان - وإن كان ثابتا بدونه، بمعنى أن كلا منهما سبب على حدة، ويظهر الفائدة فيما لو أسقطا لمشتري عن البايع حق الرجوع بسبب البيع، فإنه يبقى له الرجوع بسبب الضمان لو قلنا بصحته كما لو كان له خياران فأسقط أحدهما فإن له الفسخ بالآخر إن شاء، والله العالم.