منه بعد اليمين إنما هو ظلم وعدوان، مع موافقة المضمون عنه له على ذلك، وينبغي أن يعلم أن رجوعه بما دفعه أولا مقيد بأن يكون مساويا للحق أو أقل منه، وإلا رجع بأقل الأمرين لأنه لا يستحق الرجوع بأزيد من الحق.
الرابعة - لو لم يشهد المضمون عنه قالوا: يرجع الضامن بما أداه أخيرا، لأنه لم يثبت ظاهرا أداء سواه، هذا إذا لم يزد على ما ادعاه أولا ولا على الحق، وإلا رجع بالأقل من الثلاثة، لأن الأقل إن كان هو ما غرمه أولا فلزعمه أنه لا يستحق سواه، فإن الثاني ظلم، وإن كان الأقل ما غرمه ثانيا، فلأنه لم يثبت ظاهرا سواه، وإن كان الأقل هو الحق، فلأنه إنما يرجع بالأقل من المدفوع والحق، هذا.
أقول: وعندي في الفرق بين هذه الصورة وسابقتها تأمل. حيث حكم في هذه بالرجوع بما أداه أخيرا لما ذكروا في سابقتها بما أداه أولا لما تقدم، مع إمكان اجراء كل من العلتين بل في كل من الموضعين.
وبالجملة فالغرض من التطويل بهذه الأحكام مع عدم النصوص فيها من أهل الذكر (عليهم السلام) تشحيذ الأذهان الأفهام، والاطلاع على تفريعا تهم في كل مقام، مع أن جملة منها لا يمكن استنباطه من القواعد الشرعية، والضوابط المرعية، والعمل على الاحتياط، في كل حكم خلا من النصوص. والله العالم.
المسألة الخامسة: إذا كان له على رجلين مال، فضمن كل منهما صاحبه، فإنه لا اشكال في صحة هذا الضمان من استكمال شرائطه المتقدمة، وعلى هذا يتحول ما كان على كل واحد منهما إلى صاحبه، وحينئذ فإن تساوى المالان وكان ضمان كل واحد بسؤال الآخر ولم يتغير وصف الدين بالحلول والتأجيل، ففائدة هذا الضمان تعاكسهما في الأصالة والفرعية.
ومما يترتب على ذلك، ما لو أبرأ المضمون له أحدهما، فإنه يبرء الآخر، وهذا الابراء إنما ينصرف إلى ما ضمنه عن صاحبه، لأنه هو الباقي في ذمته للمضمون له، وإلا فأصل المال الذي دفعه قد انتقل بالضمان إلى ذمة صاحبه، فلا معنى للإبراء منه كما تقدم، وحينئذ فإذا أبرأه من مال الضمان لم يكن له الرجوع على صاحبه، لأنه لا يرجع عليه إلا بما اغترمه عنه، والحال أنه لم يغرم شيئا بسبب الابراء، فمن