وتردد المحقق في الشرايع ثم قال: الأشبه الجواز.
أقول: ضمان هذه الأعيان إما أن يكون بمعنى تكليف الضامن برد أعيانها على مالكها، أو بمعنى ضمان قيمتها لو تلفت عند الغاصب، والمستام ونحوهما، أو الأعم منهما، وفي صحة الكل اشكال، لعدم الدليل على ما ذكروه من الجواز، والأصل عدمه.
وما استدلوا به - من أن منشأه وجود سبب الضمان للعين، والقيمة وهو القبض على الكيفية المخصوصة، فيصح، أما الأول فلأنه ضمان مال مضمون على المضمون عنه، وأما الثاني فلثبوت القيمة في ذمة الغاصب ونحو لو تلفت - منظور فيه بأن الثابت في الأول إنما هو وجوب الرد، وهو ليس بمال، والثاني ليس بواقع، فهو ضمان ما لم يجب وإن وجد سببه، لأن القيمة لا تجب إلا بالتلف ولم يحصل.
ومنه يظهر أن الأظهر عدم الجواز وهو اختيار شيخنا الشهيد الثاني في المسالك لما ذكرناه وزاد أيضا في القسم الأول فسادا من وجه آخر، وهو أن من خواص الضمان كما قد عرفت انتقال الحق إلى ذمة الضامن، وبراءة المضمون عنه، وهنا ليس كذلك، لأن الغاصب مخاطب بالرد ومكلف به اجماعا، وإنما يفيد هذا الضمان ضم ذمة إلى ذمة، وليس من أصولنا.
ومرجعه إلى ما قدمناه من أن الحق الواجب على من بيده المال إنما هو الرد إلى صاحبه، وهو لا ينتقل، كما هو الحكم الجاري في الضمان، بل يجب على من هو في يده رده، ولا يخاطب به غيره.
وأما ما ذكره المحقق الأردبيلي (قدس سره) حيث قال: ويحتمل الثبوت لصدق الضمان عرفا مع ثبوت شرعيته مطلقا، وليس بمعلوم كون ما ذكر من لوازمه أو شرائطه. نعم غالبا إنما يكون كذلك، ولهذا قال في التذكرة: ضمان المال عندنا ناقل، وفي ضمان الأعيان المضمونة والعهدة اشكال، أقربه عندي جواز مطالبة كل من الضامن والمضمون عنه إلى آخره، بعد أن اختار جواز ضمان الأعيان المضمونة والعهدة، وكأنه لذلك تردد البعض واستشكل فتأمل. انتهى ففيه نظر لأن الرجوع إلى صدق الضمان عرفا ممنوع، إذ لا مدخل للعرف