نماء مال اليتيم فلا يستحقه غيره الا بعقد فلا يجوز ان يعقد الولي المضاربة مع نفسه وهو ممنوع لجواز ان يتولى طرفي العقد وإذا دفعه إلى غيره كان للعامل ما جعله له الولي ووافقه عليه لان الوصي نايب عن اليتيم فيما فيه مصلحته وهذا فيه مصلحته فصار تصرفه فيه كتصرف المالك في ماله مسألة ويشترط في التاجر بمال اليتيم ان يكون وليا وأن يكون مليا فان انتفى أحد الوصفين لم يجز له التجارة في ماله فان أتجر كان الضمان عليه والربح لليتيم لما رواه ربعي بن عبد الله عن الصادق (ع) في رجل عنده مال اليتيم فقال إن كان محتاجا ليس له مال فلا يمس ماله وان هو أتجر به فالربح لليتيم وهو ضامن وفي الحسن عن محمد بن مسلم عن الصادق (ع) في مال اليتيم قال العامل به ضامن ولليتيم الربح إذا لم يكن للعامل به مال وقال إن أعطب أداه مسألة ويجوز لولي اليتيم ابضاع ماله وهو دفعه إلى من يتجر به والربح كله لليتيم لان ذلك أنفع من المضاربة لأنه إذا جاز دفعه بجزء من ربحه فدفعه إلى من يدفع جميع ربحه إلى اليتيم أولا ويستحب ان يشترى له العقار لأنه مصلحة له لأنه يحصل منه الفضل ولا يفتقر إلى كثير مؤنه وسلامته متيقنة والأصل باق مع الاستنماء والغرر فيه أقل من التجارة بل هو أولى منها لما في التجارة من الاخطار وانحطاط الأسعار فإن لم يكن في شرائه مصلحة أما الفضل الخراج وجور السلطان أو اشراف الموضع على البوار لم يجز ويجوز ان يبني عقاره ويستجده إذا استهدم من الدور والمساكن لأنه في معنى الشراء الا ان يكون الشراء أنفع فيصرف المال إليه ويقدمه على البناء فان فضل شئ صرفه في البناء وإذا أراد البناء بنى بما فيه الحظ لليتيم ويبنيه بالآجر والطين وان اقتضت المصلحة البناء باللبن فعل والا فلا لأنه إذا هدم لا مرجوع له وبالجملة يفعل الأصلح وقال الشافعي يبني بالآجر والطين لا غير لأنه إذا بني باللبن خاصة لم يكن له مرجوع وإذا بناه بالاجر والجص لم يتخلص منه الا بكسره وما قلناه أولى لأنه إذا كان الحظ في البناء بغير الاجر فتركه تضييع حظه وماله ولا يجوز تضييع الحظ العاجل وتحمل الضرر المتيقن لتوهم مصلحة بقاء الاجر عند هدم البناء وربما لا يقع ذلك في حياته ولا يحتاج إليه مع أن كثيرا من البلاد لا يوجد فيها الاجر وكثيرا من البلدان لم تجر عادتهم بالبناء بالاجر فلو كلفوا البناء به لاحتاجوا إلى غرامة كثيرة لا يحصل منها طائل فالأولى البناء في كل بلد على عادته مسألة لا يحوز بيع عقار الصبي لغير حاجة لأنا نأمر الولي بالشراء له لما فيه من الحظ والمصلحة فيكون بيعه تفويتا للحظ فان احتيج إلى بيعه جاز وبه قال الثوري والشافعي وأصحاب الرأي وإسحاق واحمد وقال بعض العامة لا يجوز الا في موضعين آ ان يكون به ضرورة إلى كسوة أو نفقة أو قضاء دين أو ما لا بد له منه ولا يندفع حاجته الا بالبيع أو يصرف عليه عن الوفاء بنفقته وما يحتاج إليه ب ان يكون في بيعه غبطة بان يدفع فيه زيادة كثيرة على ثمن مثله ويرغب إليه شريك أو جار بأكثر من ثمن مثله وهو يجد مثله ببعض ذلك الثمن أو يخاف عليه الخراب أو الهلاك بغرق أو حرق أو نحوه أو يكون ثقيل الخراج ومنزل الولاة ونحوه وبه قال الشافعي وقال احمد كل موضع يكون البيع أنفع ويكون نظرا لهم جاز ولا يختص بما تقدم وكذا لو كانت الدار سيئة الجيران ويتضرر الصبي بالمقام فيها جاز بيعها وشراء عوضها والجزئيات غير محصورة فالضابط اعتبار الغبطة وقد يكون الغبطة له في ترك البيع وان أعطاه الباذل ضعفي ثمنه إذا لم يكن به حاجة إلى الثمن أو لا يمكن صرف ثمنه في مثله ويخاف ضياعه فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من باع دارا أو عقارا ولم يصرف ثمنه في مثله لم يبارك له فيه مسألة يجوز للولي عن الطفل والمجنون بيع عقاره وغيره في موضع الجواز بالنقد والنسيئة وبالعرض بحسب ما يقتضيه المصلحة وإذا باع نسيئة زاد على ثمنه نقدا واشهد عليه وارتهن به رهنا وافيا فإن لم يفعل ضمن وهو قول أكثر الشافعية ونقل الجويني وجهين في صحة البيع إذا لم يرتهن وكان المشتري مليا وقال الأصح الصحة ولا يكون ضامنا اعتمادا على ذمة الملي وليس بمعتمد لأنه في معرض الاتلاف بخلاف الاقراض لأنه يجوز عند خوف الاتلاف ولا يحتاج الأب إذا باع مال ولده من نفسه نسيئة ان يرتهن له من نفسه بل يؤتمن في حق ولده وكذا البحث لو اشترى له سلما مع الغبطة بذلك مسألة إذا باع الأب أو الجد عقار الصبي أو المجنون وذكر انه للحاجة ورفع الامر إلى الحاكم جاز له ان يسجل على البيع ولم يكلفهما اثبات الحاجة أو الغبطة لأنهما متهمين في حق ولدهما ولو باع الوصي أو امين الحاكم لم يسجل الحاكم الا إذا قامت البينة على الحاجة أو الغبطة فإذا بلغ الصبي وادعى على الأب أو الجد بيع ماله من غير مصلحة كان القول قول الأب أو الجد مع اليمين وعليه البينة لأنه يدعي عليهما خلاف الظاهر إذ الظاهر من حالهما الشفقة وعدم البيع الا للحاجة ولو أدعاه على الوصي أو الأمين فالقول قوله في العقار وعليهما البينة لأنهما مدعيان فكان عليهما البينة وفي غير العقار الأولى ذلك أيضا لهذا الدليل وهو أحد وجهي الشافعية وفي الأخر انه يقبل قولهما مع اليمين والفرق عسر الاشهاد في كل قليل وكثير يبيعه ومن الشافعية من اطلق وجهين من غير فرق بين الأولياء سواء كانوا اباء أو أجدادا أو غرباء ولا بين العقار وغيره ودعوى الصبي والمجنون على المشتري من الولي كدعواهما على الولي مسألة وهل للوصي والأمين بيع مال الطفل والمجنون من نفسه وبيع مال نفسه منه منع منه جماعة من علمائنا والشافعي أيضا لقوله صلى الله عليه وآله لا يشتري الوصي من مال اليتيم والأقرب عندي الجواز والتهمة منتفية مع الوثوق بالعدالة ولان التقدير انه بالغ في النصيحة ولا استبعاد في كونه موجبا قابلا كما في الأب والجد إذا عرفت هذا فهل للأب والجد للأب ذلك الأولى ذلك وبه قال الشافعي لان شفقتهما عليه يوجب المناصحة وكذا يبيع الأب أو الجد عن أحد الصغيرين ويشتري للاخر وهل يشترط العقد فيقول بعت كذا عن فلان اشتريت كذا من فلان الأقرب ذلك كما لو باع من غيره وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يكتفي بأحدهما ويقام مقامهما كما أقيم الشخص الواحد مقام اثنين سواء كان بايعا عن أحد الصغيرين ومشتريا عن الأخر أو كان مشتريا لنفسه وبايعا عن الصغير أو بالعكس وإذا اشترى الولي للطفل فليشتر من ثقة امين يؤمن من جحوده في الثاني وحيلته في افساد البيع بان يكون قد أقر لغيره قبل البيع وما أشبه ذلك وحذرا من خروج الملك مستحقا ولا يجوز لولي الطفل ان يبيع الا بثمن المثل وقد تفرض المصلحة في البيع بدون ثمن المثل في بعض جزئيات الصور فليجز حينئذ مسألة وأما قرض مال الطفل والمجنون فإنه غير جايز الا مع الضرورة لما فيه من التغرير والتعريض للاتلاف بل إن أمكن الولي التجارة به أو شراء عقار له فيه الحظ لم يقرضه لما فيه من تفويت الحظ على اليتيم وان لم يمكن ذلك بان خاف من ابقائه في يده أو نهب أو سرقة أو حرق أو غير ذلك من الأسباب المتلفة أو المنقصة للمالية وكذا إذا أراد الولي السفر وخاف من استصحابه معه أو ابقائه في البلد جاز له اقراضه من ثقة ملي وان تمكن من الارتهان عليه وجب فإن لم يتفق الرهن ووجد كفيلا طالب بالكفيل ولو تمكن من الارتهان عليه فطلب الكفيل وترك الارتهان فقد فرط ولو استقرض الولي مع الولاية والملاءة جاز نظرا لمصلحة الطفل فقد روى العامة ان عمر استقرض مال اليتيم ومن طريق الخاصة ما رواه أبو الربيع عن الصادق (ع) انه سئل عن رجل ولى يتيم فاستقرض منه شيئا فقال إن علي بن الحسين عليهما السلام قد كان يستقرض من مال أيتام كانوا في حجره فلا بأس بذلك ولأنه ولي له التصرف في ماله بما يتعلق به مصلحة اليتيم فجاز له اقراضه للمصلحة وإذا كان للصبي مال في بلد فأراد الولي نقله عن ذلك البلد إلى أخر كان له اقراضه من ثقة ملي ويقصد بذلك حفظه من السارق وقاطع الطريق أو الغرق أو غير ذلك وكذا لو خاف على مال اليتيم التلف كما إذا كان له غلة من حنطة وشبهها وخاف عليها تطرق الفساد إليها اقرضها من الثقة الملي خوفا من (تشويشها) تسويسها وتغيرها لأنه يشتمل على نفع اليتيم فجاز كالتجارة ولو لم يكن لليتيم فيه حظ وانما قصد ارفاق المقترض وقضاء حاجته لم يجز اقراضه كما لم يجز هبته ولو أراد الولي السفر لم يسافر به واقرضه من ملي مأمون وهو أولى من الايداع
(٨١)