منها العتق دون المعاوضة فلم يجز كالاعتاق بغير عوض وهو غلط للفرق بين التعليق على أداء المال ودخول الدار فان في الأول نفعا لليتيم بخلاف الثاني فجاز الأول دون الثاني كالبيع مع زيادة على ثمن المثل وبدونه وكذا الفرق واقع بين الاعتاق على عوض وبدونه كالفرق بين البيع بثمن المثل وبدونه والأصل فيه ان ذلك يشتمل على معاوضة مطلوبة عند العقلاء فجاز للولي فعلها مع الطفل للمصلحة ولا فرق بينها وبين البيع بثمن مؤجل ولا عبرة بنفع العبد ولا يضره كونه معلقا فإنه إذا حصل الحظ للطفل لم يتضرر بنفع غيره وما ذكروه انما امتنع الحكم فيه لانتفاء المقتضي إذا المقتضى لتسويغ التصرف حصول المصلحة ولا مصلحة في تعليق العتق بدخول الدار ولا في الاعتاق بغير عوض ولو فرض ان المصلحة في العتق مجانا فالأقرب جوازه كما لو كان له عبد كبير لا ينتفع به في الاستخدام وغيره ولا يرغب في شرائه راغب فيعتقه ليخلص من مؤنته ونفقته وكذا لو كان له جارية وأمها وهما يساويان مجتمعين مائة ولو انفردت البنت ساوت مائتين ولا يمكن افرادهما بالبيع فأعتقت الام ليكثر ثمن البنت كان جايزا مسألة وللولي ان يهب مال الطفل بشرط الثواب مع المصلحة أما مع زيادة الثواب على العين أو مع تحصيل أمر من المتهب ينتفع به الطفل نفعا يزيد على بقاء العين له وقال الشافعي لا يجوز الهبة لا مطلقا ولا بشرط الثواب إذ لا يقصد بالهبة العوض وهو ممنوع إذ التقدير انه قصد الثواب وكذا للولي بذل مال الطفل في مصالحه كاستكفاف الظالم بالرشوة وتخليص ماله من تعويقه واطلاق زرعه وماء شربه وأشباه ذلك ولو طمع السلطان في مال اليتيم فأعطاه الوصي شيئا منه فإن كان يقدر على دفعه بدون المدفوع ضمن والا فلا مسألة ليس للولي ان يطلق زوجة الصبي لا مجانا ولا بعوض لان المصلحة بقاء الزوجية لأنه لا نفقة لها عليه قبل الدخول ولو باع شريكه شقصا مشفوعا كان له الاخذ أو الترك بحسب المصلحة فان ترك بحكم المصلحة ثم بلغ الصبي وأراد الاخذ لم يمكن منه لان ترك وليه مع اقتضاء المصلحة كان ماضيا والشفعة على الفور فكما لا يثبت له لو كان بالغا وترك كذا لا يثبت مع ترك الولي وهذا أصح وجهي الشافعية كما لو أخذ بحكم المصلحة ثم بلغ وأراد رده لم يكن له ذلك والثاني يجاب إلى ذلك لأنه لو كان بالغا لكان له الاخذ سواء وافق المصلحة أو خالفها والاخذ المخالف للمصلحة لم يدخل تحت ولاية الولي فلا يفوت عليه بتصرف الولي مسألة لا يجوز أن يشتري الوصي أضحية ويضحي بها عن اليتيم وكذا الأب لا يضحي عن ولده الصغير من مال الصغير وان ضحى من مال نفسه كان متبرعا وبه قال أبو حنيفة إذ لا مصلحة لليتيم فيه وقال احمد يجوز للولي ان يشترى للصبي أضحية إن كان من أهل ذلك وكان له مال وافر لا يتضرر بشراء الأضحية ويكون ذلك على وجه التوسعة في النفقة في هدم يوم الفرح والسرور الذي هو عيد وفيه جبر قلب الطفل وأهله وتطييبه والحاقه بمن له أب فينزل منزلة شراء اللحم خصوصا مع استحباب التوسعة في هذا اليوم وجرى العادة عليه قال رسول الله صلى الله عليه وآله انها أيام أكل وشرب وبعال ولا بأس به ويجوز للولي ان يجعل الصبي في المكتب وعند معلم القران العزيز والأدب والفقه وغيرها من العلوم إن كان من أهل ذلك وله ذكاء وفطنة كما يفعل الانسان بولده ذلك لان ذلك كله من مصالحه فجري مجرى نفقته كمأكوله ومشروبه وملبوسه وبه قال احمد وقال سفين ليس للوصي ان يسلم الصبي إلى معلم الكتابة الا بقول الحاكم وأنكر احمد ذلك غاية الانكار وكذا يجوز للوصي تسليم الصبي إلى معلم الصناعة إذا كانت مصلحته في ذلك والأقرب عندي انه لا يسلم الا في صناعة يليق به ولا يثلم من مجده إن كان من أرباب البيوت وليس له ان يسلمه إلى معلم السباحة لما فيه من التغرير الا ان يكون تعليمه في ماء لا يغمره ولا يخاف عليه الغرق فيه مسألة ويجب على الولي ان يخرج من ماله الحقوق الواجبة في ماله كأروش الجنايات والديون التي ركبته بسبب استدانة الولي عنه أو بسبب ديون مورثه وكذا يخرج عنه الزكاة المستحبة مع ثبوت استحبابها وان لم تطلب ونفقة الأقارب ان طلبت وإذا دعت الضرورة في حريق أو نهب إلى المسافرة بماله سافر به وان لم يكن هناك ضرورة فإن كان الطريق مخوفا لم يجز له السفر به فان سافر ضمن وإن كان أمينا فالأقرب انه لا يجوز الا مع تيقن الامن وللشافعية وجهان المنع مطلقا كالمسافرة بالوديعة والجواز مطلقا لان المصلحة قد يقتضي ذلك والولي مأمور بالمصلحة بخلاف المودع وإذا كان له أن يسافر به كان له أن يبعثه على يد امين مسألة لا يجوز لغير الولي والحاكم اقراض مال الصغير لانتفاء ولايته عليه فان اقرض ضمن الا ان يحصل ضرورة إلى الاقراض فيجوز للعدل اقراضه من ثقة ملي كما إذا حصل نهب أو حريق ولا ضمان حينئذ لأنه بفعله محسن فلا يستعقب فعله الضمان لأنه سبيل وقد قال تعالى ما على المحسنين من سبيل وكذا لا يجوز للولي اقراض مال اليتيم لغير ضرورة من نهب أو غرق أو حرق أو إذا سافر أما الحاكم فإنه يجوز له الاقراض وان لم يحصل هذه الموانع لكثرة اشتغاله قاله بعض الشافعية وسوى آخرون بين الحاكم وغيره في جواز الاقراض مع الضرورة وعدمه مع عدمها وهو الوجه عندي مسألة قال الله تعالى وابتلوا اليتامى أي اختبروهم فان انستم منهم رشدا اي أبصرتم كما قال الله تعالى حكاية عن موسى (ع) اني انست من جانب الطور نارا اي أبصرت وقوله تعالى ولا تأكلوها اسرافا وبدارا ان يكبروا معناه لا تأكلوا أموال اليتامى مبادرة لئلا يكبروا فيأخذوها ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف إذا عرفت هذا فالولي إما ان يكون غنيا أو فقيرا فإن كان غنيا استحب له ان يستعفف عنه فلا يأكل منه شيئا عملا بالآية وهل يسوغ له مع الاستغناء اخذ شئ من ماله الأقرب ذلك على سبيل أجرة المثل ولا يأخذ زيادة عليه لما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق (ع) في قول الله عز وجل فليأكل بالمعروف قال المعروف هو القوت وانما عنى الوصي والقيم في أموالهم ما يصلحهم وعن حنان بن سدير عن الصادق (ع) قال قال الصادق سألني عيسى بن موسى عن القيم للأيتام في الإبل ما يحل له منها فقلت إذا لاط حوضها وطلب ضالها وهنا جرباها فله ان يثيب من لبنها من غير نهك بضرع ولا فساد نسل وعن هشام بن الحكم عن الصادق (ع) قال سألته فيمن تولي مال اليتيم ما له ان يأكل منه قال ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الاجر فليأكل بقدر ذلك فهذا يدل على الرجوع إلى أجرة المثل قال الشيخ في النهاية فمتى كان وليا يقوم بأمرهم وبجمع أموالهم وسد خلاتهم وجمع غلاتهم ومراعاة مواشيهم جاز له ان يأخذ من أموالهم قدر كفايته وحاجته من غير اسراف ولا تفريط ثم قال والمتولي لأموال اليتامى والقيم بأمورهم يستحق اجرة مثله فيما يقوم به من مالهم من غير زيادة ولا نقصان فان نقص نفسه كان له في ذلك فضل وثواب وان لم يفعل كان له المطالبة باستيفاء حقه من أجرة المثل فأما الزيادة فلا يجوز له أخذها على حال ولأنه عمل يستحق عليه الأجرة فكان لعامله المطالبة بالأجرة كغيرها من الأعمال وقال الشافعي إذا كان غنيا لم يجز له أخذ شئ من مال اليتيم وبه قال احمد للآية وقال احمد إن كان أبا كان له ان يأخذ الأجرة والآية محمولة على الاستحباب لقوله فليستعفف فان المفهوم منه الاستحباب وقد روي سماعة عن الصادق (ع) في قول الله عز وجل ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف قال من كان يلي شيئا لليتامى وهو محتاج ليس له ما يقيمه فهو يتقاضى أموالهم ويقوم في ضيعتهم فليأكل بقدر ولا يسرف وإن كانت ضيعتهم لا يشغله عما يعالج لنفسه فلا يزرأ من أموالهم شيئا وإن كان فقيرا جاز ان يأخذ اجماعا وفى قدره خلاف الأقرب أن يقول يستحق أجرة المثل لما تقدم لكن يستحب له ان يأخذ أقل الأمرين من أجرة المثل وقدر الكفاية لقوله تعالى ومن كان غنيا فليستعفف وبحصول الكفاية يحصل الاستغناء وقال الشافعي إن كان فقيرا وانقطع بسببه من الاكتساب فله أخذ قدر النفقة وقال بعض أصحابنا يأخذ أقل الأمرين من قدر النفقة وأجرة المثل وبه قال احمد لأنه يستحقه بالعمل والحاجة جميعا فلم يجز له ان يأخذ الا إذا وجدا
(٨٣)