خصت أيضا به بعد خمس وعشرين والمنطوق الذي استدللنا به أولى من مفهومه وكونه جدا ليس تحته معنى يقتضي الحكم ولا أصل له في الشرع يشهد له بالاعتبار فيكون اثبات للحكم بالتحكم ثم هو ثابت فيمن له دون هذا السن فان المراة تكون جدة لاحدى وعشرين وقياسهم منتقض بمن له دون خمس وعشرين سنة وموجب الحجر قبل خمسة وعشرين ثابت بعدها فيثبت حكمه مسألة هذا المحجور عليه للسفه قبل بلوغه خمسا وعشرين سنة وبعد بلوغه بالاحتلام لا ينفذ تصرفه البتة في شئ ولا ينفذ اقراره ولا يصح بيعه عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لأنه لا يدفع إليه ماله لعدم رشده فلا يصح تصرفه واقراره كالصبي والمجنون ولأنه إذا نفذ اقراره وبيعه تلف ماله بذلك ولم يفد منعه من ماله وقال أبو حنيفة يصح بيعه واقراره وانما لا يسلم إليه ماله الا بعد خمس وعشرين سنة وبني ذلك على أصله من أن البالغ لا يحجر عليه وانما يمنع من تسليمه المال للآية وهو خطأ فان تصرفه لو كان نافذا لسلم إليه ماله كالرشيد ولأنه لا فرق بين ان يسلم إليه أو إلى من يقبضه بسببه فإنه إذا باع وجب تسليمه إلى المشتري والا لم يفد تصرفه شيئا فكان يتسبب إلى اتلاف ماله بوسايط المشتريين؟ مسألة لو بلغ وصرف أمواله في وجوه الخير كالصدقات وفك الرقاب وبناء المساجد والمدارس وأشباه ذلك فذلك ظاهر مما لا يليق به كالتاجر وشبهه تبذير وبه قال بعض الشافعية لأنه اتلاف للمال قال الله تعالى ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ان ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وهو صريح في النهي عن هذه الأشياء وتضييع المال بالقائه في البحر أو باحتمال الغبن الفاحش في المعاملات ونحوها تبذير وكذا الانفاق في المحرمات وكذا صرفه في الأطعمة النفيسة وبه قال بعض الشافعية للعادة وقال أكثرهم لا يكون تبذيرا لان الغاية في تملك المال الانتفاع به والالتذاذ وكذا قالوا إن شراء الثياب الفاخرة وان لم يكن لايقة به والاكثار من شراء الغانيات والاستمتاع بهن وما أشبه ليس تبذيرا وبالجملة حصر أكثرهم التبذير في التضييعات كالرمي في البحر واحتمال الغبن الفاحش وشبهه وفي الانفاق في المحرمات وليس بجيد على ما سلف مسألة المراة كالذكر إذا بلغت وعلم رشدها زال الحجر عنها ودفع إليها مالها عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وعطا والثوري وأبو ثور وابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين لعموم قوله تعالى وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان انستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولأنها يتيم بلغ وأنس منه الرشد فيدفع إليه ماله كالرجل ولأنها بالغة رشيدة فدفع إليها مالها ونفذ تصرفها كالتي دخل بها الزوج وعن أحمد رواية أخرى ان المراة لا يدفع إليها مالها ما لم تتزوج أو تلد أو يمضي لها في بيت زوجها سنة سواء بلغت رشيدة أو لا وبه قال عمر بن الخطاب وشريح والشعبي وإسحاق لما رواه شريح قال عهد إلي عمر بن الخطاب ان لا تحبين الجارية عطية حتى تحول في بيت زوجها أو تلد ولدا وهذا الخبر ليس حجة لان قول عمر لا يجب المصير إليه وليس مشهورا لا ورد به الكتاب ولا عضده خبر عن النبي صلى الله عليه وآله ولا افتى به أحد من الصحابة ولا دل عليه قياس ولا نظر مع أنه لو كان حجة لكان مختصا بالعطية ولا يلزم من منع العطية منع مالها عنها ولا منعها من قبضه والتصرف فيه بما شاءت وقال مالك لا يدفع إليها مالها حتى تتزوج ويدخل عليها زوجها فإذا نكحت دفع إليها مالها بإذن الزوج ولا ينفذ تبرعها بما زاد على الثلث الا بإذن الزوج ما لم تصر عجوزا لان كل حالة جاز للأب تزويجها فيها من غير اذنها لم ينفك عنها الحجر كالصغير فإذا كان للأب اجبارها على النكاح كانت ولاية المال لغيرها ونحن نمنع اجبارها على النكاح بل متى بلغت رشيدة كان امرها في النكاح وغيره إليها على ما سيأتي إن شاء الله تعالى سلمنا لكن الفرق ظاهر فان مصلحتها في النكاح لا يقدر على معرفتها الا بمباشرة الأب أو بمباشرتها بعد وقوعه وبالجملة فان للأب اجبارها على النكاح لان اختيارها لا يمكن بالنكاح بخلاف المعاملات من البيع والشراء وغيرهما فإنه يمكن معرفته ومباشرته قبل النكاح وبعده وعلى هذه الرواية إذا لم يتزوج دام الحجر عليها عند احمد ومالك لفقد رفع شرط الحجر مسألة إذا بلغت المراة رشيدة صح تصرفها في مالها سواء اذن زوجها أو منع وسواء كانت متبرعة أو لا وسواء كان بقدر الثلث أو أزيد عند علمائنا أجمع و به قال الشافعي وأبو حنيفة وابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين لعموم قوله تعالى فان انستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم وهو ظاهر في فك الحجر عنهم واطلاقهم في التصرف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن وأنهن تصدقن فقبل صدقتهن ولم يسأل ولم يستفصل وجاءته امرأة عبد الله وامرأة أخرى يقال لها زينب فسألته عن الصدقة هل يجزيهن ان يتصدقن على أزواجهن وأيتام لهن فقال نعم ولم يذكر لهن هذا الشرط ولان من وجب دفع ماله إليه برشده جاز له التصرف فيه من غير اذن كالغلام ولأن المرأة من أهل التصرف ولا حق لزوجها في مالها فلا يملك الحجر عليها في التصرف بجميعه كحليها وقال مالك واحمد في الرواية الأخرى ليس لها ان تتصرف في مالها بأزيد من الثلث بغير عوض إلا بإذن زوجها وحكى عن مالك في امرأة أعتقت جارية لها ليس لها غيرها فخشيت ولها زوج من ذلك يقليها زوجها قال له ان يرد عليها وليس لها عتق لما روى أن امرأة كعب بن مالك أتت النبي صلى الله عليه وآله بحلي لها فقال النبي صلى الله عليه وآله لا يجوز للمرأة عطية حتى يأذن زوجها فهل استأذنت كعبا فقالت نعم فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى كعب فقال هل أذنت لها ان تتصدق بحليها فقال نعم فقبله وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال في خطبة خطبها لا يجوز لامرأة عطية في مالها إلا بإذن زوجها إذ هو مالك عصمتها ولقوله صلى الله عليه وآله ينكح المرأة لدينها وجمالها ومالها والعادة جارية ان ينبسط في مالها وينتفع بجهازها قالوا وكذا يجب عليها عنده التجهيز فلهذا كان له منعها ولان العادة يقضي بان الزوج يزيد في مهرها من أجل مالها وإذا أعسر بالنفقة انظر فجرى ذلك مجرى حقوق الورثة المتعلقة بمال المريض وحديثهم مرسل على أنه محمول على ما هو الظاهر منه وهو انه لا يجوز عطيتها بماله بغير اذنه لأنه وافق على تجويز عطيتها من مالها دون الثلث وليس معهم حديث يدل على تحديد المنع بالثلث فيكون التحديد الثلث تحكما لا دليل فيه ولا قياس يدل عليه والفرق بين الزوجة والمريض من وجوه آ المرض يفضي إلى وصول النظر إليهم بالميراث والزوجية انما تجعله من أهل الميراث فهو أحد وصفي العلة فلا يثبت الحكم بمجردها كما لا يثبت للمرأة الحجر على زوجها ولا لساير الوراث بدون المرض ب تبرع المريض موقوف فان برأ من مرضه صح تبرعه وهنا أبطلوه على كل حال والفرع لا يزيد على أصله ج ينتقض ما ذكروه بالمرأة فإنها تنتفع بمال زوجها وتنبسط عليه عادة ولها النفقة منه وانتفاعها بماله أكثر من انتفاعه من مالها وليس لها الحجر عليه على أن هذا المعنى ليس موجودا في الأصل ومن شرط صحة القياس ثبوت الحكم في الأصل والمرأة قد ترغب في الرجل لماله ولا تعترض عليه في تصرفه فكذا الرجل وانتفاعه بمالها لا يستحقه ولا يجب عليها التجهيز له ولو كان لذلك لاختص بما يستعمل دون ساير مالها مسألة قد بينا ان للمرأة الصدقة من مال زوجها بالشئ اليسير من المأكول والمأدوم بشرط عدم الاضرار وعدم المنع منه وهو إحدى الروايتين عن أحمد لان عايشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة كان لها اجره وله مثله بما كسب ولها بما أنفقت وللجارية مثل ذلك من غير أن ينتقض من أجورهم شئ ولم يذكر اذنا أتت أسماء النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ليس لي شئ الا ما ادخل الزبير فهل علي جناح ان أوضح مما يدخل علي فقال أوضحي مما استطعت ولا توعى؟ عليك واتت امرأة النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله أنأكل على أزواجنا وابائنا فما يحل لنا من أموالهم قال الرطب تأكله ولان العادة قاضية بالسماح به وطيب النفس عنه فجرى مجرى التصريح بالاذن كما أن تقديم الطعام بين يدي الاكل قائم مقام صريح الاذن في اكله والرواية الثانية عن أحمد انه لا يجوز لان أبا أمامة الكاهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لا تنفق المرأة من بيتها الا بإذن زوجها
(٧٦)