عن أحدهما للاخر وحقيقة العهدة الكتاب الذي يكتب فيه وثيقة البيع ويذكر فيه الثمن فغرمه عن الثمن الذي يضمنه مسألة وكما يصح ضمان العهدة للمشترى ويصح ضمان الصبخة للبايع فإذا جاء المشتري بصبخة ووزن بها الثمن فاتهمه البايع فيها فضمن ضامن النقصان إن كانت الصبخة ناقصة صح الضمان لأنه من ضمان العهدة وكذا لو ضمن رداءة الثمن إذا شك البايع في أن الثمن الذي دفعه المشتري هل هو من الضرب الذي يستحقه صح فإذا خرج ناقصا طالب البايع الضامن بالنقصان وكذا لو خرج رديا من غير الجنس الذي يستحقه المشتري فرده على البايع طالب المشتري الضامن بالضرب المستحق له ولو اختلف المتبايعان في نقصان الصبخة فالقول قول البايع مع يمينه لأصالة عدم القبض فإذا حلف طالب المشتري بالنقصان ولا يطالب الضامن على أقيس الوجهين للشافعية لان للأصل براءة ذمته فلا يطالب الا إذا اعترف بالنقصان أو قامت عليه البينة ولو اختلف البايع والضامن في نقصان الصبخة صدق الضامن وهو أصح وجهي الشافعية لان الأصل براءة ذمته بخلاف المشتري فان ذمته كانت مشغولة بحق البايع فالأصل بقاء الشغل ويحتمل تقديم قول البايع لاعتضاده بالأصل ولو باع وشرط كون المبيع من نوع كذا فخرج المبيع من نوع ارداء ثبت للمشتري الخيار والرجوع بالثمن فإذا ضمن ضامن كان له الرجوع على الضامن أيضا وفيه نظر عندي إذ الثمن هنا لم يكن واجبا على البايع وانما وجب بفسخ المشتري المبيع ولو شرط كون المبيع كذا رطلا فخرج دونه فان قلنا ببطلان البيع كما هو أحد قولي الشافعي كان للمشتري الرجوع لي ضامن الصبخة عن البايع وان قلنا بان البيع صحيح وثبت للمشتري الخيار فإذا فسخ رجع على الضامن أيضا وفيه النظر الذي قلناه مسألة لو ضمن رجل عهدة الثمن أو خرج مستحقا كما قلناه في طرف المبيع فإذا خرج الثمن مستحقا كان للبايع مطالبة الضامن بالعين التي دفعها إلى المشترى إن كان ذلك بعد الدفع وفيما قبله قولان للشافعي تقدما ولو ضمن عهدة الثمن لو خرج المبيع مستحقا فلا شك في صحته كما سبق الا من بعض الشافعية وقد بينا خطاهم فيه أما لو ضمن عهدة الثمن لو خرج المبيع معيبا ورده أو بان فساد البيع بسبب غير الاستحقاق كتخلف شرط معتبر في المبيع أو اقتران شرط فاسد به فالأقوى عندي عدم الجواز في الصورة التي خرج المبيع فيها معيبا لان وجوب رد الثمن على البايع بسبب حادث وهو الفسخ والضمان سابق عليه فيكون ضمان ما لم يجب وهو أحد قولي الشافعي وأما إذا ظهر فساد البيع بسبب غير الاستحقاق من تخلف شرط معتبر واقتران شرط فاسد به فالأقوى عندي صحة الضمان لان الثمن يجب رده على البايع فأشبه ما لو بان الفساد بالاستحقاق وهو أحد قولي الشافعي وفي الثاني لا يصح الضمان لان هذا الضمان انما جوز للحاجة انما تظهر الحاجة في الاستحقاق لان التجوز عن ظهور الاستحقاق ولا يمكن والتحرز عن سائر أسباب الفساد ممكن بخلاف حالة ظهور الاستحقاق ونمنع امكان التحرز عن جميع أسباب الفساد فان قلنا بالصحة لو ضمن ذلك صريحا قالت الشافعية فيه وجهان في اندراجه تحت مطلق ضمان العهدة مسألة الفاظ ضمان العهدة أن يقول الضامن للمشتري ضمنت لك عهدته أو ثمنه أو دركه أو خلصتك منه ولو قال ضمنت لك خلاص المبيع أو العهدة لم يصح ضمان الخلاص لأنه لا يقدر على ذلك حتى خرج مستحقا وفي العهدة قولا تفريق الصفقة للشافعية وقال أبو يوسف العهدة كتاب الابتياع فإذا ضمن العهدة كان ضمانا للكتاب وهو غلط لان العهدة صار في العرف عبارة عن الدرك وضمان الثمن وإذا ثبت للاسم عرف انصرف الاطلاق إليه ولو شرط في البيع كفيلا بخلاص المبيع قال الشافعي بطل بخلاف ما لو شرط كفيلا بالثمن ويشترط ان يكون قدر الثمن معلوما للضامن من أن شرطنا العلم بالمال المضمون فإن لم يكن فهو كما لو لم يكن قدر الثمن معلوما في المرابحة ويصح ضمان المسلم فيه للمسلم إليه ولو خرج رأس المال مستحقا بعد تسليم المسلم فيه وقبله الشافعية وجهان أصحهما عندهم انه لا يصح ولا يجوز ضمان رأس المال للمسلم لو خرج المسلم فيه مستحقا لان المسلم فيه في الذمة والاستحقاق لا يتصور فيه وانما يتصور في المقبوض وحينئذ يطالب بمثله لا برأس المال مسألة ضمان المال عندنا ناقل للمال من ذمة المديون إلى ذمة الضامن على ما يأتي وفي ضمان الأعيان المضمونة والعهدة اشكال أقربه عندي جواز مطالبة كل من الضامن والمضمون عنه بالعين المغصوبة أما الضامن فللضمان وأما المضمون عنه فلوجود العين في يده أو تلفها فيه وفي العهدة ان شاء المشتري طالب البايع وان شاء طالب الضامن لان القصد هنا بالضمان التوثيق لا غير ولا فرق بين ان يخرج المبيع مغصوبا وبين ان يكون شقصا قد ثبتت فيه الشفعة ببيع سابق فأخذ الشفيع بذلك البيع ولو بان بطلان البيع بشرط أو غيره ففي مطالبة الضامن للشافعية وجهان أحدهما يطالب كما لو خرج مستحقا وهو الذي قلنا نحن به والثاني لا يطالب للاستغناء عنه بامكان حبس المبيع إلى استرداد الثمن لان السابق إلى الفهم من ضمان العهدة هو الرجوع بسبب الاستحقاق وليس بجيد بل بسبب الاستحقاق والفساد ولو خرج المبيع معيبا فرده المشتري ففي مطالبة الضامن بالثمن عندي اشكال وللشافعية وجهان قالوا وأولى بان يطالب فيه لان الرد هنا بسبب حادث وهو فيه فأشبه ما إذا فسخ بخيار شرط أو مجلس أو تقايلا وهذا إذا كان العيب مقرونا بالعقد أما لو حدث في يد البايع بعد العقد قال بعض الشافعية لا يطالب الضامن وهو المعتمد عندي لان سبب رد الثمن لم يكن مقرونا بالعقد ولم يوجد من البايع تفريط فيه وفي العيب الموجود عند البيع سبب الرد ومقرون بالعقد والبايع مفرط بالاخفاء فالحق بالاستحقاق ولو تلف المبيع قبل القبض قبل قبض الثمن وانفسخ العقد فهل يطالب الضامن بالثمن ان قلنا إن البيع ينفسخ من أصله فهو كظهور الفساد بغير الاستحقاق وان قلنا ينفسخ من حينه فكالرد بالعيب مسألة لو خرج بعض المبيع مستحقا كان البيع في الباقي صحيحا وللمشتري فسخه على ما تقدم فللشافعي في الصحة البيع في الباقي قولا تفريق الصفقة فعلى ما اخترناه وعلى قوله بالصحة في تفريق الصفقة إذا أجاز المشتري بالصحة من الثمن طالب المشتري الضامن بحصة المستحق من الثمن وان أجاز بجميع الثمن لم يكن له مطالبة الضامن بشئ وللشافعية قولان في أنه هل يجبر بجميع الثمن أو بالحصة والحكم على ما قلناه وان فسخ طالب الضامن بحصة المستحق من الثمن وأما حصة الباقي من الثمن فإنه يطالبه بها لبايع وهل له مطالبة الضامن أما عندنا فلا وللشافعي قولان كما لو فسخ بالعيب وعلى القول الثاني للشافعي في بطلان البيع مع تفريق الصفقة فله طريقان أحدهما انه كما لو ابان فساد العقد بشرط ونحوه والثاني القطع بتوجيه المطالبة لاستناد الفساد إلى الاستحقاق لان فسخ العقد ثبت له بسبب الاستحقاق وما ثبت له بسبب الاستحقاق يرجع به على ضامن العهدة كما لو كان الكل مستحقا هذا إذا ضمن بالصيغة المذكورة أولا أما إذا كان قد عين جهة الاستحقاق فقال ضمنت لك الثمن متى خرج المبيع مستحقا لم يطالب بجهة أخرى وكذا لو عين جهة أخرى لا يطالب عند ظهور الاستحقاق مسألة لو اشترى أرضا وبنى فيها أو غرس ثم ظهر استحقاق الأرض وقلع المستحق البناء والغرس فهل يجب على البايع أرش النقصان وهو ما بين قيمته قائما ومقلوعا فيه خلاف يأتي والظاهر وجوبه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إن كان البايع حاضرا رجع المشتري بقيمة البناء والغراس عليه قائما ثم المستحق ان شاء اعطى البايع قيمته وان شاء أمر بقلعه وإن كان البايع غايبا قال المستحق للمشتري ان شئت أعطيتك قيمته مقلوعا والا فاقلعه فان قلعه رجع المشتري بقيمته على البايع مقلوعا لأنه سلمه إليه مقلوعا وإذا قلنا بوجوب الأرش على البايع فلو ضمنه منه فإن كان قبل ظهور الاستحقاق لم يصح عند الشافعي لان مجهول ولأنه ضمان ما ليس بواجب وإن كان بعد الاستحقاق وقبل القلع فكمثله وقال أبو حنيفة يصح في الصورتين فان ضمنه بعد القلع وكان قدره معلوما صح
(٩٢)