قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله والطعام قال ذاك أفضل أموالنا وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفسه وقال إن الله حرم بينكم دماءكم وأموالكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ولأنه تبرع بمال غيره بغير اذنه فلم يجز كغير الزوجة والحق الأول لما تقدم من الأدلة والأحاديث من طريق العامة والخاصة خاصة فتقدم على أحاديث احمد العامة والحديث الخاص بهذه الصورة ضعيف وقياس المرأة على غيرها باطل لان العادة قاضية بالفرق بينهما فان المرأة تنبسط في مال زوجها ويتصرف بالمأكول منه بالعادة والاذن العرفي قائم مقام الاذن الحقيقي أما لو منعها فقال لا تتصدقي من مالي لا بقليل ولا بكثير ولا تبرعي بشئ منه فإنها لا يجوز لها التصرف في شئ الا باذنه اجماعا لان المنع الصريح نفي الاذن العرفي ولو كان في بيت الرجل من يقوم مقام امرأته كجارية وأخت وخادمة وبنت ممن يتصرف في مأكول الرجل جرى مجرى الزوجة ان لم يعلم الكراهية ولو كانت امرأته ممنوعة من التصرف في بيت زوجها كالتي يطعمها بالفرض ولا يمكنها من طعامه ولا من التصرف في شئ من ماله لم يجز لها الصدقة بشئ من ماله مسألة إذا بلغ الصبي لم يدفع إليه ماله الا بعد العلم برشده ويستديم التصرف في ماله من كان متصرفا فيه قبل بلوغه أبا كان أو جدا أو وصيا أو حاكما أو امين حاكم فان عرف رشده انفك الحجر عنه ودفع إليه المال وهل يكفي العلم بالبلوغ والرشد في فك الحجر عنه لم يفتقر إلى حكم الحاكم وفك القاضي الأقرب الأول لقوله تعالى فان انستم منهم رشدا فادفعوا ولزوال المقتضي للحجر وهو الصبى وعدم العلم بالرشد فيزول الحجر ولأنه حجر لم يثبت بحكم الحاكم فلا يتوقف زواله على إزالة الحاكم كحجر المجنون فإنه يزول بمجرد الإفاقة ولأنه لو توقف على ذلك لطلب الناس عند بلوغهم فك الحجر عنهم من الحكام ولكان ذلك عندهم من أهم الأشياء وهو أصح قولي الشافعية وقال بعضهم يحتاج إلى فك القاضي لان الرشد يعلم بنظر واجتهاد قال هؤلاء فكما ينفك الحجر عن الصبي عند البلوغ والرشد بفك القاضي ينفك بفك الأب والجد وفي الوصي والقيم لهم وجهان وهو يقتضي بطلان قولهم بحاجة إزالة الفك إلى النظر والاجتهاد قالوا وإذا كان الحجر لا يزول حتى يزيله القاضي أو من ذكرنا فتصرفه قبل إزالة الحجر كتصرف من أنشأ الحجر عليه بالسفه الطارئ بعد البلوغ ويجري الخلاف فيما إذا بلغ غير رشيد ثم صار رشيدا مسألة إذا بلغ رشيدا وزال الحجر عنه ثم صار مبذرا وعاد إلى السفه حجر عليه ثانيا عند علمائنا وبه قال القاسم بن محمد ومالك والشافعي والأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وأبو يوسف ومحمد لقوله تعالى فان انستم منهم رشدا فادفعوا دل بمفهومه على تعليل جواز الدفع بعلم الرشد فإذا انتفت العلة انتفى الحكم واستدل الشافعي أيضا باجماع الصحابة عليه لما رواه عروة بن الزبير ان عبد لله بن جعفر رحمه الله ابتاع بيعا فقال علي (ع) لآتين عثمان يحجر عليك فاتى عبد الله بن جعفر الزبير فقال قد ابتعت بيعا وان عليا (ع) يريد ان يأتي عثمان فيسأله الحجر علي فقال الزبير انا شريكك في البيع فاتى علي (ع) عثمان فقال له ان عبد الله بن جعفر قد ابتاع بيع كذا فاحجر عليه فقال الزبير انا شريكه في البيع فقال عثمان كيف احجر على رجل شريكه الزبير قال احمد لم اسمع هذا الا من أبي يوسف القاضي ولم يخالف علي (ع) ذلك وهذه قضية مشهورة يشتهر مثلها ولم ينقل خلاف فكانت اجماعا ولان التبذير لو قارن البلوغ منع من دفع المال فإذا حدث أوجب انتزاع المال كالجنون ولا المقتضي للحجر عليه أولا حفظ المال لان الصبي وان لم يتلف المال فإنه غير مأمون عليه لامكان صدور الاتلاف عنه فإذا كان الاتلاف صادرا عنه حقيقة كان الحجر عليه أولى وقال أبو حنيفة وزفر لا يحجر عليه وتصرفه نافذ في ماله وهو مروي عن ابن سيرين والنخعي لأنه حر مكلف فلا يحجر عليه كالرشيد ولأنه يصح طلاقه فتصح عقوده كالرشيد والقياس باطل لان الرشيد حافظا لماله فدفع إليه بخلاف السفيه والطلاق ليس اتلاف مال ولا يتضمنه فلم يمنع منه ولهذا يملكه العبد دون التصرف في المال بغير اذن سيده مسألة إذا عاد مبذرا مضيعا لماله بعد رشده ودفع المال إليه فإنه يحجر عليه ويؤخذ المال منه كما تقدم ولا يحجر عليه الا الحاكم ولا يصير محجورا عليه الا بحكم القاضي وبه قال الشافعي واحمد وأبو يوسف لان التبذير يختلف ويحتاج إلى الاجتهاد فإذا افتقر السبب إلى الاجتهاد لم يثبت الا بحكم الحاكم كما أن ابتداء مدة العنة لا يثبت الا بحكم الحاكم لموضع الاختلاف فيها والاجتهاد فكذا هنا ولأنه حجر مختلف فيه فلا يثبت الا بحكم الحاكم كالحجر على المفلس وقال محمد يصير بالتبذير محجورا عليه وان لم يحكم به الحاكم لان التبذير سبب يثبت معه الحجر فلم يفتقر إلى حكم الحاكم كالجنون والفرق ان الجنون لا يفتقر إلى الاجتهاد ولا خلاف فيه وقال بعض الشافعية ان الحجر يعيده الأب والجد وليس مشهورا مسألة إذا قلنا بمذهب الشيخ رحمه الله ان الرشد عبارة عن العدالة وصلاح المال فلو بلغ رشيدا عدلا فأزيل الحجر عنه ثم صار بعد فك الحجر عنه فاسقا في دينه فهل يعاد عليه الحجر قال الشيخ رحمه الله الأحوط ان يحجر عليه واستدل عليه بقوله تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم وما رواه العامة ان النبي (ص) قال اقبضوا على أيدي سفهائكم ولا يصح القبض الا بالحجر ومن طريق الخاصة ما روى عنهم عليهم السلام انهم قالوا شارب الخمر سفيه وللشافعي وجهان أحدهما يحجر عليه وهو قول أبي العباس بن شريح لان ذلك مانع في فك الحجر فأوجب الحجر عليه ويستدام الحجر به كالتبذير والثاني لا يحجر عليه وبه قال أبو إسحاق لان الحجر انما كان لحفظ المال والفسق في الدين يورث تهمة فيه فمنع ذلك ثبوت الرشد وفك الحجر وإذا طرأ بعد ذلك أورث تهمة في المال فلم يثبت بذلك ابتداء الحجر بخلاف التبذير لأنه قد علم منه افساده للمال منه ولم ينقل عن أحد انه حجر حاكم على فاسق ولا يجوز القياس على استدامة الحجر لان الحجر هناك كان ثابتا والأصل بقاؤه وهنا ثبت الاطلاق والأصل بقاؤه فلا يلزم من الاكتفاء بالفسق استصحاب الاكتفاء به لترك الأصل ويخالف التبذير لأنه يتحقق به إضاعة المال وبالفسق لا يتحقق ونحن لما ذهبنا إلى أن الفسق لا يوجب الحجر وانه لا يشترط في الرشد العدالة لم يثبت الحجر عندنا بطريان الفسق ما لم ينضم إليه تضييع المال في المحارم وغيرها مسألة السفيه إذا زال بتبذيره أو فسقه فك الحاكم الحجر عنه فان عاد إلى ذلك أعاد عليه الحجر لان الحجر كان لعلة وإذا زالت العلة زال الحكم فان عادت العلة عاد الحكم قضاء للعلية ولا يحجر عليه الا بحكم الحاكم ولا يزول الحجر عنه الا بحكمه لاحتياجه إلى الاجتهاد في حجره وفي فكه معا وحجر المفلس قد بينا انه لا يثبت الا بحكم الحاكم والأقرب زواله بقضاء الديون وللشافعي وجهان وأما المرتد فإنه يحجر عليه بنفس الردة وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه بحكم الحاكم كالسفيه فإذا أسلم ولم يكن عن فطرة زال حجره اجماعا بنفس الاسلام إذا ثبت هذا فكل من صار محجورا عليه بحكم الحاكم فأمره في ماله إلى الحاكم ومن حجر عليه بغير حكم الحاكم فأمره في ماله إلى الأب والجد للأب إذا عرفت هذا فإذا حجر من طرأ عليه السفه ثم عاد رشيدا فان قلنا الحجر عليه لا يثبت الا بحكم الحاكم فلا يرفع الا برفعه وان قلنا يثبت بنفسه ففي زواله خلاف بين الشافعية كما في ما إذا بلغ رشيدا ومن الذي يلي أمر من حجر عليه للسفه الطاري ان قلنا إنه لا بد من ضرب الحاكم فهو الذي يليه وان قلنا إنه يصير محجورا عليه بنفس السفه فوجهان عند الشافعية مشبهان بالوجهين فيما إذا طرأ عليه الجنون بعد البلوغ أحدهما انه يلي امره الأب أو الجد كما في حالة الصغر وكما إذا بلغ مجنونا والثاني يليه الحاكم لأن ولاية الأب قد زالت فلا يعود والثاني أصح عندنا وعندهم بخلاف المجنون فان حجره بالجنون لا بحكم الحاكم فكان امره إلى الأب فروع آ ذهب بعض الشافعية إلى أن عود مجرد الفسق أو مجرد التبذير لا اثر له في الحجر وانما المؤثر في عود الحجر أو اعادته عود الفسق والتبذير جميعا وليس بجيد وقد أطبق أكثر الشافعية على أن عود التبذير وحده كاف في عود الحجر أو اعادته ب لو كان يغبن في بعض التصرفات خاصة فالأولى الحجر عليه في ذلك
(٧٧)