ساير المنقولات لان التلف إليها أسرع من العقارات ثم ساير العقارات لأنه لا يخشى عليها التلف ولا السرقة ولا مسكنه فإنه لا يباع وينبغي ان يشهر حال بيعها بين الناس فيظهر الراغبون مسألة: ينبغي للحاكم أن يقول للمفلس والغرماء ارتضوا من ينادي على الأمتعة والأموال لان الحاكم لا يكلف ذلك بل يرده إليهم فإنه ابعد من التهمة فان اتفقوا على رجل وكان مرضيا أمضاه الحاكم وان لم يكن ثقة رده لا يقال أليس إذا اتفق الراهن والمرتهن على بيع الرهن من غير ثقة لم يكن للحاكم الاعتراض عليهما لأنا نقول الفرق ان الحاكم لا نظر له مع الراهن والمرتهن وفي صورة المفلس له نظر واجتهاد في مال المفلس ولأنه قد يظهر غريم فيتعلق حقه فلهذا نظر فيه بخلاف الرهن فان اختار المفلس رجلا واختار الغرماء غيره نظر الحاكم فإن كان أحدهما غير ثقة دون الأخر أقر الثقة منهما فان كانا ثقتين فإن كان أحدهما متطوعا دون الأخر أقر المتطوع لأنه وفر عليهما فان كانا متطوعين ضم أحدهما إلى الأخر لأنه أحوط وان كانا غير متطوعين اختار اوثقهما واعرفهما وأقلهما اجرة فإن كان المبيع رهنا أو جانيا أمر بدفع الثمن إلى المرتهن أو ولي المجني عليه وان لم يتعلق به الا حق الغرماء امرهم باختيار ثقة يكون المال عنده مجموعا ليقسم بينهم على قدر حقوقهم. تذنيب: ينبغي ان يرزق المنادي من بيت المال وكذا من يلي حفظه لان بيت المال معد للمصالح وهذا من جملتها فإن لم يكن في بيت المال سعة أو كان يحتاج إليه لما هو أهم من ذلك فان وجد متطوع ثقة لم يدفع اجرة وان لم يوجد دفع الأجرة من مال المفلس لان البيع حق عليه. مسألة: ينبغي ان يباع كل متاع في موضع سوقه فتباع الكتب في سوق الوراقين والبز في البزازين والحديد في الحدادين وما أشبه ذلك لان بيعه في سوقه أحوط له وأكثر لطلابه ومعرفة قيمته فان باع شيئا منه في غير سوقه بثمن مثله جاز كما لو قال لوكيله بع هذا المتاع في السوق الفلاني بكذا فباعه بذلك الثمن في غير ذلك السوق وكان غرض الموكل تحصيل ذلك القدر من الثمن لا غير فإنه يصح كذا هنا بخلاف ما لو قال له بع من فلان بكذا فباع من غيره بذلك الثمن فإنه يكون قد خالف لأنه قد يكون له غرض في بيعه من واحد دون واحد فإذا باع بثمن المثل ثم جاءته الزيادة فإن كان في زمن الخيار فسح البيع احتياطا للمفلس والغرماء وهل يجب ذلك اشكال أقربه الوجوب كما لو جاءت الزيادة على ثمن المثل قبل البيع وان جاءت بعد لزوم البيع وانقطاع الخيار سئل المشتري الإقالة ويستحب له الإجابة إلى ذلك لتعلقه بمصلحة المفلس والغرماء وقضاء دين المحتاج فإن لم يفعل لم يجبر عليه. مسألة: ويجب ان يبيع المتاع بثمن مثله حالا من نقد البلد فإن كان بقرب بلد ملك المفلس بلد فيه قوم يشترون العقار في بلد المفلس انفذ الحاكم إليهم واعلمهم ليحضروا للشراء ليتوفر الثمن على المفلس فإذا باع بثمن مثله باعه ويبيع بنقد البلد وإن كان من غير جنس حق الغرماء لأنه أوفر ثم إن كان الثمن من جنس مال الغرماء دفع إليهم وإن كان من غير جنسه فإن لم يرض المستحقون الا بجنس حقهم صرفه إلى جنس حقهم والا جاز صرفه إليهم ولو كان سلمان ومنعنا من المعاوضة عليه قبل قبضه اشترى الحاكم لهم من جنس حقهم ودفعه إليهم ولو أراد الغريم الاخذ من المال المجموع وقال المفلس لا أوفيك الا من جنس مالك قدم قول المفلس لأنه معاوضة ولا يجوز الا بتراضيهما عليه. مسألة: لا يدفع السلعة إلى المشتري حتى يقبض الثمن حراسة لمال المفلس عن التلف وقد سبق للشافعية أقوال ثلاثة في البداية بالبايع أولا فقول انه يبدأ بالبايع فيسلم المبيع ثم يقبض الثمن وقول انهما يجبران على التسليم إلى عدل والثالث انهما لا يجبران وهذا الأخير لا يتأتى هنا لتعلق حق الغرماء بالثمن وهو حال فلا سبيل إلى تأخيره بل إما يجبر المشتري على التسليم أولا أو يجبران معا ولا يجئ جبر البايع أو لا لان من يتصرف للغير لا بد وان يحتاط فان خالف الواجب وسلم المبيع قبل قبض الثمن وضمن ما يقبضه الحاكم من أثمان المبيع من أموال المفلس على التدريج إن كان الغريم واحدا سلم إليه من غير تأخير وكذا ان أمكنت قسمته بسرعة لم يؤخر وإن كان يعسر قسمته لقلته وكثرة الديون فله ان يؤخر ليجتمع فان امتنعوا من التأخير قسمه عليهم وقال بعض الشافعية يجبره الحاكم على التأخير وليس بجيد وإذا تأخرت القسمة فان وجد الحاكم من يقترضه من الامناء ذوي اليسار اقرضهم إياه فإنه أولي من الايداع لان القرض مضمون على المقترض بخلاف الوديعة فإنها غير مضمونة على المستودع وهي أمانة في يده لا يؤمن تلفها فلا يرجع المفلس والغرماء إلى شئ فإن لم يجد من يقرضه إياه جعله وديعة عند امين ولو أودع مع وجود المقترض الأمين الملي كان جايزا لكنه يكون قد ترك الأولى إذا ثبت هذا فإنه يقرض المال من الملي الثقة حالا غير مؤجل لان الديون حالة ولو اجله بان شرط الاجل في بيع وشبهه عندنا ومطلقا عند مالك لم يجز قال الشافعي مال الصبي يودع ولا يقرض وفرق بعض أصحابه بان مال الصبي يعد لمصلحة يظهر له من شراء عقار أو تجارة وقرضه قد يتعذر معه المبادرة إلى ذلك ومال المفلس معد للغرماء خاصة فافترقا. مسألة: إذا لم يوجد المقترض أودعه الحاكم عند الثقة ولا يشترط فيه اليسار بل إن حصل كان أولي وينبغي ان يودع ممن يرتضيه الغرماء فان اختلفوا أو عينوا من ليس بعدل لم يلتفت الحاكم وعين هو من أراد من الثقات ولا يودع من ليس بعدل ولو تلف شئ من الثمن في يد العدل فهو من ضمان المفلس وبه قال الشافعي واحمد وقال المالك العروض من ماله والدراهم والدنانير من مال الغرماء وقال المغيرة الدنانير من مال أصحاب الدنانير والدراهم من مال أصحاب الدراهم وليس بشئ لان المال للمفلس وانما يملكه الغرماء بقبضه لكن تعلق حقهم به يجري مجرى الرهن حيث تعلق حق المرتهن به وكما أن تلف الرهن من الراهن وإن كان في يد المرتهن كذا هنا واعلم أنه لا فرق في ذلك بين ان يكون الضياع في حياة المفلس أو بعد موته وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ما يتلف بعد موته فهو من ضمان الغرماء. مسألة: إذا ثبت الديون عند الحاكم وطلب أربابها القسمة عليهم لم يكلفهم الحاكم إقامة البينة على أنه لا غريم سواهم ويكتفي الحاكم في ذلك بالاعلان والاشهاد بالحجر عليه إذ لو كان هناك غريم لظهر وطالب بحقه ولا فرق بين القسمة على الغرماء والقسمة على الورثة الا ان الورثة يحتاجون إلى إقامة البينة على أنه لا وارث غيرهم بخلاف الغرماء والفرق ان الورثة اضبط من الغرماء وهذه شهادة على النفي يعسر تحصيلها ومدركها فلا يلزم من اعتبارها حيث كان الضبط أسهل؟ اعتبارها حيث كان أعسر. مسألة: إذا قسم الحاكم مال المفلس بين غرمائه ثم ظهر غريم اخر احتمل عدم نقض القسمة بل يشاركهم الغريم الظاهر بالحصة لان المقصود يحصل به وقال الشافعي ينقص القسمة فيسترد المال من الغرماء ويستأنف القسمة كالورثة إذا قسموا التركة ثم ظهر دين فإنه ينقص القسمة لان الغريم لو كان حاضرا قاسمهم فإذا ظهر بعد ذلك كان حقه باقيا ولا يلزم من ذلك نقض حكم الحاكم بالقسمة لان ذلك ليس حكما منه كما لو زوج الصغيرة لم يصح نكاحه ولو حكم بالتزويج حاكم اخر نفذ عند الشافعي واما عندنا فالجواب أن يقول إنه قسم على أنه لا غريم هناك فإذا ظهر غريم آخر كان ذلك خطأ فلهذا نقضت القسمة وعن مالك روايتان إحديهما ينقض والثانية لا ينقض ولا يخاصمهم الغريم الظاهر لأنه نقض لحكم الحاكم ووافقنا احمد على أنه يشارك. مسألة: لو قسم الغريمان المال وهو خمسة عشر ولأحدهما عشرون وللآخر عشرة أثلاثا فاخذ صاحب العشرين عشرة وصاحب العشرة خمسة ثم ظهر غريم ثالث وله ثلاثون فان قلنا بالنقض نقضت القسمة وبسط المال على نسبة ما لكل واحد منهم وان قلنا بعدم النقض أسترد الظاهر من كل واحد منهما نصف ما حصل له ولو كان الذي ظهر له عشرة رجع على كل واحد منهما بثلث ما اخذ فان أتلف أحدهما ما اخذ وهو معسر لا يحصل منه شئ احتمل ان يأخذ الغريم الذي ظهر من الأخر شطر ما اخذ فكأنه كل المال ثم إن أيسر المتلف اخذ منه ثلث ما اخذه وقسماه بينهما وان لا يأخذ منه الا ثلث ما اخذه وثلث ما اخذه التلف دين عليه له ولو أن الغريم الثالث ظهر وقد ظهر للمفلس مال قديم أو حادث بعد الحجر
(٥٦)