شهادة المرضعة وحدها أو امرأة واحده وبه قال طاوس والزهري والأوزاعي وابن أبي ذر وسعد بن عبد العزيز لان عقبه بن الحرث قال تزوجت أم يحيى بنت أبي اهاب وجاءت أمة سوداء وقالت قد أرضعتكما فأتت النبي صلى الله عليه وآله فذكرت له ذلك فأتيته من قبل وجهه فقلت انها كاذبة قال وكيف وقد زعمت أنها أرضعتكما خل سبيلها وقال الزهري فرق عثمان بين أربعة وبين نسائهم بشهادة امرأة ولو سلم الحديث جاز ان يكون قد نز ل عليه صلى الله عليه وآله الوحي فيه وفعل عثمن ليس حجة واما الاقرار بالرضاع فلا يثبت الا بشهادة رجلين لان الاقرار به ما يطلع عليه الرجال غالبا بخلاف نفس الرضاع وفصل بعض الشافعية فقال إن كان الرضاع عن نفس الثدي قبل شهادتهن وإن كان النزاع في شرب اللبن من ظرف حلب فيه اللبن أو من انية كذلك لم يقبل فيه شهادة النساء منفردات لأنه لا يختص باطلان النساء عليه و انما تقبل شهادتهن منفردات إذا كان ت النزاع في الرضاع من الثدي وتقبل أيضا شهادتهن عن أن اللبن الحاصل في الظرف لبن فلانة لان الرجال لا يطلعون على الحلب غالبا ولو شهدت أم المراة وبنتها على حرمة الرضاع بينها وبين الزوج مع الثلث نسوة قبل عندنا وقالت العامة إن كان الرجل مدعيا والمراة منكرة قبل لأنها شهادة على البنت أو الام وإن كانت المراة مدعية والرجل منكرا لم تقبل لأنها شهادة للبنت أو للام قالت الشافعية لا يتصور ان تشهد البنت على أمها بأنها ارتضعت من أم الزوج لان الشهادة على الرضاع يشترط فيها المشاهدة لكن يتصور ان تشهد عليها بأنها أرضعت الزوج في صغره أو أرضعته أمها ولو شهدت الام أو البنت من غير تقدم دعوى على سبيل الحسبه قبلت كما لو شهد أبو الزوجة وابنها أمها أو ابناها على أن زوجها قد طلقها ابتداء يقبل ولو ادعى لطلاق فشهدا لم يقبل مسألة إذا شهدت المرضعة بالرضاع وحدها لم يقبل عند علمائنا وبه قال الشافعي وتقبل شهادتها مع ثلث نسوة على الخلاف إذا لم تدع اجرة ولم يرتضع لفعلها بل شهدت بحرمة الرضاع أو على أن بينهما رضاعا محرما قبلت شهادتها وان ادعت اجرة الرضاع لم تقبل شهادتها لأنها متهمة تشهد لنفسها وللشافعية هنا وجهان هذا أحدهما والثاني انها لا تقبل في الأجرة وتقبل في ثبوت الحرمة تخريجا على الخلاف في بعض الشهادة وان لم تدع اجرة وشهدت بأنها أرضعتهما معا احتمل القبول وبه قال الشافعي لأنها لا تجر بذلك إلى نفسها نفعا بخلاف الولادة فإنها إذا شهدت بالولادة يثبت لها نفقة ودرئ القصاص عندهم والام من الرضاعة لا يثبت لها شئ من ذلك لا يقال إنها تصير محرما وتسبيح الخلوة به والمسافرة لأنا نقول ليس ذلك من الأمور المقصودة التي ترد بها الشهادة فان رجلين لو شهدا ان فلانا أعتق جاريته قبلت وإن كان يحل لهما نكاحهما بالحرية وكذلك إذا شهد رجل على اخر بالطلاق قبل وإن كان يستحل بشهادته نكاح المطلقة لا يقال قد شهدت المرضعة على فعل نفسها وقد قلتم ان الحاكم المعزول إذا شهد عند حاكم بحكمه على رجل لم يقبل وكذا القاسم إذا شهد بأنه قسم بين متداعيين لأنا نقول إما أولا فان حكم الحاكم وقسم القاسم يتعلق به الحكم المتنازع فيه وليس كذلك ارضاع المرضعة فان التحريم لا يتعلق بفعلها ولهذا لو شرب منها وهي نائمة تعلق به حكم الرضاع واما ثانيا فلان الحاكم والقاسم متهمان لأنهما يثبتان لنفسهما العدالة والأمانة بخلاف المتنازع وللشافعي قول اخر انه لا تقبل شهادتها على فعلها لأنه لا تقبل شهادة الشخص على فعل نفسه لكن الأول أظهر عندهم كان فعل المرضعة غير مقصود بالاثبات وانما الاعتبار بوصول اللبن إلى الجوف بخلاف الشهادة بالحكم والقسمة لتضمنها تزكية النفس فان الحكم القسمة ينصرفان إلى العدالة والارضاع بخلافه مع أن للشافعية قولين في أن الحاكم المعزول لو شهد ان حاكما حكم به ولو يضيف إلى نفسه ففي قبول شهادته خلاف مسألة لا تقبل الشهادة بالرضاع الا المفسرة فلو شهد اثنان ان هذا ابن هذا من الرضاع لم يسمع الحاكم شهادتهما حتى يفصلا ويثبتا كيفية وكمية لان الرضاع الذي يتعلق به التحريم مختلف فيه فبعضهم حرم بالقليل وبعضهم بالرضاع من الآنية وبالايجار وشبهه ومنهم من يحرم بالرضاع بعد الحولين وإذا كان كذلك وجب ان يفصل الشاهدان وان يبينوا كيفيته ليحكم الحاكم فيه باجتهاده فيحتاج ان يشهد بان الصغير ارتضع من الثدي خمس عشرة رضعة متفرقات تامات وصل اللبن فيهن إلى جوفه في الحولين من غير أن يفصل بينها برضاع امرأة أخرى وبالجملة لا بد من التعرض بجميع الشرائط لاختلاف الناس في شرايط الحرمة فلا بد من التفصيل ليعمل القاضي باجتهاده وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يكفى الاطلاق بان يشهد الشاهدان ان بينهما رضاعا محرما ولهم وجه اخر انه كان الشاهد بالطلاق ففيها موثوقا بمعرفته قبل منه الاطلاق أولا فلا بد من التفصيل وليس بجيد لأنه ربما اطلق بحسب اجتهاده وجاز ان يخالف اجتهاده اجتهاد الحاكم الذي يشهد عنده وبالجملة الخلاف هنا كالخلاف في الاخبار عن نجاسة الماء وغير والمانعون من قبول الشهادة المطلقة في الرضاع ذكروا وجهين في قبول شهادة المطلقة على الاقرار بالرضاع ولو قال هي أختي من الرضاع قال بعض الشافعية لا حاجة هنا إلى التعرض للشرائط إن كان من أهل الفقه والا فوجهان وفرق بين الاقرار والشهادة بان المقر تحياط لنفسه فلا يطلق الا عن تحقيق ولو شهد الشاهد على فعل الرضاع والارتضاع لم يكف وكذا في الاقرار بل لا بد من التعرض للوقت والعدد بان يشهد بأنه ارتضع منها أو ارضعية في الحولين خمس عشرة رضعة تامات لا يفصل بينها برضاع امرأة أخرى وهل يشترط في الشهادة ذكر وصول اللبن إلى الجوف فيه للشافعية وجهان أظهرهما انه يشترط وهو الوجه عندي كما يشترط ذكر الايلاج في شهادة الزنا لان الحرمة يتعلق بالوصول إلى الجوف والثاني انه لا يشترط لأنه لا يشاهد ذلك ولا بد ان يستفصل القاضي ذلك ولو مات الشاهد قبل الاستفصال هل للقاضي التوقف وجهان مسألة الشاهد لا بد وان يشهد على البت والقطع بالرضاع ولا يكفى ذكر القراين الدالة عليه وإن كانت هي السبب في عمله فان الشاهد قد يحصل له العلم القراين بان يشاهد الصبى ملتقما للثدي ماله متحرم الحلق بالجرع والازدواد بعد العلم كون المراة ذات لبن فلو حكى الشاهد هذه القرائن عند الحاكم لم يحكم الحاكم بذلك بل لابد وان يشهد بالرضاع عن قطع وبت وهل يكفى لو غلب على ظن الشاهد الرضاع ويتسلط بالظن القوى المستند إلى هذه القراءة على الشهادة قال بعض الشافعية نعم كما أن يشهد على الملك بمجرد اليد والتصرف الدالين على الملك وان لم يكن تلك الدلالة قطعية بل ظنية ولا يجوز للشاهد ان يشهد على الرضاع بان يرى المراة قد أدخلت الصبى تحت ثيابها وأذنته منها لا تفعل المرضعة لأنها قد توجره لبن غيرها في شئ على هيئة الثدي ولا بان يسمع صوت الامتصاص فقد يمتص إصبعها أو إصبعه واكتفى بعض الشافعية على مشاهدة الالتقام والامتصاص وهيئة الازدراد وفي الشهادة من غير أن يعر فإنها ذات لبن قضاء لظاهر الحال والوجه المنع لان الأصل عدم اللبن ولا يكفى عند أداء الشهادة حكاية القرائن بان يشهد برؤية الالتقام والامتصاص والتجرع ولا يتعرض في الشهادة لوصول اللبن إلى الجوف عند بعض الشافعية ولا للرضاع المحرم وإن كان مستند علمه رؤية تلك القرائن لان معانيها تطلع على مالا يتطلع عليه الحكاية فان أطلعته القرائن على وصول اللبن فليجزم به على قاعدة الشهادات ولو شهد اثنان بالرضاع وقالا تعمدنا النظر إلى الثدي لا لتحمل الشهادة لم يقبل شهادتهما لأنهما فاسقان بقولهما وفي النظر إلى الثدي لتحمل الشهادة خلاف والظاهر جوازه مسألة إذا اعترف رجل ان فلانه أخته من الرضاع أو امه أو ابنته أو إحدى المحرمات عليه وكان ممكنا حرم عليه نكاحها لأنه أقر على نفسه بما لا ضرر فيه على غيره فيحكم عليه بمقتضاه كساير الاقرارات وكذا لو أقرت امرأة ان فلانا أبوها أو اخوها أو ابنها أو عمها أو خالها أو أحد المحارم عليها من الرضاع وكان ذلك ممكنا حرم عليها نكاحه لما تقدم وشرطنا الامكان لان اقرار أحدهما مع عدمه لغو فلو ادعى رجل ان فلانه امه من الرضاع وكانت
(٦٢٨)