يجعل للثاني شيئا وجعل للثالث خمسة وللرابع ثلاثة ولم يجعل لمن بعدهم شيئا فالثاني خارج من السبق لخروجه من البذل وفي قيام من بعده مقامه وجهان أحدهما يقوم الثالث مقام الثاني ويقوم الرابع مقام الثالث لأنه يصير وجوده بالخروج من السبق كعدمه فعلى هذا يصح السبق فيهما بالمسمى لهما بعد الأول والوجه الثاني انهم يترتبون في القسمة ولا يكون خروج الثاني منهم بالحكم يخرج له من الذكر فعلى هذا يكون السبق فيهما باطلا لتفضيلهما على السابق لهما وهل يكون لهما اجرة مثلهما أم لا وجهان وان بذل العوض لجماعتهم ولم يخل أحدا من عوض نظر فان سوى فيهم بين سابق ومسبوق بطل وان لم يسو بين السابق المسبوق وفضل كل سابق على مسبوق حتى يجعل متأخرهم أقلهم سهما جاز عندنا وللشافعية وجهان أحدهما الجواز اعتبارا بالتفاضل في السبق فعلى هذا يأخذ كل واحد منهم ما سمى له والوجه الثاني ان السبق باطل لانهم قد تكافوا في الاخذ فان تفاضلوا فيه فعلى هذا هل يكون باطلا في حق الأجنبي وحده أم في حقوق جميعهم للشافعية وجهان أحدهما في حق الأجنبي وحده لان بالتسمية له فسد السبق والثاني أنه يكون باطلا في حقوق جماعتهم لان أول العقد مرتبط باخره وهل يستحق على كل واحد منهم اجرة مثله أم لا وجهان (تذنيب) مسألة ينبغي ان يكون في الموضع الذي ينتهي إليه السبق وهو غاية المدى قصبة قد غرزت في الأرض تسميها العرب قصبة السبق ليحرزها السابق منهم فيقلعها حتى يعلم بسبقه البعيد والقريب فيسقط به الاختلاف وربما رجع بها يستقبل بها المسبوقين إذا كان مفضلا في السبق متناهيا في الفروسية مسألة قد بينا انه لا يشترط المحلل عندنا فلو تسابق مائة أو أزيد من غير محلل جاز والشافعي أوجب دخول المحلل لكن لا يشترط الكثرة مع كثرة المتسابقين لان كثرة المتسابقين لا يوجب كثرة المحللين لان دخول المحلل ليكون فيهم من يأخذ ولا يعطي حتى يصير خارجا من حكم القمار وهذا موجود في دخول محلل واحد بين المائة لكن الأولى عندهم ان يكثر المحللون إذا كثر المتسابقون ليكون من القمار ابعد وعلى هذا لو دخل بين الاثنين محللان فما زاد جاز وإذا عقد السبق بالمحلل على شرط فاسد أوجب سقوط المسمى فيه ثم سبق أحدهم نظر فإن كان السابق هو المحلل استحق اجرة مثله على المتسابقين يكون عليهما نصفين ويستوى فيهما من تقدم منهما أو تأخر ويستحقها وجها واحدا لأنه معهما كالأجير وان سبق أحد المخرجين فلا شئ للمحلل وهل يستحق السابق على المتأخر اجرة مثله للشافعية وجهان مسألة لو شرطوا ان المحلل يختص بالاستحقاق ان سبق الاثنين وكل واحد منهما لا يأخذ إلا ما اخرج جاز اجماعا وان شرطوا ان المحلل يأخذ السبقين ان سبق وإن كان واحدا وان سبق أحرز ما أخرجه واخذ ما أخرجه الأخر صح عندنا وللشافعية قولان والأصح عند الشافعي الجواز لان التسابق يجري بين المتكافئين المتقاربين ولا يكاد يسمح أحدهما بان يخرج المال دون ان يخرج الأخر لكن إذا لم يكن محلل كانت المعاملة على صورة القمار عندهم فلو لم يجز ذلك بعد دخول المحلل فات مقصود العقد والثاني المنع كما هو مذهب ابن جيران لان كل واحد من المستبقين قد يغنم وقد يغرم وذلك قمار وهو ممنوع وعلى ما اختاره الشافعي لو كان المتسابقون مائة وليس فيهم الا محلل واحد شرط ان يأخذ جميع ما أخرجوه ان سبق ولا يغرم شيئا ان سبق وكل واحد من المستبقين ان سبق غنم وان سبق غرم صح العقد والشرط مسألة إذا اطلقا شرط المال للسابق حمل على السابق المطلق لا على المصلي الذي سبق غيره وإن كان مسبوقا وهو أظهر قولي الشافعية لانصراف الاطلاق إليه عرفا فلو تسابق اثنان ومحلل فان سبق المحلل ثم صلى أحد المتسابقين وتأخر الثاني فالمال بأجمعه للمحلل عملا بالاطلاق وقالت الشافعية يأخذ المحلل ما أخرجه المصلي بلا خلاف وفيما أخرجه الفسكل ثلاثة أوجه أظهرها انه يأخذها المحلل أيضا لأنه السابق المطلق والثاني انه للمحلل والمصلي جميعا لأنهما سبقاه والثالث وهو أضعفها انه للمصلي وحده ويجعل سابقا للفسكل كما أن المحلل سابق للمصلي ولو تسابق اثنان وادخلا محللين وسبق أحد المحللين وصلى أحد المستبقين ثم جاء المحلل الثاني ثم المستبق الثاني فما أخرجه المسبق الأول للمحلل واما ما أخرجه الثاني ففيه للشافعية وجهان أظهرهما انه للمحلل الأول أيضا لأنه السابق المطلق والثاني انه للمحللين وللمسبق الأول لانهم جميعا سبقوا الثاني وقياس الوجه الضعيف للشافعي انه للمحلل الثاني وقياس قول ابن خيران ان يقال إنه للمحلل الأول في أحد الوجهين وللمحللين في الثاني ولو جاء أحد المستبقين أولا ثم جاء أحد المحللين ثم المسبق الثاني ثم المحلل الثاني فيحرز السبق الأول واما ما أخرجه الثاني فعلى ظاهر المذهب للشافعية والوجه الاظهر انه يأخذه المسبق الأول أيضا وفي وجه هو له وللمحلل الأول وعلى الوجه الأضعف هو للمحلل الأول وعلى قول ابن خيران هو للمحلل الأول لا غير مسألة لو سبق أحد المتسابقين في وسط الميدان والاخر في اخره فالسابق الثاني لأن الاعتبار انما هو بالغاية فمن سبق إليها فهو السابق وكذا لو سبق أحدهما عند الغاية ثم جريا بعد الغاية فيقدم المسبوق بعدها على السابق بهادية أو كتده أو اقدامه كان السبق لمن سبق عند الغاية دون من سبق بعدها لان ما تجاوز الغاية غير داخل في العقد فلم يعتبر ولو عثر أحد الفرسين أو ساخت قوايمه في الأرض فيقدم الأخر لم يكن الأخر سابقا لان العشرة اخرته وكذا لو وقف بعد ما جرى لمرض وشبهه ولو وقف بلا علة فهو مسبوق ولو وقف قبل ان يجرى لم يكن مسبوقا سواء وقف لمرض أو لغير مرض ولو كان العاثر هو السابق كان الاحتساب بسبقه أولي لأنه إذا سبق مع العشرة كان مع عدمها أسبق ولو تسابقا على أن من سبق منهما الأخر باقدام معلومة فله السبق جاز وهو قول بعض الشافعية لأنهما يتحاطان ما تساويا فيه ويجعل السبق لمن تقدم بالقدم المشروط فهو كشرط المحاطة في النضال وقال بعضهم بالمنع ولا وجه له لان هذا العقد مشروط بمقدار معلوم مضاف إلى المقدار الأول فصح عملا بالشرط مسألة قد بينا انه يشترط في مال المسابقة العلم سواء كان دينا أو عينا أو بالتفريق وسواء كان الدين مؤجلا أو حالا لكن إن كان مؤجلا وجب العلم بأجله ولا يجوز ان يكون العوض مجهولا فلو شرط مالا مجهولا بان قال أعطيتك ما شئت أو ما شاء فلان أو شرط دينارا وثوبا ولم يصف الثوب أو دينارا الا ثوبا بطل العقد وكذا لو شرط دينارا الا درهما الا ان يزيد قدر الدرهم وعرفا قيمته من الدينار ولو قال إن سبقتني فلك هذه العشرة وترد إلي صاعا من طعام احتمل الجواز ان قصرت قيمة الصاع عن العشرة وإلا بطل وقالت الشافعية يبطل من غير أن يفضلوا لأنه شرط عوضا عن السابق وهو خلاف موضوع العقد ولو تسابقا على قرض في الذمة فوجهان مبنيان على جواز الاعتياض عنه قبل قبضه والوجه الجواز وإذا اخرج المال غير المتسابقين جاز ان يشرط لأحدهما أكثر مما يشرطه للاخر ولو أخرجاه جاز ان يخرج أحدهما أكثر مما يخرجه الأخر ولو شرط على السابق ان يطعم السبق لأصحابه فسد العقد عند الشافعية لأنه تمليك بشرط يمنع كمال التصرف فصار كما لو باعه شيئا بشرط ان لا يبيعه وقال بعضهم انه يصح العقد وقبوله للاطعام عدة ان شاء وفى بها والا فلا ولان نفع هذا الشرط لا يعود على الشارط فصار وجوده كعدمه وبه قال أبو حنيفة واحمد مسألة السبق ضربان أحدهما ان يكون مقيدا باقدام مشروطة باشتراطهما كما لو شرطا ان يكون السبق بعشرة اقدام فهذا لا يتم السبق إلا بها فان سبق أحدهما بتسعة اقدام لم يكن سابقا في استحقاق البذل وإن كان سابقا في العمل وكذا لو شرطا ان يكون السبق بعشرة أذرع ونحوها من المقادير والثاني ان يكون مطلقا بغير شرط فيكون سابقا بكل قليل أو كثير والأعضاء التي جرى ذكرها في كلام الفقهاء لاعتبار السبق بها ثلاثة الكتد وهو الكامل وهو مجمع الكتفين بين أصل العنق والظهر والاقدام وهي القوايم والهادي وهو العنق مسألة السبق يحصل بالاقدام فأي الفرسين تقدمت يداه
(٣٥٩)