للشافعية قولان أحدهما انه لا يستحق الفاضل شيئا لأنه لم يفوت عليه عمله ولا عاد نفع ما فعله إليه وقال أكثرهم يجب له اجرة مثله لان كل عقد استحق المسمى في صحيحه فإذا وجد المعقود عليه في الفاسد وجب عوض المثل كالإجارة والعمل في القراض وقد لا ينتفع به المالك ومع ذلك يكون مضمونا فعلى هذا إن كان الفساد لخلل في السبق كتعذر تموله بان يكون خمرا أو خنزيرا أو مجهولا فالرجوع إلى أجرة المثل لا غير ولا ينظر إلى القدر الذي سبق به بل يعتبر جميع ركضه لأنه سبق بمجموع عمله لا بذلك القدر وإن كان لا يتعذر تموله بان كان مغصوبا أو كان الفساد لمعني في غير السبق كتفاوت الموقف أو الغاية فلهم طريقان أحدهما ان فيه قولين الرجوع إلى قيمة السبق والثاني الرجوع إلى أجرة المثل تخريجا من القولين في الصداق وبذل الخلع إذا فسد ففي أحدهما يرجع إلى القيمة وفي الثاني إلى مهر المثل ووجه الشبه ان السبق ليس على صفات الأعواض فان معظم فايدة العمل للعامل كما أن الصداق وبذل الخلع ليس على صفات الأعواض والطريق الثاني القطع بالرجوع إلى أجرة المثل والفرق ان النكاح والخلع لا يفسدان بفساد العوض فرأى الشافعي في قول الرجوع إلى قيمة المذكور أولي والمسابقة تفسد بفساد العوض وتكون المنفعة مستوفاة على الفساد فيتعين الرجوع إلى أجرة المثل والظاهر عندهم الرجوع إلى أجرة المثل وفي كيفية اعتبار أجرة المثل قولان أحدهما ان ينظر إلى الزمان الذي استعمل بالرمي فإنه كم قدره فيعطى أجرة المثل بناء على أن الخبر إذا غضب على نفسه يستحق أجرة المثل تلك المدة والثاني انه يجب ما تجرى المسابقة بمثله في مثل تلك المسافة في عرف الناس غالبا وهذا وإن كان أقرب لكن يشكل بانتفاء العرف فيه بين الناس مسألة قد بينا انه لا يشترط في صحة عقد المسابقة المحلل خلافا للشافعي فإنه شرطه ولصحة العقد به أربعة شروط آ ان يكون فرسه كفوا لفرسيهما أو اكفاء منهما لا يأمنان سبقه فإن كان فرسه أدون من فرسيهما وهما يأمنان ان يسبقهما لم يصح لقوله (ع) من ادخل فرسا بين فرسين وهو لا يؤمن ان يسبق فلا باس به ومن ادخل فرسا بين فرسين وهو يأمن ان يسبق فان ذلك من القمار ولان دخوله مع العلم بأنه لا يسبق غير مؤثر في اخذ السبق ب ان يكون المحلل غير مخرج لشئ وان قل فان اخرج شيئا خرج عن حكم المحلل وصار في حكم السبق ج ان يأخذ ان سبق فان شرط ان لا يأخذ لم يصح د أن يكون فرسه معينا عند العقد لدخوله فيه كما يلزم تعيين فرسي المستبقين فإن لم يكن معينا بطل إذا ثبت هذا فمذهب الشافعي ان المحلل دخل ليحلل العقد ويحلل الاخذ فيأخذ ان سبق ويؤخذ به ان سبق وقال أبو علي بن جيران من الشافعية ان المحلل دخل ليحلل العقد ويأخذ ولا يؤخذ به وليس بجيد لان التحريص المقصود بستفمار؟ الخيل ومعاطاة الفروسية غير موجود وإذا لم يؤخذ بالسبق شئ فيصير مانعا من السبق فإذا اخذ صار باعثا عليه مسألة ويخرج كل واحد من المتسابقين ما تراضيا عليه إن كان السبق منهما ويضعانه على يدي رجل يثقانه أو يضمنانه ولصحة العقد بينهما أربعة شرايط أ ان يكون العوض الذي بذلاه معلوما إما معينا أو موصوفا في الذمة وقد سلف فإن كان مجهولا لم تصح لان الأعواض في العقود لا تصح الا معلومة ب ان يتساويا في جنسه ونوعه وقدره فان اختلفا فيه أو تفاضلا لم يصح لأنهما لما تساويا في العقد وجب ان يتساويا في بذله وعندي في اشتراط هذا اشكال ج ان يكون فرس كل واحد منهما معينا فان أبهم ولم يعين بطل د أن يكون مدى سبقهما معلوما والعلم به قد يكون بأحد وجهين إما بتعيين الابتداء والانتهاء فيصير معلوما لتعيين دون المسافة كالإجارة المعينة واما بمسافة يتفقان عليها مذروعة بذراع مشهورة كالإجارة المضمونة فان اتفقا على موضع من الأرض وزرعا منها تلك المسافة حتى يعرف ابتدائها وانتهاؤها فان اغفلا ذكر الأرض نظر فإن كانت الأرض التي عقدا فيها السبق يمكن اجراء الخيل فيها فهي أخص المواضع بالسبق وان لم يكن اجراء الخيل فيها لحزونتها واحجارها فالأقرب المواضع إليها من الأرض السهلة مسألة إذا اخرجا المال للسابق فان اتفقا على تركه في أيديهما ويوكل كل واحد منهما صاحبه حملا على ذلك ولا يلزم اخراج مال السبق من يد أحدهما الا بعد ان يصير مسبوقا فيؤخذ منه باستحقاقه وان اتفقا على امين غيرهما اخذ مال السبق منهما ووضع على يده ويعزل كل واحد منهما على حدته ولا يخلطه فان سبق أحدهما سلم الأمين إليه ماله ومال المسبوق وان سبق المحلل سلم إليه مال السبقين وليس للأمين اجرة على السابق ولا على المسبوق إلا مع الشرط ولو كانت له اجرة في عرف المتسابقين فالأقرب حمل الاطلاق على العرف فيه ووجوب أجرة المثل كما لو استعمل خياطا أو قصارا بغير شرط وهو أحد وجهي الشافعية ويكون الأجرة على المستبقين ولا يختص بهما السابق منهما لأنها اجرة على حفظ المالين فان اختلفا فإن كان اختلافهما في اختيار الأمين مع اتفاقهما على اخراجه من أيديهما فيختار الحاكم لهما أمينا يقطع تنازعهما وهل يكون اختياره مقصودا على من تنازعا فيه أو يكون على العموم في الناس كلهم يحتمل ان يكون مقصورا على اختيار الأمينين اللذين وقع التنازع فيهما لانصراف المتسابقين عن اختيار غيرهما وأن يكون عاما في اختيار من رآه من جميع الامناء لان تنازعهما قد قطع حكم اختيارهما وإن كان اختلافهما في اخراجه من أيديهما فيقول أحدهما يكون مال كل منا في يده ويقول الأخر بل يكون موضوعا على يد امين فإن كان مال السبق في الذمة قدم قول من طلب قراره في يده لأن العقد على الذمة فلا يؤخذ إلا باستحقاق وإن كان معينا قدم قول طالب الأمين لتعيين حقه فيه وانه لا يوصل إليه من غيره إذا عرفت هذا فلا اجرة للأمين إلا إذا قضت العادة بالأجرة فيه مسألة إذا أدخلا محللا بينهما ينبغي ان يجري فرسه بين فرسي المستبقين لأنه لما دخل بينهما للتحليل دخل بينهما في الجري ولأنهما باخراج السبق متنافران فدخل بينهما ليقطع تنافرهما وان لم يتوسطهما وعدل إلى يمين أو شمال جاز وان أساء بفعله إذا تراضى به المتسابقان وان لم يتراضيا إلا أن يجرى فرسه بينهما منع من العدول عن توسطهما إلى يمين أو شمال لأنه تبع لهما فكان امرهما عليه امضى فان رضي أحدهما بعدوله عن الوسط ولم يرض به الأخر قدم اختيار من يطلب التوسط دون الانحراف لأنه اعدل بينهما وامنع من تنافرهما ولو رضيا باخراجه عن التوسط بينهما ودعا أحدهما إلى أن يكون متيامنا ودعا الأخر إلى أن يكون متياسرا لم يعمل على قول واحد منهما وجعل وسطا بينهما لأنه العدل والمتعارف فهذا موضع المحلل واما المتسابقان فان اتفقا على التيامن منهما أو التياسر عمل على اتفاقهما وان اختلفا فيه أقرع بينهما وأقر كل واحد منهما في موضع قرعته من يمين أو شمال مسألة لو تسابق جماعة واخرج اثنان منهم فصاعدا مال المسابقة جاز لأنه بمنزلة ما لو اخرج أحد المتسابقين دون الأخر وكذا لو اخرج اثنان فصاعدا أو شرطوا ان من سبق من المخرجين لم يجز الا ما أخرجه ومن سبق من غيرهم اخذ ما أخرجه المخرجون جاز وبه قال الشافعي مسألة إذا تضمن عقد المسابقة المال لم يخل إما ان يكون العقد بين اثنين أو أزيد فإن كان بين اثنين فان شرطا المال للسابق منهما صح فان شرطاه للمسبوق أو بينهما بالسوية أو الأكثر للمسبوق لم يصح العقد قطعا لان الغرض من المال الحث على السابق والاجتهاد في الفروسية وشرط المال وأكثره أو نصفه للمسبوق بناء في ذلك لان كل واحد منهما يطلب الراحة وترك عنه وعن فرسه ولو شرط الأكثر للسابق والأقل للأخرى فالأقرب الجواز لان كل واحد منهما يسعى ويجتهد في تحصيل الأكثر ولان التفاوت لو جعل خطرا جاز اجماعا فكذا لو انضم إلى غيره وهو أصح وجهي الشافعية والثاني المنع لأنه إذا كان يحصل على شئ فقد يتكاسل ويضمن فرسه فيفوت مقصود العقد وهذا الوجه جيد إن كان المال من ثالث بذل لهما إما إذا كان منهما فلا وإن كان العقد بين ثلاثة فما زاد وشرط باذل المال للسابق
(٣٥٧)