لما تقدم وبه قال الشافعي وحكى الشيخ ره عن مالك أنه قال لا تصح حتى تكون الحصص سواء في الكل ولا وجه له مسألة ولو كان له بستانان فساقاه عليهما صفقة واحدة صح سواء ساوى بينهما أو فاوت مع التعيين بان يقول ساقيتك على هذين البستانين على النصف من هذا والثلث من ذاك لأنها صفقة واحده جمعت عوضين فصار كما لو قال بعتك داري هاتين هذه بألف وهذه بمائة ولو قال بالنصف من أحدهما والثلث من الأخر ولم يعين لم يصح لأنه مجهول لا يدري الذي يستحق نصفه ولا الذي يستحق ثلثه ولو ساقاة على بستان واحد نصفه بالنصف وعلى هذا النصف الآخر بالثلث ولو أبهم بطل كالبستانين سواء مسألة لو كان البستان الاثنين والعامل واحدا فقالا ساقيناك على أن لك النصف من حصة فلان والنصف من حصة فلان صح وكذا لو قالا على أن لك النصف من ثمرة الجميع سواء تساوى الشريكان في الحصص أو تفاوتا ولو قالا على أن لك من حصة فلان النصف ومن حصة فلان الثلث جاز لأن العقد مع الاثنين كالعقدين ولا شك انه لو أفرد كل منهما العقد كان له ان يشرط ما اتفقا عليه كذا هنا وكذا باقي العقود إذا عرفت هذا فإنما يجوز التفاضل بشرطين أحدهما ان يعين حصة من كل واحد من الشريكين والثاني ان يعلم قدر نصيب كل واحد منهما واما إذا جهله فلا يجوز لأنه لا يعلم كم نصيبه فإنه قد يكون نصيب من شرط القليل أكثر من نصيب الأخر فينقص حظه وقد يكون أقل فيتوفر حظه ولو شرطا له نصيبا واحدا من مالهما جاز وان لم يعلم قدر مال كل واحد منهما لأنه لا جهالة فيه كما لو قالا بعناك هذه الدار بألف ولم يعلم نصيب كل واحد منهما كم هو لأنه اي نصيب كان فقد علم عوضه وقد علم جملة المبيع فصح كذا هنا بخلاف الأول فإنه بمنزلة ما إذا باعه الشريكان دارا فقالا بعناك الدار نصيب هذا بكذا ونصيب هذا بكذا ولم يعلم قدر نصيب كل واحد من الثمنين كم هو ولا جعل جملة الثمن في مقابلة جملة الدار تذنيب لو كان المالك واحدا والعامل اثنين صح ويجوز ان يشترط لهما التساوي في النصيب والاختلاف مع التعيين لأنه بمنزلة العقدين ولا فرق بين ان يكون العقد واحدا أو اثنين مسألة تجوز المعاملة في المساقاة على أكثر من سنة واحدة للأصل ولما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق (ع) قال قال القبالة ان يأتي الأرض الحزبة فتقبلها من أهلها عشرين سنة أو أقل من ذلك أو أكثر يعمرها ويؤدي ما خرج عليها قال لا بأس وهو يعم المساقاة والمزارعة وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب عن الصادق عليه السلام قال سألته عن الرجل يعطي الرجل ارضه فيها الرمان والنخيل والفاكهة ويقول اسق هذا من الماء واعمره فلك نصف ما أخرج قال لا بأس قال وسألته عن الرجل يعطي الرجل الأرض فيقول اعمرها وهي لك ثلث سنين أو خمس سنين أو ما شاء الله قال لا بأس وبالجملة فالمدة مضبوطة باختيارهما من غير حصر بل لابد من التعيين إذا عرفت هذا فيجوز ان يساوي بينهما في الحصص بان يقول ساقيتك على هذا البستان ثلث سنين مثلا أو أكثر على أن لك في ثمرة كل سنة النصف أو الثلث ويجوز ان تفاوت بينهما بشرط تعيين نصيب كل سنة فيقول على أن لك في السنة الأولى النصف وفي الثانية الثلث وفي الثالثة الربع وفي الرابعة الخمس وهكذا وإن يساوي بين سنته أو ثلث وتفاوت في الباقي وقال بعض الشافعية لا يجوز لأنه عقد على سنين مختلفة فجرى مجرى من أسلم في قفيز حنطة وقفيز شعير في عقد واحد والحكم في الأصل ممنوع مسألة لو كان البستان لاثنين بالسوية فساقي أحدهما الأخر وشرط له زيادة على ما كان يستحقه بالملك مثل ان يشرط له الثلثين من ثمرة البستان صح العقد وكان قد شرط له من حصته ثلثها وبقى له الثلثين وهو سدس الأصل فيكون العامل قد استفاد سدس الثمرة بأسرها في مقابلة العمل في نصيب شريكه ولو لم يشرط له زيادة بل ساقاه على أن يكون الثمرة بينهما نصفين أو على أن يكون للعامل أقل كالثلث مثلا فسدت المساقاة لأنه لم يثبت له عوضا بالمساقاة إذ النصف مستحق له بالملك بل شرط عليه في الصورة الثانية ان يترك بعض ثمرته أيضا فلم يشرط له في مقابلة عمله نصيبا بل شرط في صورة الأقل ان يأخذ غير العامل من نصيب العامل ثلثه ويستعمله بغير عوض فلا تصح وإذا عمل في الصورتين فالأقرب انه لا عوض له لأنه تبرع بالعمل ولم يشرط له في مقابلة عمل اجرة فهو مقطوع فلا يستحق عوضه كما لو لم يعقد المساقاة وعمل وبه قال المزني من الشافعية وقال من الشافعية وقال أبو العباس بن شريح منهم انه يستحق أجرة المثل لان لفظ المساقاة يقتضي اثبات العوض في مقابلة العمل فوجب له وان لم يشرط كما لو قال زوجتك بلا مهر أو بعتك بخمر أو خنزير وكذا إذا قال بعتك هذه السلعة بلا ثمن فاخذها وتلفت في يده وجب عليه قيمتها والفرق ان النكاح لا يستباح بالبدل والعمل هنا يستباح بذلك ولان المهر في النكاح ان وجب بالعقد لم يصح قياس هذا عليه لان النكاح صحيح وهذا فاسد ولان العقد هنا لا يوجب ولو أوجب لا يوجب قبل العمل ولا خلاف ان هذا لا يوجب قبل العمل شيئا وان أوجب بالإصابة لم يصح القياس عليها لان الإصابة لا تستباح بالإباحة والبذل بخلاف العمل ولان الإصابة لو خلت عن العقد لاوجبت وهذا بخلافه وإن وجب بها امتنع القياس لهذه الوجوه واما البيع فقد شرط عوضا ولأنه قبض العين بحكم البيع فكانت مضمونة عليه باليد بخلاف مسئلتنا فاما إذا قال بعتك بغير عوض فيجب ان لا يسلم ولو سلم فإنه لا يملك بذلك فإذا قبضه ضمنه باليد وهنا لم يحصل العمل في يده وانما تلف في يد صاحبه مسألة لو ساقي أحد الشريكين صاحبه وشرط له جميع الثمرة فسد العقد على ما تقدم مثله والأقرب انه يستحق أجرة المثل لأنه شرط عوضا لم يسلم له وقال بعض الشافعية لا تستحق شيئا لأنه لم يعمل له الا انه انصرف إليه ولو شرطا في عقد المساقاة ان يتعاونا في العمل فسد العقد لأنه لا يجوز شرط العمل على رب النخل فإذا عملا جميعا في المشترك بينهما فإن كان عملهما سواء فالثمرة بينهما بالسوية على قدر الملكين وقد تساويا في العمل فتقاصا به وإن كان عمل أحدهما أكثر فإن كان قد شرطا له زيادة في مقابلة استحق ما فضل له من أجرة المثل وإن كان لم يشترط له شيئا في مقابلته في استحقاقه أجرة المثل قولان للشافعية ولو كان عمل من لم يشترط له الزيادة أكثر ففي استحقاقه الأجرة خلاف لهم ولو تعاونا من غير شرط لم يضر العقد مسألة لا بد وأن يكون البستان الذي يقع عليه عقد المساقاة معينا في العقد فلو كان له بستانان فساقاه على أحدهما من غير تعيين لم تصح المساقاة فان عمل فللعامل أجرة المثل وكذا يجب ان يكون الحصة معينة على ما قدمناه فلو قال ساقيتك على انك ان سقيت بالسماء أو بالسايح فكذلك الثلث وان سقيت بالناضح أو شبهه مما تلزمه مؤنة فلك النصف لم يصح العقد لان العمل مجهول ولأنه مثل قوله بعتك كذا بدينار موجل إلى كذا وبنصف دينار حال فيكون بمنزلة بيعتين في بيعة واحدة وكما لو قارضه على أنه ان تصرف وربح في كذا فله النصف أو في كذا فله الثلث وبه قال الشافعي ويحمل على مسألة الخياط وهو ان خطه روميا فلك كذا ان تجوز هذه المساقاة وبه قال بعض العامة وكذا لو قال لك النصف إن كان عليك خسارة وإن لم يكن فالثلث ومنعه بعضهم من تجويزه المسألة الأولى لان هذا شرطان في شرط ولا فرق في التحقيق بينهما مسألة عقد المساقاة قابل للشروط الصحيحة دون الفاسدة فإذا ساقاه على بستان على النصف وشرط عليه ان يساقيه في بستان اخر بالثلث أو على أن يساقيه سنة أخرى بالنصف أو على أن يساقيه العامل على حديقة صح عندنا للأصل ولأنه شرط سائغ مقصود لا يقضي إلى جهالة في المعقود عليه فكان لازما كغيره من الشروط ولقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ولقوله تعالى أوفوا بالعقود وانما عقدا على هذا الشرط وقال الشافعي لا يصح لأنه قد شرط عقدا في عقد فصار بمنزلة بيعتين في بيعة كقوله بعتك ثوبي على أن تبيعني ثوبك
(٣٤٥)