مسألة إذا اهتب الريح فأزالت الشن عن موضعه إلى غيره فاما ان يقع السهم في غير الشن وفي غير موضعه الذي كان فيه فيحتسب به مخطيا لأنه وقع في غير محل الإصابة قبل الريح وبعدها واما ان يقع في الموضع الذي كان فيه الشن من الهدف فيحتسب مصيبا لوقوعه في محل الإصابة واما ان يقع في الشن بعد زوال الشن عن موضعه فاما ان يزول الشن عن موضعه بعد خروج السهم فيحتسب به من الخطاء لوقوعه في غير محل الإصابة عند خروج السهم واما ان يخرج السهم بعد زوال الشن عن موضعه وعلم الرامي بزواله فينظر في الموضع الذي صار فيه فإن كان خارجا من الهدف لم يحتسب به مصيبا ولا مخطئا لخروجه عن محل الصواب والخطأ وإن كان مماثلا لموضعه من الهدف احتسب به مصيبا لأنه قد صار محلا للإصابة مسألة لو شرطا الخواسق فأصاب السهم الغرض وثقبه وتعلق النصل به وثبت فهو خاسق فان سقط إلى الأرض بعدما ثبت لم يضر ذلك في الخسق لأنه حصل بعد تحقق الخسق فصار كما لو نزعه غيره وان خدشه ولم يثقبه فليس بخاسق وان ثقبه ولم يثبت فيه بل سقط بعد ثقبه إلى الأرض فليس بخاسق لعدم تحقق مسمى الخسق لأنه يعتبر فيه الثبات ولم يتحقق فلم يثبت المسمى حينئذ وهو أظهر قولي الشافعي والثاني أنه يكون خاسقا لأنه ثقب ووجد ما يصلح لثبوت السهم فيه والسقوط يحتمل ان يكون لسعة الثقب أو لثقل السهم أو غيرهما ولو ثقب ومرق فالأقرب انه خاسق لان الخرق قد حصل ومروقه بعد خرقه يدل على زيادة القوة وليس الغرض من ذلك الثبوت في نقرة معينة وانما الغرض لمن تقوى الرمية بحيث يتأتى معها الثبوت ومن الرماة من لا يحسبه خاسقا وللشافعية طريقان أحدهما ان فيه قولين أحدهما انه ليس بخاسق لأنه لم يثبت والثبوت يفتقر إلى ضبط وحذق فإذا مرق دل على قصور رميه والثاني انه خاسق والطريق الثاني القطع بأنه خاسق لان الشافعي صرح بأنه خاسق عنده مسألة لو شرط الخواسق فرمى السهم فأصاب طرف الغرض وثبت هناك فالأقوى انه خاسق وهو أظهر قولي الشافعية بأنه خرق بالنصل وثبت والثاني انه ليس بخاسق لان الخسق انما هو الثقب في الوسط وهذا لا يسمى ثقبا ولا خرقا للغرض وانما هو شق لطرفه ويقال لهذا السهم خارم لا خاسق وفي موضع القولين للشافعية طرق آ ان الخلاف فيما إذا كان بعض خرم النصل خارجا واما إذا أحد؟ الغرض خرم النصل باسره فقد حصل الخسق إجماعا وهو حسن ب ان بقى من توابع الشن ما يحيط بدا أيسر؟ السهم فهو خاسق وان لم يبق مع الخرم شيئا من حاشية الشن وحصل ما خرج من داير السهم مكشوفا فلا يخلو إما ان يكون موضع السهم غير خارج من داير الشن وحاشيته وانما سقط حاشية الشن لضعفه فهذا يحتسب به خاسقا وان خرمه لان خرمه لضعف الشن لا لموضع السهم والثاني ان يكون خرمه لوقوع السهم في الحاشية ويدخل بعض داير السهم في الشن ويخرج بعض دايره من الشن ففي الاعتداد به خاسقا قولان أحدهما لا يعد خاسقا لان اختصاصه باسم الخرم قد أزال عنه حكم الخسق لان الخسق ما أحاط بالمخسوق واختلاف الأسماء يغير الاحكام ولان السهم قد صار بعضه واقفا في الشن وبعضه خارجا من الشن والثاني انه يعد خاسقا لان الخرم زيادة على الخسق لان كل خارم خاسق وليس كل خاسق خارما ولان مقصود الخسق من الثقب في الشن موجود فيه انه إذا كان بعضه خارجا لم يكن خاسقا بلا خلاف ومحل القولين ما إذا ثقب طفيه وهي الواحدة من الخوص أو جليدة تحيط بالنصل وانه إذا ابان من الطرف قطعه ولم يبنها؟ فكان الغرض محيطا بالنصل فهو خاسق قولا واحدا ومحل القولين فيما إذا خرم الطرف لا على هذا الوجه ه انه إذا خرم الطرف لم يكن خاسقا بلا خلاف وانما الخلاف فيما إذا خرم شيئا من الوسط وثبت مكانه وهو ابعدها وقال بعضهم لو كان بين النصل وبين الطرف شئ لكنه تشقق وانخرم ليبوسة كانت في الشن أو غيرها فهو خاسق وقيل لو شرط مطلق الإصابة فأصاب الطرف ففي الاحتساب به وجهان أحدهما الاحتساب لصدق المسمى والثاني عدمه لان جميع النصل لم يصيب الغرض وانما اصابه بعضه مسألة لو شرطا الخواسق فرمى السهم فوقع في ثقبة قديمة وثبت فيه فالوجه ان نقول إن عرف قوة السهم بحيث يخرق احتسب خاسقا والا فلا وللشافعية وجهان أحدهما انه لا يحتسب خاسقا لان النصل صارف الثقب ولم يخرق شيئا والمشروط الخسوق وأصحهما انه يحسب خاسقا لان السهم في قوته بحيث يخرق لو أصاب موقعا صحيحا وما ذكرناه من التفصيل أحق فعلى ما قلناه لو أشكل الحال لم يعد خاسقا وقد ذكر الشافعي ان السهم لو أصاب موضع خرق في الغرض وثبت في الهدف كان خاسقا والوجه ذلك إن كان الهدف متخذا من خشب أو اجر أو طين يابس يساوى الغرض في الصلابة أو يكون أصلب وإن كان متخذا من تراب أو طين لم يحتسب خاسقا ولا عليه لأنه لا يعلم هل يثبت لو أصاب موضعا صحيحا أو لا وقال بعضهم انه لا يعد خاسقا وإن كان في صلابة الغرض أو أصلب منه مسألة لو شرط الخواسق فخدش النصل موضع الإصابة وخرقه بحيث يثبت فيه مثل هذا السهم لكنه رجع لغلط لقيه من حصاة أو نواة فللشافعية قولان أحدهما يحسب خاسقا والاخر لا يحسب والوجه التفصيل الذي قلناه في المسألة السابقة والأظهر عند الشافعية انه يحسب خاسقا لظهور سبب الرجوع فان قلنا لا يحسب له لم يحسب عليه كما في باقي العوارض المانعة من الاحتساب له وعليه مسألة اشتراط الخسق انما يكون في الشن دون الهدف وقد بينا ان الشن هو جلد ينصب في الهدف تمد أطرافه بأوتاد أو خيوط تشد في أوتاد منصوبة في الهدف وربما كان ملصقا بحايط الهدف وربما كان بعيدا منه نحو شبر أو زراع وهو ابعد ما ينصب وخسق الشن إذا كان بعيدا من الهدف أوضح منه إذا كان ملصقا به فاما إذا رمي في الشن وهو ملصق بالهدف فأصاب الشن ثم سقط والإصابة خسق فزعم الرامي انه خسق ولفى غلظا في الهدف يعرف من حصاة أو نواة فرجع وهو خاسق وزعم صاحبه انه انما قرع فسقط ولم يخسق فالأحوال ثلاثة آ ان يعرف صدق الرامي بان يعرف موضع خسقه ويرى الغلظ من ورائه فالقول قوله بغير يمين لشهادة الحال بصدقه ب ان يعلم صدق غريمه إما بان لا يرى في الشن خسقا واما بان لا يرى في الهدف غلطا فيقدم قوله بغير يمين لان الحال تشهد بصدقه ج ان يحتمل صدق كل واحد بان يكون في الشن خواسق وخروق ولم يعرف موضع الإصابة وفي الهدف غلط وأشكلت الإصابة هل كانت في مقابلة الغلظ أو لا فإن كان هناك بينة فالتعويل عليها والأقدم قول المنكر مع يمينه لأصالة عدم الخسق ولا يحتسب به مصيبا وفي احتسابه مخطيا وجهان أحدهما يحتسب به مخطئا لتردد الرمي بين الصواب أو الخطاء وقد انتفى الصواب فثبت الخطاء والثاني لا يحتسب مخطئا لان الإصابة لا يحتسب إلا مع اليقين فكذا الخطاء وان نكل المنكر عن اليمين احلف الرامي المدعي فإذا حلف احتسب اصابته وكذا الحكم أو عين الرامي موضعا وقال هذا الخرق حصل بسهمي وانكر صاحبه تذنيب لو مرق السهم وثبت في الهدف وعلى النصل قطعة من الغرض فقال الرامي هذه القطعة أبانها سهمي بقوته وذهب بها وقال الآخر بل كانت القطعة بانية من قبل فتعلقت بالسهم فالقول قول الأخر لان الأصل ان لاخسق هذا إذا لم يجعل الثبوت في الهدف كالثبوت في الغرض فان أقمناه مقامه فلا معنى لهذا الاختلاف مسألة إذا شرطا المبادرة وعقدا للمناضلة؟ وجعلا المال لمن سبق إلى إصابة عشرة من مائة فيكون الرشق مائة والإصابة المشروطة منها عشرة فأيهما بدر إلى اصابتها من أقل العددين فقد نضل صاحبه وسقط رمي الرشق وان تكافيا في الإصابة من (؟؟) سقط الباقي وليس بينهما تناضل ولا تناضلا فرمى كل واحد منهما خمسين فأصاب أحدهما عشرة وأصاب الأخر تسعة أو لم يصيب شيئا فالأول ناضل قطعا يستحق المال والأقرب انه لا يلزمه اتمام العمل وهو أظهر وجهي الشافعية لأنه قد تمم العمل الذي تعلق به الاستحقاق فلا معنى لالزام عمل بعد ذلك والثاني يلزم لينتفع صاحبه
(٣٦٧)