عليه وقيل لا يشترط القبول لفظا لأنه جعالة يكفي فيها الايجاب وهو البذل فإذا بذل أحدهما المال لم يشترط من صاحبه القبول بالقول كما لا يشترط في الجعالة لمعين وهو أن يقول لشخص معين ان رددت عبدي فلك كذا وان قلنا بأنه لازم وجب شرط اللفظ في القبول الثالث تقدير المسافة وانما يتحقق بتعيين الابتداء والانتهاء وتعيين الموقف الذي يبتديان بالجري منه والغاية التي يجريان إليها لان النبي صلى الله عليه وآله سابق من الحقيباء إلى ثنية الوداع على الخيل المضمرة ومن الثنية إلى مسجد بنى زريق على الخيل غير المضمرة فلو لم يعينا المبدأ ولم يعينا المنتهى بان شرطا المال لمن أسبق منهما حيث سبق لم يجز لأنه إذا لم يكن هناك غاية معينة فقد يديمان السير حرصا على المال وينبعثان وتهلك الدابة ولان من الخيل ما يقوى سيره في ابتداء المسافة ثم يأخذ في الضعف وهو عتاق الخيل وساجة ينبغي قصر المسافة ومنها ما يضعف سيره في الابتداء ثم يقوى ويشتد في الانتهاء وهو هجانها وصاحبه يبقى طول المسافة فإذا اختلف الغرض فلا بد من الاعلام والتنصيص على ما يقطع النزاع كما يجب التنصيص على تقدير الثمن في البيع والأجرة في عقد الإجارة ولان ذلك يفضى إلى جر الخيل حتى ينقطع فتهلك طلبا للسبق فمنع منه ولو عينا غاية وشرطا ان اتفق في وسط الميدان كفى وكان السابق فايزا فالأقرب المنع وهو أحد قولي الشافعية لأنا لو اعتبرنا السبق في خلال الميدان لاعتبرنا السبق بلا غاية معينة ولأنه قد يسبق الفرس ثم تسبق والاعتبار انما هو باخر الميدان الا ترى انهما إذا لم يشرطا ان السابق في خلال الميدان فايزا فسبق أحدهما في خلاله وسبق الأخر في اخره يكون السابق الثاني وقال بعض الشافعية يصح لأنه سبق إلى كالسبق إلى الغاية والوجه الأول ولو عينا غاية وقالا ان اتفق السبق عندها فذاك والا تعدياها إلى غاية أخرى اتفقا عليها فالأقرب الجواز لحصول الاعلام وكون كل واحد من المستبقين سبقا إلى غاية معينة وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه لا يجوز لتردد المعقود عليه تذنيب لو استبقا بغير غاية لينظر أيهما يقف أولا لم يجز لما تقدم مسألة يشترط تساوي المتسابقين في مبدء السباق الذي يبتديان بالجزى منه وفي الغاية التي يجريان إليها لما تقدم من الخبر وهو ان النبي صلى الله عليه وآله سابق بين الخيل المضمرة من الحقيباء إلى ثنية الوداع فلو شرطا تقدم موقف أحدهما أو تقدم غايته لم يجز لأنه مناف للغرض إذ المقصود من المسابقة معرفة فروسية الفارس وجودة سير الفرس وانما يعرف ذلك مع تساوي المبدء والمنتهى فيهما إذ مع التفاوت لا يعرف ذلك لاحتمال ان يكون السبق حينئذ لقصر المسافة لا لحذف الفارس ولا لفراهة الفرس الشرط الرابع تعيين الخطر وهو المال الذي تسابقا عليه جنسا وقدرا لأنه عوض عن فعل محلل فشرط فيه العلم كالإجارة فلو شرطا مالا ولم يعيناه أو تسابقا على ما يتفقان عليه أو على ما يحكم به زيد بطل العقد لما فيه من الغرر ولافضائه إلى التنازع وهو ضد حكمة الشارع وليس المال شرطا في عقد المسابقة بل تعيينه لو شرط ولو تسابقا على مثل ما تسابق به زيد وعمرو فان علماه حالة العقد صح وإلا بطل ويجوز ان يكون المال دينا وعينا لأنه كعوض المبيع والمستأجر وكذا يصح ان يكون العوض حالا ومؤجلا كما يصح في الثمن ومال الإجارة وغيرهما من الأعواض ذلك وإذا شرط الاجل فلا بد من تعيينه تحرزا من الغرر المنهي عنه مسألة إذا تضمن عقد المسابقة مالا فاما ان يخرجه المتسابقان معا أو أحدهما أو ثالث غيرهما فالأقسام ثلاثة الأول ان يخرج المال غير المتسابقين فذلك الغير إما ان يكون هو الامام أو غيره فإن كان هو الامام جاز اجماعا سواء كان من ماله أو من بيت المال لان النبي صلى الله عليه وآله سابق بين الخيل وجعل بينهما سبقا ولان ذلك يتضمن حثا على تعلم الجهاد والفروسية واعداد أسباب القتال وفيه مصلحة للمسلمين وطاعة وقربة فكان سايغا وإن كان غير الامام جاز أيضا عند علمائنا وبه قال الشافعي لأنه بذل مال في طاعة وقربة وطريق مصلحة للمسلمين فكان جايزا ويثاب عليه إذا نوى وقال مالك لا يجوز ان يخرج المال غير المتسابقين ثالث غير الامام لان ذلك مما يحتاج إليه في الجهاد فاختص بالامام لاختصاص النظر في الجهاد به وهو غلط لما بيناه من اشتماله على بذل مال في طريق مصالح المسلمين كان جايزا كما لو اشترى لهم خيلا أو سلاحا وقد سبق ان ما فيه معونة على الجهاد يجوز ان يفعله غير الامام كارتباط الخيل واعداد الأسلحة ولان ما جاز ان يخرجه الامام من بيت مال المسلمين جاز ان يتطوع به كل واحد من المسلمين كبناء المساجد والقناطير الثاني ان يخرج مال المسابقة أحد المتسابقين بان يقول لصاحبه أيما سبق فله عشرة ان سبقت أنت فلك عشرة وان سبقت انا فلا شئ عليك وهو جايز عند علمائنا وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله من يخبر بين؟ من الأنصار يتناضلون وقد سبق أحدهما الأخر فقال النبي صلى الله عليه وآله انا مع الحزب الذي فيه ابن الأورع فأقرهما على ذلك ولأصالة الجواز ولانتفاع المانع منه فإنه لا مانع من أن يخرج أحد المتسابقين المال دون الأخر ويشترط ان سبق مخرج المال أحرز مال نفسه ولا شئ على المسبوق وان سبق الأخر اخذ مال المخرج لأنه يصير عن المخرج منهما محللا فخرج به عن سلك القمار وقال مالك لا يجوز لأنه قمار وهو غلط لان القمار لا يخلو كل واحد منهم ان يغنم أو يغرم فهو متردد بينهما وهنا لا خطر على أحدهما وليس أحدهما مترددا بين ان يكون يغنم أو يغرم إما المخرج فإنه متردد بين ان يغرم وبين ان لا يغرم واما الأخر فمتردد بين ان يغنم وبين ان لا يغنم ولا يغرم بحال الثالث ان يخرج السبق المتسابقان معا بان يخرج كل واحد منهما مثلا عشرة ويأخذ المالين معا السابق منهما وهو جايز مطلقا عندنا للأصل وقال الشافعي لا يجوز إلا بالمحلل ومعناه ان يكون معهما ثالث في السباق ان سبق اخذ السبقين وان سبق لم يغرم لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من ادخل فرسا بين فرسين وقد امن ان يسبق فهو قمار وان لم يأمن ان يسبق فليس بقمار وجه الدلالة انه إذا علم أن الثالث لا يسبق فهو قمار وإذا لم يكن معهما فهو أولي بان يكون قمارا والدلالة في أول الخبر وهو انهما لو تسابقا وادخلا بينهما ثالثا قد آيس ان يسبق لضعف فرسه وقوة الآخرين فهو قمار لأنه قد علم وعرف انه لا يسبق ولا يأخذ شيئا فإذا لم يجز هذا ومعهما ثالث قد ايس ان يسبق فبان لا يجوز إذا لم يكن معهما ثالث بحال أولي لأنه (ع) قد جعله قمارا إذا آيس ان يسبق لأنه لا يخلو كل واحد منهما ان يغنم أو يغرم فإذا لم يكن معهما ثالث كان أولي بذلك واما إذا كان بينهما محللا وهو ان يكون معهما ثالث ان سبق اخذ السبقين وان سبق لم يغرم جاز وبه قال الشافعي والأصل فيه ان إباحة السبق معتبرة بما خرج عن معنى القمار والقمار هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانما ان اخذ أو غارما ان اعطى فإذا لم يدخل بينهما محلل كانت هذه حالهما كان قمارا وإذا دخل بينهما محلل غير مخرج يأخذان سبق ولا يعطى ان سبق ان خرج من معنى القمار فحل وقال مالك لا يجوز لأنه قمار وبه قال ابن حيران؟ من الشافعية لأنه فيهم من يغنم تارة ويغرم أخرى فلم يجز كما لو لم يكن بينهما محلل وليس بجيد لان فيهم من يغرم ولا يغرم فأشبه ما إذا اخرج أحدهما السبق وهذا لداخل سمى محللا لأن العقد صح به فصار حلالا والوجه ما قلناه ويمنع كونه قمارا بدون المحلل تنبيه إذا بذل العوض لم يكلف الباذل البداية بتسليمه بخلاف الاجر حيث يسلمه إلى المؤجر بالعقد المطلق لان الامر في المسابقة مبنى على الخطر فيعتد فيه بالعمل الشرط الخامس تعيين ما يسابق عليه بالمشاهدة لان المقصود من المسابقة امتحان الفرس لتعرف شدة سيره وتضمر الخيل وتمرينها على العدو وكل واحد من هذين المعنيين يقتضى وجوب التعيين فان أحضرت الأفراس وعقد العقد على أعيانها جاز اجماعا وان لم يحضر ووصفت وعقد العقد على الوصف ثم أحضرت فالأقرب المنع لان المعول في المسابقة على أعيان الخيل فلا يكفي الوصف وهو أحد وجهي الشافعية والثاني الجواز لان الوصف والاحضار بعده يقومان
(٣٥٥)