على كل شجر له ثمرة سواء كان نخلا أو كرما أو غيرهما خلافا للشافعي في الجديد من القولين حيث خصص الجواز بالنخل والكرم لأنه زكوى وغيرهما ليس بزكوى ولان ثمار النخل والكرم انما يحصل غالبا بالعمل وساير الأشجار تثمر من غير تعهد وعمل عليها ولان الزكاة تجب في ثمرتها فجازت المساقاة فيهما سعيا في تثميرها ليرتفق بهما المالك والعامل والمساكين جميعا ولان الخرص يتأتى في ثمرتهما لظهورهما وتدلي عناقيدهما وساير الأشجار ينشر ثمارها وتستتر بالأوراق وإذا تعذر الخرص تعذر تضمين الثمار للعامل وربما لا يثق المالك بأمانته فاذن تجويز المساقاة عليها أهم والكل ضعيف فان حاجة غير الكرم والنخل من الأشجار إلى التعهد أقوى من حاجتهما والزكاة وان لم تجب في غيرهما لكنها مستحبة فكان السعي في تثميرها سعيا في نفع الفقراء ولأنه لا يلزم من عدم نفع الفقير عدم الجواز لان المقتضي للجواز نفع البعض لا الجميع والثمار في الأشجار لا تخفى كل الخفاء ولا بعضه بحيث لا يدرك قدرها بالتخمين والحرز ولو سلم فلا يوجب ذلك المنع من المعاملة عليها مسألة شجر المقل يجوز المساقاة عليه إما عندنا فظاهر لأنه شجر له ثمر واما عند الشافعي فان سوغ المساقاة على غير النخل والشجر جاز قطعا وان منع فوجهان فيه أحدهما انه يجوز المساقاة عليه تخريجا لظهور ثمرته والثاني المنع لأنه لا زكاة فيها واما التوت الأنثى فتجوز المساقاة عليه عندنا لأنه مثمر وكذا عند الشافعي على القول الذي سوق فيه المساقاة على غير النخل والكرم واما التوت الذكر وما أشبهه مما يقصد ورقه كالحناء وشبهه ففي جواز المساقاة عليه خلاف والأقرب جوازها لان الورق في معنى الثمرة لكونه مما يتكرر في كل عام ويمكن اخذه والمساقات عليه بجزء منه فيثبت له مثل حكم غيره وكذا شجر الخلاف لأغصانها التي تقصد في كل سنة أو سنتين والأقرب الجواز في التوت بنوعيه وكلما يقصد ورقه أو ورده كالورد والنيلوفر والياسمين والأس وأشباه ذلك وكذا في فحول النخل لان لها طلعا يصلح كشا للتلقيح فأشبه الثمرة وهل تجوز على الخوص والسعف الأقرب المنع لأنها اجزاء من النخلة يتلف بذهابه مسألة يشترط ان يكون الثمرة بين المالك والعامل ولا يصح اشتراطها ولا اشتراط بعضها لثالث لعدم المقتضى لاستحقاق الثالث وكذا لو شرطا ان جميع الثمرة للمالك أو العامل فسدت المساقاة لان النص ورد على التشريك بينهما في الفايدة فالاختصاص يكون غير المعهود من المساقاة في نظر الشرع فوجب ان لا يكون سايغا ويجب أن تكون صحة كل واحد منهما معلومة لما في الجهالة من الغرر المنهى عنه فلو قال ساقيتك على هذا النخل على أن يكون لك نصيب من الثمرة أو حظ أو جزء أو شئ أو قليل أو كثير أو ما شئت أو ما شاء فلان أو كحصة فلان وهما أو أحدهما لا يعلما نهى والباقي لي أو على أن يكون لي جزء أو نصيب أو حظ أو غير ذلك والباقي لك لم يصح اجماعا ولا تحمل الأجزاء المجهولة على الوصية ويجب أن تكون معلومة بالجزئية كالنصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك من الأجزاء المعلومة دون التقدير فلو قال ساقيتك على أن يكون لك من الثمرة ألف رطل ولى الباقي أو بالعكس لم يصح لما قلنا في القراض من امكان ان لا يحصل الا ذلك القدر بعينه أو دونه فيؤدي إلى اختصاص أحدهما بالثمرة وهو مناف لمقتضي المساقاة مسألة لو شرط المالك الجميع لنفسه فقد قلنا إن العقد يبطل وهل يجب للعامل أجرة المثل الأقرب عدم ذلك وهو أصح قولي الشافعية لأنه عمل مجانا ودخل في العقد على أنه لا شئ له ولا شك ان المتبرع لا يستحق اجرا ولا صحة كما قلنا في القراض والثاني لهم انه يستحق أجرة المثل لان المساقاة يقتضى العوض فلا يسقط بالرضا كالوطئ في النكاح ولو شرط العامل الجميع لنفسه لم يصح لأنه مناف لمقتضي المساقاة كما تقدم وتكون الثمرة بأجمعها للمالك وعليه أجرة المثل للعامل وقال بعض الشافعية يصح لغرض القيام بتعهد الأشجار وترتيبها وليس بجيد لان ذلك يكون اجارة باطلة لجهالة العوض وليس مساقاة لان موضوعها الشركة في الثمار ويجوز ان يشترط أحدهما الكل الأشياء يسيرا حتى لو كان للعامل جزء من مائة الف جزء من الثمرة والباقي للمالك أو بالعكس جاز إذا كان لذلك الجزء قيمة ولا نعلم فيه خلافا لأنه انما يثبت بالشرط فكان بحسب ما يشترطاه ولو تعددت الأجزاء لأحدهما صح مع العلم كما لو شرط أحدهما النصف والثلث والعشر مسألة لو ساقاه على مقادير معينة لكل منهما مقدارا معينا غير الجزئية وقصدت الإشاعة جاز أيضا كما لو شرط المالك مائة صاع والعامل مائة وقصد التنصيف في الثمرة جاز لان الغرض من ذلك جزئية النصف وكذا لو شرط المالك مائتي صاع لنفسه ومائة صاع للعامل أو بالعكس على القصد المقدم صح ولو قصدا تعيين المقادير لا الإشاعة بطل وكذا يبطل لو شرط أحدهما أصواعا معلوما والباقي للاخر أو شرطا ان يكون لأحدهما أصواعا معينة والباقي بينهما لم يصح أيضا لما تقدم وسواء قل الجزء المشترط أو كثر حتى لو شرط أحدهما اختصاصه بأوقية والباقي بينهما لم تصح المساقاة مسألة والذي يجب تعيينه بالشرط حصة العامل خاصة إذ بحصول العلم بها يحصل العلم بحصة المالك لان الثمرة تابعة للأصل بالأصالة فلو قال ساقيتك على أن لك النصف من الثمرة وسكت مالك النخل عن صحته صح لان الباقي يكون له بالأصل ولو قال المالك ساقيتك على أن لي النصف من الثمرة وسكت عن حصة العامل فالأقوى البطلان حيث لم يتعين حصة للعامل ويحتمل الصحة بناء على المفهوم وقد سبق في القراض ولو قال ساقيتك على أن الثمرة بيننا اقتضى التنصيف لأنه الأصل ولو ساقاه على أن يكون للعامل ثمرة نخلة معينة والباقي بينهما نصفين أو بالعكس لم يصح لأنه قد يؤدي إلى أن يكون الجميع لأحدهما بان لا يسلم منها الا تلك النخلة وكذا لو شرط قدرا معينا لأحدهما كمائة رطل والباقي للاخر أو بينهما لجواز ان لا يحصل الا ذلك القدر وكذا ما روي العامة ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن المزارعة التي يجعل فيها لرب الأرض مكانا معينا وللعامل مكانا معينا قال رافع كما نكترى الأرض على أن لنا هذه وله هذه فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك واما الذهب والورق فلم ينها إذا عرفت هذا فإنه يجوز ان يشترط أحدهما على الأخر مع الحصة التي له شيئا من عنده من ذهب أو فضة أو غيرهما للأصل تذنيب لو اتفقا على تعيين الجزء ثم اختلفا في أن الجزء المشروط لمن هو منهما فهو للعامل لان الشرط مراد لأجله لان المالك يملك حصته بالتبعية للأصل لا بالشرط مسألة إذا اشتمل البستان على أشجار مختلفة كالزيتون والرمان والتين والكرم فساقاه المالك على أن للعامل سهما واحدا في الجميع كنصف الثمرة أو ثلثها أو غير ذلك صح اجماعا سواء علما قدر كل واحد من الأجناس أو جهلاه أو علم أحدهما دون الأخر وسواء تساوت الأجناس أو تفاوتت ولو فاوت المالك بينهما بان جعل له في الزيتون النصف وفي الرمان الثلث وفي التين الربع وفي الكرم السدس فان علما قدر كل جنس منها جاز كما لو ساقاه على حديقتين أو حدايق على أن له النصف من هذه الحديقة والثلث من هذه وان جهلا أو أحدهما قدر كل جنس منها لم يصح لما فيه من الغرر فان المشروط فيه أقل الجزئين قد يكون أكثر الجنسين ومعرفة كل جنس من الأشجار وانما يكون بالنظر والتخمين والفرق بين الثاني والأول ان قدر حقه من ثمرة الحديقة في الأول معلوم بالجزئية وانما المجهول الجنس والصفة وفي الثاني القدر مجهول أيضا لاحتمال اختلاف ثمرة الجنسين في القدر وحينئذ يكون قدر ماله من ثمرة الكل مجهولا لان المستحق على أحد التقديرين نصف الأكثر وثلث الأقل وعلى الثاني ثلث الأكثر ونصف الأقل والأول أكثر من الثاني ومعلوم ان الجهل يقدر الحصة مبطل وكذا لو لم يعين مع الاختلاف بان قال له لك من أحد الأجناس النصف ومن الأخر الثلث ولم يعين كل واحد منهما وكذا لو كان الجنس واحدا والنوع مختلفا كالنخل إذا كان بعضه برنيا وبعضه بادرايا وبعضه معقليا وفاوت بينهما في الحصص
(٣٤٤)