من السيل إذا فاض به الوادي وهو نادر أو يكون شربها من النهر إذا زاد زيادة نادرة ففي جواز المزارعة عليها اشكال ينشأ من عدم التمكن من انتفاع ما وقع عليه العقد في الامر الظاهر ومن امكان الوقوع ولو نادرا فان انقطع الماء بحيث لا يمكن الزراعة أو فات وقت الزرع انفسخت المزارعة ولو زارع عليها أو اجرها للزراعة ولا ماء لها مع علم الزراع لم يتخير ومع الجهالة فله الفسخ إما لو استأجرها مطلقا ولم يشترط المزارعة صح العقد ولم يكن له الفسخ لامكان الانتفاع بها بغير الزرع بان ينزل فيها ويضع رحله ويجمع فيها حطبا ولو قدر على ماء أو أراد ان يزرع رجاء الماء كان له ذلك لان ذلك من جملة منافعها إلا أنه لا يبني ولا يغرس لان تقدير المدة يقتضي تفريغ الأرض عند انقضائها والبناء والغرس يرادان للتأبيد فلهذا لم يكن له قاله الشافعي وليس بشئ لأنه قد استأجرها وأطلق فكان له وجوه الانتفاعات ولا خلاف في أنه لو استأجرها للغراس والبناء وقدر المدة جاز مع أنهما للتأبيد فليجز مع الاطلاق مسألة لو زارع على الأرض ولها ماء معتاد يعتورها وقت الحاجة إليه صح العقد فان تجدد له انقطاع في أثناء المدة فللزارع الخيار لعدم الانتفاع وكذا لو استأجرها للزراعة وإذا فسخ العامل لانقطاع الماء فعليه اجرة ما سلف ويرجع بما قابل المدة المتخلفة إما لو استأجرها مطلقا فإنه لا ينفسخ العقد لامكان الانتفاع في غير الزرع على ما تقدم ولو فرض عدم النفع بالكلية فان العقد ينفسخ لفوات المعقود عليه وهي المنفعة ولو كانت الأرض لا ماء لها يعتادها لا من نهر ولا من مطر ولا من غيرهما لم تصح المزارعة عليها لتعذر الانتفاع بها ولا استيجارها للزراعة وهل يجوز استيجارها مطلقا الأقوى الجواز لان الانتفاع لا ينحصر في الزرع وللشافعية وجهان أحدهما انه لا تصح الإجارة لأن اطلاق العقد يقتضي الزراعة ولو شرط الزراعة كان فاسدا فكذا إذا اطلق والثاني ينظر إن كانت الأرض لا ماء لها بحال ولا يمكن ان يجلب إليها صح العقد لان علمه بذلك بمنزلة شرط انها بيضاء وإن كان لها ماء بحال أو يمكن ان يجلب إليها كان العقد فاسدا لان المكري يجوز ان يعتقد ان على المكترى تحصيل الماء فإنه يكريها للزراعة فيقضي الإجارة الزراعة وذلك متعذر في الظاهر فلم يصح مسألة تجوز المزارعة على الأرض التي لها ماء من شط يزيد زيادة أو يحتاج إلى الدالية وشبهها وكذا يجوز اجارتها للزراعة قبل مجئ الماء وبعده وقال الشافعي ان اجرها بعد مجئي الماء النادر جاز لأنه قد أمكن الزراعة فاما إذا كانت الأرض بشرب بالزيادة المعتادة جاز اجارتها وإن كانت الزيادة لم توجد وكذا ما تشرب بالمد بالبصرة يجوز اجارتها وقت الجزر وما يشرب بالمطر المعتاد تجوز اجارته قبل مجئ المطر اعترض عليهم بان من مذهبهم انه متى لم يكن استيفاء المنفعة عقيب العقد لم تصح الإجارة وأجابوا بأنه يمكن هنا ان يبتدي عقيب العقد بعمارة الأرض للزراعة فلو كان لا يمكنه عمارتها وزراعتها إلا أن يكون الماء حال العقد لم يجز اجارتها حتى يكون الماء حال العقد وليس بجيد وجوزوا استيجارها والماء قايم عليها إذا كان ينحسر عنها لا محالة في وقت يمكن الزرع عليه وهو معروف بالعادة المستمرة فيها ثم اعترض بأنه كيف يجوز اجارتها ولا يمكن الانتفاع بها عقيب العقد والماء أيضا مانع من رؤيتها فأجابوا بان كون الماء فيها لا يمنع من التسليم والتشاغل بعمارتها لأنه يمكنه ان يشغل بحسر الماء عنها ببئر يحفرها أو موضع يفتحه ويجري ذلك مجرى من اشترى دارا أو استأجرها وفيها قماش يحتاج إلى تحويله ويمكن ذلك في الحال فإنه يجوز قال أبو إسحاق ولأن الماء فيها من عمارتها واما رؤيتها فإنه إن كان قدراها أولا أو كان الماء صافيا لا يمنع رؤيتها جاز وقال بعضهم وجود الماء فيها لا يمنع الانتفاع وقت الزراعة فلا يمنع ذلك صحة الإجارة وصححه الباقون لأنه ليس من شرط الإجارة حصول الانتفاع بالزراعة في جميع مدتها لأنه يجوز ان يستأجر سنين والزرع يحصل في بعضها وانما يعتبر امكان التسليم عقيب العقد فلو كان الماء كثيرا يمنع التسليم لم يجز العقد تذنيب لو كانت الأرض على صفة يمكن زراعتها إلا أنه يخاف عليها الغرق يغرق وقد لا يغرق جازت اجارتها لأن الظاهر عدم الفرق والأصل السلامة كما يجوز اجارة الحيوان لان الأصل السلامة وان جاز عليه التلف اخر لو رضي المستأجر للزراعة باستيجار ما لا ينحسر الماء عنه جاز لأنه رضي بالعيب هذا إذا كانت الأرض يمكنه مشاهدتها ولو كان الماء قليلا يمكن معه بعض الزراعة جاز ولو كان الماء ينحسر عنها على التدريج لم يصح لجهالة وقت الانتفاع ولو كان وقته معلوما بالعادة جاز الرابع الحصة مسألة يجب ان يكون النماء مشتركا بينهما فلو شرطه أحدهما لنفسه خاصة لم يصح لان المنقول عن الرسول وأهل بيته (ع) انما ورد على الاشتراك في الحصة والأمور الشرعية متلقاة عن النبي صلى الله عليه وآله فلا يجوز التجاوز عنها ولا يشترط تساويهما فيه بل يجوز ان يكون لأحدهما أكثر مما للاخر على حسب ما يتفقان عليه لان الروايات دلت على أن المعاملة بالثلث والربع وغيرهما ولا نعلم في ذلك خلافا بين مجوزي المزارعة مسألة ولا بد وأن يكون النماء بأجمعه بينهما فلو شرط أحدهما زرعا بعينه والاخر زرعا اخر بعينه مثل ان يشترط المالك لنفسه زرع ناحية ويشترط العامل لنفسه ناحية أخرى أو يشترط أحدهما ما على الجداول والسواقي والاخر ما عداه لم يصح أو اشترط أحدهما الهرف والاخر الأقل أو شرط أحدهما زرع الحنطة والاخر زرع الشعير أو ما أشبه ذلك ولا خلاف فيه بين العلماء لان الخبر ورد بالنهي عنه من غير معارض ولأنه ربما تلف ما شرطه أحدهما لنفسه أو لصاحبه فينفرد الأخر بالغلة وحده إما لو شرط أحدهما لصاحبه النصف وما يزرع على الجداول أو شرط مع نصيبه نوعا من الزرع أو الأقل ففيه عندي نظر لكن المجوزون للمزارعة من العامة اتفقوا على بطلانه مسألة ولا بد وأن يكون الحصة معلومة فلو شرط لأحدهما جزءا أو نصيبا أو شيئا أو بعضا ولم يبين القدر بطل بالاجماع لما فيه من الغرر ولا تحمل الألفاظ المجملة هنا على ما ورد في الوصية لان ذلك ورد في صورة معينة فلا يجوز تجاوز عنها ولا بد وأن تكون الحصة معلومة بالجزئية فلو شرط أحدهما من الحاصل قفيزا معينا والباقي للاخر لم يصح وكذا لو شرط أحدهما قدرا من الحاصل وما زاد عليه بينهما لم تصح لجواز ان لا تحصل الزيادة فينفرد أحدهما بالفايدة وهو مناف لموضوع المزارعة إما لو شرط أحدهما على الأخر شيئا يضمنه له من غير الحاصل مضافا إلى الحصة فالأقرب عندي الجواز عملا بالشرط وقال بعض علمائنا تبطل والوجه الأول وكذا لا يصح لو شرطا اخراج البذر وسطا ويكون الباقي بينهما على اشكال لان ذلك يتضمن اشتراط أحدهما شيئا معينا زايدا على حصته وقد بينا بطلانه لجواز ان لا يحصل سواه فيؤدي إلى أن ينفرد أحدهما بالفايدة وفيه نظر لأنه بمنزلة الخراج وكذا لو شرط رب الأرض اخراج البذر من حصته العامل يبطل لأنه بمنزلة ما لو شرط على عامل المضاربة اخراج رأس المال من عنده وقد روى إبراهيم الكرخي عن الصادق عليه السلام قال قلت له أشارك العلج فيكون من عندي الأرضون والبذر والبقر ويكون على العلج القيام والسقي والعمل في الزرع حتى يصير حنطة وشعيرا وتكون القسمة فيأخذ السلطان حنطة ويبقى ما بقي على أن للعلج منه الثلث ولي الباقي قال لا بأس بذلك قلت فلي عليه ان يرد علي ما خرجت الأرض من البذر ويقسم الباقي قال انما شاركته على أن البذر من عندك وعليه السقي القيام وكذا يجب تعيين الحصة من كل نوع فلو قال ازرعها حنطة وشعيرا ولى ثلث أحدهما ونصف الأخر ولم يعين بطل وان عين صح ولو قال إن زرعتها حنطة فلى الثلث وان زرعتها شعيرا فلى النصف بطل للجهالة وفيه لبعض العامة وجه بالجواز كالخياطة ولو قال
(٣٣٨)