رسول الله صلى الله عليه وآله ان يقرهم بخيبر على أن يعملوها أو يكون لرسول الله صلى الله عليه وآله شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع فقال رسول الله نقركم على ذلك ما شئنا ولو كان لازما لم يجز تغير تقدير المدة ولا ان يجعل الخيرة إليه في مدة اقرارهم ولان النبي صلى الله عليه وآله لم ينقل عنه انه قدر لهم ذلك بمدة ولو قدر لنقل لان هذا ما يحتاج إليه فلا يجوز الاخلال بنقله وعمر أجلاهم من الأرض وأخرجهم من خيبر ولو كانت لهم مدة مقدرة لم يجر اخراجهم منها ولأنه عقد على جزء من نماء المال فكان جايزا كالمضاربة أو على المال بجزء من نمائه فأشبه المضاربة والرواية لا حجة فيها لأنها حكاية حال المعاملة والمساومة ولم يذكر ذلك في متن العقد لأنه لم ينقل فيه كيفية ما وقع العقد عليه بل لم يذكر سوى السؤال واما تقييد المدة فقد نقله أهل البيت (ع) روي الحلبي في الحسن عن الصادق (ع) قال القبالة ان يأتي إلى الأرض الخربة فيقبلها من أهلها عشرين سنة أو أقل من ذلك أو أكثر يعمرها ويؤدي ما خرج عليها قال لا بأس والفرق بين المساقاة والقراض ان العمل في المساقاة يقع في أعيان تبقى بحالها وفي القراض لا تبقى الأعيان بعد العمل والتصرف فكان القراض شبيها بالوكالة والمساقاة بالإجارة وأيضا لو كانت من العقود الجايزة لكان للمالك ان يفسخ بعد العمل وقبل ظهور الثمرة وحينئذ فاما ان يقطع حق العامل عنها أولا وعلى التقدير الأول يضيع سعي العامل مع بقاء تأثيره في الثمار وهو ضرر وعلى التقدير الثاني لم ينتفع المالك بالفسخ بل يتضرر لحاجته إلى القيام ببقية الأعمال بخلاف القراض فان الربح ليس له وقت معلوم ولا له تأثير بالاعمال السابقة ولا يلزم من فسخه ما ذكرنا مسألة ولا بد في عقد المساقاة من تقدير المدة إما سنة أو أقل أو أكثر عند علماءنا أجمع وبه قال الشافعي لأنه عقد لازم فلا بد من ضبطه بالمدة كالإجارة وساير العقود اللازمة ولأنها يقتضي العمل على العين مع بقائها فوجب فيها تقدير المدة كالإجارة ولأنها إذا وقعت مطلقة لم يكن حملها على اطلاقها مع لزومها لأنه يقتضي إلى أن العامل يستبد بالشجر كل مدته فيصير كالمالك فيلزم تصوير من ليس بمالك في صور المالكين وفيه اضرار بالمالكين ولان المساقاة مفتقرة إلى مدة يقع فيها التعهد وخرج والثمار ولحصول الثمار غاية معلومة يسهل ضبطها بخلاف القراض لان التأقيت يخل به لان الربح ليس له وقت معلوم فربما لا يحصل في المدة المقدرة ولان عمل المساقاة مجهول وانما ينضبط بالمدة لا غير فاشترط ذلك المدة فيه لتعيين العمل وينضبط وكل من قال بان المساقاة عقد لازم أوجب تقدير المدة إلا أبا ثور فإنه قال يصح من غير تقدير مدة ويقع على سنة واحدة واجازه بعض الكوفيين استحسانا مسألة ويجب ان يكون المدة مضبوطة لينتفي الغرر بجهالتها ثم إن قيدت بالأشهر أو السنين العربية أو غير العربية إذا علماها جاز ولو اطلقا حمل على العربية فان قدرت بادراك الثمار لم يجز على اشكال لان هذا التأقيت غير مضبوط فان الثمار قد يتقدم وقد يتأخر فيجب ان يقيد بما يضبطها كالإجارة والآجال في العقود وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يجوز لأنه المقصود في هذا العقد الا ترى انه لو أقت بالزمان كان الشرط ان يعلم أو يظن فيه الادراك فإذا تعرض للمقصود كان أولي والأول وهو الأشهر عندهم وعلى القول الثاني لو قال ساقيتك وأطلق فهل يحمل على سنة عربية أو على سنة الادراك للشافعية وجهان أصحهما الثاني وعلى الأول وهو الذي ذهبنا إليه لو أقت بالزمان فأدركت الثمرة وبعض المدة باقية وجب على العامل ان يعمل في تلك المدة ولا اجرة له وان أنقصت المدة وعلى الأشجار طلع أو بلج فللعامل نصيبه منهما وعلى المالك التعهد إلى الادراك قاله الشافعية والأولى ان عليه تعهد نصيبه خاصة ولو حدث الطلع بعد المدة فلا حق له مسألة قد بينا ان المساقاة من العقود اللازمة وقال بعض العامة انها من العقود الجايزة فإذا فسخ أحدهما بعد ظهور الثمرة فهي بينهما على ما شرطاه وعلى العامل تمام العمل كما يلزم المضارب بيع العروض إذا فسخت المضاربة بعد ظهور الربح وان فسخ العامل فلا شئ له لأنه رضي باسقاط حقه كعامل المضاربة إذا فسخ بعد ظهور الربح وعامل الجعالة إذا فسخ قبل اتمام عمله وان فسخ رب المال قبل ظهور الثمرة فعليه أجرة المثل للعامل لأنه منعه من اتمام عمله الذي تستحق به العوض فأشبه ما لو فسخ الجاعل قبل اتمام الجعالة وفارق رب المال في المضاربة إذا فسخها بل ظهور لان هذا يفضي إلى ظهور الثمر غالبا فلو لا الفسخ لظهرت الثمرة فيملك نصيبه منها وقد قطع ذلك بفسخه فأشبه فسخ الجعالة بخلاف والمضاربة فإنه لا يعلم افضاؤها إلى الربح ولان الثمرة إذا ظهرت في الشجر كان العمل عليها في الابتداء من أسباب ظهورها والربح إذا ظهر في المضاربة قد لا يكون للعمل الأول فيه اثر أصلا وهذا كله ساقط عندنا لان عقد المساقاة لازم من الطرفين نعم لو اتفقا على الفسخ جاء هذا البحث عندنا مسألة يجوز تأقيت المساقاة بسنة أو أكثر ولا حصر للكثرة عندنا وهو أحد أقوال الشافعي كما تقدم في الإجارة لما روينا من الأحاديث وللأصل ولقوله تعالى أوفوا بالعقود وقوله عليه السلام المؤمنون عند شروطهم والثاني للشافعي انه لا يجوز التأقيت بأكثر من سنة واحدة كقوله في الإجارة والثالث له لا يجوز أكثر من ثلثين سنة كالإجارة وكل ذلك عندنا تحكم وتوقيت من غير دليل من نص أو اجماع أو قياس وقد تلخص من قول الشافعي قولان أحدهما سنة لا أزيد والاخر أكثر من ذلك وفي الأكثر وجهان أحدهما لا يزاد على ثلثين سنة والثاني قدر ما تبقى العين المستأجرة ولو كان مائة سنة والمساقاة كالإجارة في ذلك اتفاقا منهم واما أقل المدة فيقدر بمدة يظهر الثمر فيها لان المقصود ان يشتركا في الثمرة وهل يشترط تقدير مدة تكمل فيها الثمرة قال بعض العامة نعم فلو شرط أقل لم يجز فان ساقاه على أقل ما شرطناه فسدت المساقاة فان عمل فيها ولم يظهر عندنا أو لم يكمل عند بعض العامة فله اجرة مثله ولهم وجه اخر انه لا شئ له لأنه رضي بالعمل بغير عوض فهو كالمتبرع وليس بجيد لأنه لم يرض بالعمل مجانا بل بعوض وهو جزء من الثمرة وذلك موجود غير أنه لا يمكن تسليمه إليه فلما تعذر دفع العوض الذي اتفقا عليه كان له اجرة مثله كما في الإجارة الفاسدة بخلاف المتبرع فان رضي بغير شئ وعلى قوله لو لم تظهر الثمرة فلا شئ له على أصح الوجهين عندهم لأنه رضي بالعمل بغير عوض والوجه ما قلناه ولو ساقاه إلى مدة تكمل فيها الثمرة غالبا فلم تحمل تلك السنة فلا شئ للعامل لأنه عقد صحيح لم يظهر فيه النماء الذي اشترط جزؤه له فأشبه المضاربة إذا لم يربح فيها وان ظهرت الثمرة ولم يكمل فله نصيبه منها وعليه اتمام العمل فيها كما لو فسخت قبل كمالها ولو ساقاه إلى مدة يحتمل ان يكون للشجرة ثمرة ويحتمل ان لا يكون لم تصح المساقاة وللشافعية وجهان أحدهما تصح لان الشجرة يحتمل ان تحمل والثاني لا تصح كالسلم في مثل ذلك ولأنه غرر يمكن التحرز عنه فلم يجز العقد معه كما لو شرط ثمرة نخلة بعينها بخلاف ما إذا شرط مدة يغلب على الظن الحمل فيها لان الغالب ظهور الحمل واحتمال ان لا تحمل نادرا لا يمكن التحرز عنه إذا عرفت هذا فكل موضع قلنا العقد صحيح فله حصته من الثمرة وان لم تحمل فلا شئ له وكل موضع قلنا فيه ان العقد فاسد كان للعامل يستحق أجرة المثل سواء حمل أو لم يحمل لأنه لم يرض بغير عوض ولم يسلم له العوض فكان له العوض وجها واحدا مسألة لو شرط تأقيت المساقاة بأكثر من سنة واحدة جاز على ما قلناه بشرط ضبط السنين وهو قول كل من جوز اشتراط أكثر من سنة ولا يجب تفصيل حصة كل سنة وبيانها بل يكفي ان تقول ساقيتك مدة عشر سنة على النصف لاستحقاق النصف في كل سنة وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه يجب كالإجارة لان الاختلاف في الثمار يكثر وفي المنافع يقل وقطع بعض الشافعية بالثاني ولو فاوت بين الجزء المشروط في السنين لم يضر وهو أظهر وجهي الشافعية ولهم وجه اخر المنع كما لو أسلم في جنس إلى اجال ولو ساقاه سنين وشرط له ثمرة سنة بعينها والأشجار بحيث يثمر كل سنة لم تصح لأنها ربما لا تثمر تلك السنة فلا يكون للعامل شئ أو يحتمل ان لا تثمر الا تلك السنة فلا يكون للمالك شئ
(٣٤٨)