إما بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة وذلك لاختلاف الأغراض والاجر باختلاف الأجناس والاقدار واما الدابة التي تحمل عليها فلا يجب معرفتها بخلاف الركوب لان الغرض حمل المتاع دون الدابة التي تحمل واما دابة الركوب فإن للراكب غرضا في الركوب من جماله وسهوله وصعوبة واما الدابة التي تحمل عليها فلا يطلب جمالها ولا سهولتها وصعوبتها لما قلنا من أن الغرض تحصيل المتاع في الموضع المنقول إليه فلا يختلف الغرض بحال الحامل نعم لم كان المحمول زجاجا أو خزفا أو فاكهة تضره كثرة الحركة وما أشبهها فلا بد من معرفة حال الدابة لتفاوت الأغراض فربما كانت الدابة صعبة المسير فيؤدي إلى كسر بعض المتاع فلا بد من معرفة حال الدابة وكذا لو كان الطريق مما يعسر على بعضها دون بعض فينبغي ان يذكر في الإجارة وغير مستبعد اشتراط معرفة حال الدابة في الحمل كالركوب لان الأغراض يختلف في تعلقها بكيفية في سير الدابة وسرعته وبطؤه وقوته وضعفه ولخلفه عن القافلة مع ضعفها هذا إذا كانت الإجارة على الذمة واما إذا كانت الدابة المستأجرة للحمل معينة فلا بد من رؤيتها أو وصفها وصفا يرفع الجهالة مسألة قد بينا انه يجب ان يكون جنس المحمول معينا معلوما فإن كان حاضرا وراه المؤجر كفى لان المشاهدة من أعلى طريق العلم ولو كان في ظرف وجب ان يمتحنه باليد تخمينا لوزنه وان لم يكن حاضرا فلا بد من تقديره بالوزن أو الكيل إن كان مكيلا والتقدير بالوزن في كل شئ أولي واحضر فإن لم يقدره بهما لم يجز لان ذلك يتفاوت تفاوتا كثيرا ويختل الغرض ولا بد من وصفه فيشترط في الوصف معرفة شيئين القدر والجنس لان الجنس يختلف تعب البهيمة باختلافه مع التساوي في القدر فإن مائة القطن يضر بها من وجه وهو انه ينتفخ على البهيمة فيدخل فيه الريح فيثقل ومائة الحديد وإن انتفى عنها هذا الضرر لأنها مكسرة مجتمعة إلا انها تضر من وجه اخر وهو انه يجتمع على موضع من البهيمة وربما عقرها فإنه يهد ماخذه من الدابة والقطن يعمها ويتثاقل إذا دخله الريح فلا بد من بيانه مسألة لو أخل بالشيئين معا فقال اجرتكها لتحمل عليها ما شئت فالأقوى البطلان لان ذلك لا يمكن الوفاء به ويدخل فيه ما يقتل البهيمة وقال بعض الشافعية يصح ان يستأجر الدابة للحمل مطلقا ويكون رضا منه بأضر الأجناس ولو قال اجرتكها لتحمل عليها طاقتها لم يجز أيضا لان ذلك لا ضابط له ولو أخل بالجنس وذكر الوزن فقال اجرتكها لتحمل عليها مائة مما شئت فالوجه البطلان لما بينا من اختلاف الضرر باختلاف الجنس وللشافعية وجهان أصحهما عندهم الجواز ويكون رضا منه بأضر الأجناس ولا حاجة مع ذلك إلى بيان الجنس هذا ان قدر بالوزن ولو قدر بالكيل قال بعض الشافعية لا يغني عن ذكر الجنس وإن قال عشر أقفزة مما شئت لاختلاف من الأجناس في الثقل مع الاستواء في الكيل لكن يجوز ان يجعل ذلك رضا بأثقل الأجناس كما جعل رضاء بأضر الأجناس ولو أخل بالكيل والوزن لم يكف ذكر الجنس وإن قال مما شئت من المقدار أو طاقتها لما تقدم من كثرة التعب وقلته بخلاف ما إذا اجر الأرض ليزرع ما شاء لان الدابة لا تطيق كلما تحمل مسألة الظروف التي يحمل فيها إن دخلت في الوزن لم يحتج إلى ذكرها وكذا حبال المتاع بان يقول استأجرتك لحمل مائة من الحنطة بظرفها ويصح العقد لزوال الغرر بذكر الوزن ومن اعتبر من الشافعية ذكر الجنس مع ذكر الوزن وجب ان يعرف قدر الحنطة وحدها وقدر الظرف وحده وإن لم يدخل في الوزن بان قال اجرتكها لتحمل عليها مائة من من الحنطة أو قدر بالكيل فلا بد من معرفتها بالرؤية أو بالوصف إلا أن يكون هناك غرائر متماثلة معروفة لطرد العرف باستعمالها وجرت العادة إليها كغرائر الصوف والشعر وغيرها حمل مطلق العقد عليها ولم يجب ذكر جنسها في العقد لقلة التفاوت بينها جدا فتسميتها كاف في ذكر الجنس والوزن ولو قال اجرتك لتحمل مائة من واقتصر أو قال مما شئت فالأقوى ان الظرف من المائة وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان الظرف مغاير لها لان السابق إلى الفهم ذلك فعلى هذا يكون الحكم كما لو قال مائة من من الحنطة وهذا متفرع على الاكتفاء بالتقدير واهمال ذكر الجنس إما مطلقا أو إذا قال مائة من مما شئت إذا عرفت هذا فإنه إذا اطلق أو قال مما شئت فلك حمل ما شاء من الأجناس لكن لا يحمل حملا يضر بالحيوان بل إذا أراد حمل الحديد أو الزيبق ينبغي ان يفرقه على ظهر الحيوان أو لا يجتمع في موضع واحد من ظهره ولا يجعل في وعاء واحد ولا في وعاء يتموج فيه فيكد البهيمة ويتبعها تذنيب الكلام في المعاليق وتقدير السير وزمانه من الليل والنهار في الحمل على حد ما قلنا في الركوب مسألة في الصبرة عشر صور أ إذا قال استأجرتك لتحمل على هذه الصبرة إلى موضع كذا بكذا فإن علما قدرها صح اجماعا وإن جهلاه وشاهداه صح أيضا لان الإجارة يتسامح فيها بمثل هذه الجهالة بخلاف البيع ومن جوز من العامة بيع الصبرة المجهولة المقدار جوز الإجارة أيضا ولا نعلم خلافا بين الفقهاء في جواز هذه الإجارة مع المشاهدة وإن جهلا المقدار بأن يقول استأجرتك لتحملها إلى كل فقير بدرهم فالأقوى البطلان لتطرق الجهالة إلى العوض حيث لم يعلم بكم درهم استأجر كما لو قال اجرتك كل شهر بدرهم وقال الشافعي واحمد تصح هذه الإجارة بخلاف كل شهر بدرهم لان جملة الصبرة معلومة محصورة بخلاف الأشهر وقال أبو حنيفة تصح في قفيز واحد وتبطل فيما زاد وبني الخلاف هنا على الخلاف في البيع وقد سبق ج أن يقول استأجرتك لتحمل هذه الصبرة قفيز منها بدرهم وما زاد فبحسابه لم يصح لما تقدم وقال الشافعي يصح العقد كما لو باع كذلك لان الصبرة معلومة بالمشاهدة والأجرة بالتقسيط وكذا كل لفظ يدل على إرادة حمل جميعها كقوله لتحمل قفيزا منها بدهم وسايرها أو باقيها بحساب ذلك فيجوز عنده د لو قال لتحمل قفيزا منها بدرهم وما زاد فبحساب ذلك يريد منها مهما حملت من باقيها فلا يصح عندنا وعند الشافعية أيضا لان المعقود عليه بعضها وهو مجهول وقال بعض العامة يصح لأنه في معنى كل دلو بتمرة ه لو قال لتحمل لي من هذه الصبرة كل قفيز بدرهم وهي كالرابعة سواء ولو قال لتحمل منها قفيزا بدرهم على أن تحمل الباقي بحساب ذلك كل قفيز بدرهم أو على أن ما زاد فبحسابه وهو باطل عندنا لما تقدم وللشافعية وجهان أشبههما المنع لأنه شرط عقدا في عقد والثاني الجواز والمعني ان كل قفيز بدرهم ز لو قال لتحمل لي هذه الصبرة كل قفيز بدرهم وتنقل إلي صبرة أخرى في البيت بحساب ذلك لم يصح عندنا سواء علما الصبرة التي في البيت أم لا وقال بعض العامة إن كانا يعلمان الصبرة التي في البيت بحساب ذلك بالمشاهدة صح فيها لأنهما كالصبرة الواحدة وإن جهلها أحدهما صح في الأولى وبطل في الثانية لأنهما عقدان أحدهما على معلوم والثاني على مجهول فصح في المعلوم وبطل في المجهول كما لو قال بعتك عبدي هذا بعشرة وعندي الذي في البيت بعشرة ح لو قال لتحمل لي هذه الصبرة والصبرة التي في البيت بعشرة فإن كانا يعلمان التي في البيت صح فيهما لان المشاهدة حاصلة فيهما معا وان جهلاها أو أحدهما بطل العقد فيهما لأنه عقد واحد بعوض واحد على معلوم ومجهول فلم يصح وبه قال القائلون بالصحة في الصورة السابقة بخلاف الشافعي وإن كان يعلمان التي في البيت لكنها مغصوبة أو امتنع تصحيح العقد فيها لمانع اختص بما بطل العقد فيها خاصة وصح في الأولى وللشافعية في صحة الأولى وجهان بناء على تفريق الصفقة نعم إن كانت تقريبها معلومة أو قدر إحديهما من الأخرى معلوما صح في الأولى خاصة وللموجر الخيار لتفريق الصفقة عليه لان قسطها من الاجر معلوم وإن لم يكن كذلك بطل فيها أيضا لجهالة عوضها ط لو قال لتحمل لي هذه الصبرة وهي عشرة أقفزة كل قفيز بدرهم فإن زادت على ذلك فالزايد بحسابه لم يصح أيضا للجهالة في قدر الأجرة وقال الشافعي يصح في العشرة والمعلومة لم يصح في الزيادة لأنها مشكوك فيها ولا يجوز العقد على ما يشك فيه ي لو قال لتحمل هذه المكائيل كل واحدة بدرهم فإن قدم لي طعام تحمله بحساب ذلك وهو باطل عندنا على ما تقدم وقال الشافعي يصح في المكائيل الموجودة وما يحمله بعد ذلك فقد وعده بان يكون اجرته مثل ذلك فلا يلزمه
(٣١٠)