وعلى قول احمد ان باعه بالقدر المسمى من غير زيادة لم يكن له شئ لأنه جعل له الزيادة ولا زيادة هنا فهي كالمضاربة إذا لم يربح وإن باعه بنقص مما عينه لم يصح لأنه وكيل مخالف فإن تعذر رده ضمن النقص ويحتمل عندي على هذا التقدير ضمان القيمة إن كانت العين من ذوات القيم والا وجب المثل وعن أحمد انه يضمن النقصان مطلقا وإن باعه نسية لم يصح البيع لأن اطلاق البيع يقتضي النقد لما في النسية من ضرر التأخير والخطر بالمال وكذا المضارب لا يبيع بالنسية وعن أحمد رواية يجوز له البيع نسية لأنه يحصل لرب المال نفع بما يحصل من الربح في مقابلة ضرره بالنسبة وهنا لا فايدة لرب المال في الربح بحال ولان مقصود المضاربة تحصيل الربح وهو في النسية أكثر منها وليس بمقصود الا المال ولاحظ للمالك في الربح بحال فلا فايدة له فيه مسألة لا يجوز ان يستأجر لحصاد الزرع بسدس ما يخرج منه ولا بجذ؟ الثمرة بمثل ذلك لان الأجرة هنا مجهولة ومع ذلك فإن العمل له يقع مباشرة للمالك بل بعضه للعامل فلا يستحق عليه اجرا على المالك وقال احمد يجوز ذلك قال وهو أحب إلي من المقاطعة وإنما يجوز إذا شاهده ولأنه مع المشاهدة يحصل علمه بالرؤية وهي أعلى طرق العلم من علم شيئا علم جزءه المشاع فيكون الاجر معلوما وليس بجيد وإنما رجحه على المقاطعة التي هي جايزة عنده لأنه ربما لا يخرج من الزرع مثل الذي قاطعه عليه وهنا يكون أقل منه بالضرورة النوع الثاني الأرض مسألة يصح استيجار الأراضي بلا خلاف وفيها اغراض منها السكنى فإذا استأجر دارا وجب ان يعرف موضعها وكيفية أبنيتها ومرافقها الاختلاف الأغراض في ذلك باختلافها ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة اجارة العقار وقال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن استيجار المنازل والديار جايز وانما تصح اجارتها مدة معينة لان منفعتها لا يمكن ضبطها إلا بالمدة وإنما تصح اجارتها مع مشاهدتها فإنها لا تصير معلومة إلا بذلك ولا يجوز الاطلاق فيها ولا الوصف وبه قال الشافعي وقال أبو ثور إذا ضبطه بالصفة أجزأ وقال أصحاب الرأي له خيار الرؤية كقولهم في البيع وعندي لا بأس بذلك ان أمكن الضبط بالوصف والا فلا ولابد من مشاهدة البيوت التي يشتمل عليها الدار لان الغرض يختلف بصغرها وكبرها وعلوها وانخفاضها مسألة يجوز استيجار الحمام ولا يكره اجارته عند علمائنا أجمع هو قول عامة أهل العلم خلافا لأحمد فإنه كرهه لان عورات الناس تبدو فيه فتحصل الإجارة على فعل محظور وليس بشئ لان ذلك يمكن التحرز عنه بالاستتار وروي حنان بن سدير قال دخلت أنا وأبي وجدى وعمى حماما بالمدينة فإذا رجل في بيت المسلخ فقال لنا من القوم فقلنا من أهل العراق قال وأي العراق قلنا كوفيون فقال مرحبا بكم يا أهل الكوفة واهلا وأنتم اشعار دون الدثار ثم قال ما يمنعكم من الازار فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال عورة المؤمن على المؤمن حرام قال فبعث عمى إلى كرباسة فشقها بأربعة ثم اخذ كل واحد منا واحدا ثم دخلنا فيها فلما كنا في البيت الحار صمد لجدي ثم قال يا كهل ما يمنعك من الخضاب فقال له جدي أدركت من هو خير منك لا يختضب فقال ومن ذاك الذي هو خير مني قال أدركت على ابن أبي طالب عليه السلام ولا يختضب فنكس رأسه وتصاب عرقا وقال صدقت وبررت ثم قال يا كهل ان تخضب فان رسول الله صلى الله عليه وآله قد خضب وهو خير من علي عليه السلام وإن تترك فلك بعلي (ع) أسوة قال فلما أخرجنا من الحمام سألنا عن الرجل في المسلخ فإذا هو علي بن الحسين عليهما السلام ومعه محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه ان كراء الحمام جايز إذا حدده ولكن جمع إليه شهودا مسماة وهذا قول مالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي لان المؤجر انما يأخذ الاجر عوضا عن دخول الحمام والاغتسال بمائة وأحوال الناس محمولة على السلامة وان وقع من بعضهم فعل ما لا يجوز لم يحرم الاجر المأخوذ منه كما لو اكترى دارا ليسكنها فشرب فيها خمرا مسألة لا بد في استيجار الحمام من معرفة البيوت التي في داخل الحمام وعددها حتى يعرف قدرها سعة وضيقا وقلة وكثرة ومعرفة ماء الحمام إما من قناة أو بئر فإن كان من بئر احتاج إلى مشاهدتها ليعلم ضيقها وسعتها وغزارة مائها وقلته وقدر عمقها ومؤنة استسقاء الماء منها ومشاهدة القدر التي يسخن فيها الماء ليعلم كبرها من صغرها ومشاهدة الاتون وهو موضع الوقود ومشاهدة منبسط القمان؟ الذي يجمع فيه للاتون من السرجين ونحوه والموضع الذي يجمع فيه الزبل والوقود ومطرح الرماد والمستنقع الذي يجتمع فيه الماء الخارج من الحمام فمتى أخل بهذا أو ببعضه لم يصح عقد الإجارة للجهالة بما يختلف الغرض به وعلى هذا قياس ساير المساكن ولا يفتقر مشاهدة الحمام إلى مشاهدة الزبل والوقود والازر والأسطال والطاسات؟ والخبل والدلو لان ذلك كله لا يدخل في اسم الحمام ولا يندرج في اجارته ويكفي مشاهدة قدر الحمام إما من ظاهرها من الاتون واما من باطنها من الحمام ويحتمل قويا وجوب مشاهدة الوجهين معا مع المكان كما يشاهد وجهي الثوب مسألة إذا استأجر دارا للسكنى ملك المستأجر منافعها في الاسكان ولا يجب عدد السكان من الرجال والنساء والصبيان خلافا لبعض الشافعية حيث أوجب ذكر عدد السكان من الرجال والنساء والصبيان لأنه قد ملك السكنى فله اسكان من شاء ولا يمنع من دخول زاير وضيف على القولين معا وان بات فيها ليالي وهذه المنفعة لا يتقدر ومنفعة الحمام إلا بالمدة لأنها غير مضبوطة وله ان يسكن هو ومن شاء أو يسكنها من شاء من يساويه في الضرر أو ينحط عنه فيه وله ان يضع الدار بأجرة عادت الساكن به من الرجل والطعام ويحرز فيها الثياب وغيرها مما لا يضربها ولا يسكنها من يضر بها كالقصار والحداد لان ذلك يضربها ولا يجعل فيها الدواب لأنها تروث فيها وتفسدها ولا يجعل فيها السرجين ولا يضر شيئا بها ولا يضع فرق سقفها ثقيلا لأنه يكسر خشبة أو يضعفه؟ ولا يجعلها محرزا للطعام إلا لقوته وما جرت عادته وبالجملة لا يصح فيها شيئا يضر بها إلا مع الشرط وهذا كله قال الشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا لان له استيفاء المعقود عليه بنفسه ونايبه الذي يسكنه نايب عنه في استيفاء المعقود عليه فجاز كما لو وكل وكيل في قبض المبيع أو دين له ولم يملك فعل ما يضربها لأنه فوق المعقود عليه فلم يكن له فعله كما لو اشترى شيئا لم يكن له اخذ أكثر سنة وقال بعض العامة يجوز ان يجعل الدار مخزنا للطعام لأنه يجوز له ان يجعلها مخزنا لغيره وليس بجيد لان ذلك يقضي إلى أن تفسد الفار أرضها وحيطانها وذلك ضرر عظيم وكذا لا يجوز ان يجعلها محرزا للتمر إلا برضا صاحب الدار مسألة إذا استأجر دارا جاز اطلاق العقد ولم يحتج إلى ذكر السكنى ولا صفتها وبه قال الشافعي واحمد وأصحاب الرأي لان الدار لا توجر الا للسكنى فاستغنى عن ذكره كاطلاق الثمن في بلد يعرف نقده والتفاوت في السكنى يسير فلم يحتج إلى ضبط كاطلاق الثمن في بلد فيه نقد معروف وقال أبو ثور لا يجوز حتى يقول أبيت؟ تحتها انا وعيالي لان السكني يختلف ولو اكتراها ليسكنها فتزوج امرأة لم يكن له ان يسكنها معه وهو غلط فإن الضرر لا يكاد يختلف بكثرة من يسكنها وقلته ولا يمكن ضبط ذلك فاكتفي فيه بالمعروف كما في دخول الحمام وشبهه ولو كان ما ذكره شرطا لوجب ان يذكر عددا لسكان وان لا بيت عنده ضيف ولا زاير ولا غير من ذكره ولكان ينبغي ان يعلم صفة الساكن كما يعلم ذلك فيما إذا اكترى دابة للركوب وليس كذلك اجماعا مسألة إذا استأجر أرضا صح بلا خلاف الا ممن شذ لكن لا بد من معرفتها لغا؟ بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة ان أمكن ولا تعينت الرؤية لان المنفعة يختلف باختلافها ولا يصح حتى يذكر ما يكتري له من زرع أو غرس أو بناء لان الأرض تصلح لهذا كله وتأثيره في الأرض يختلف وإذا كانت منافع هذه الجهات مختلفة وكذا ضررها اللاحق بالأرض وجب التعيين كما لو اجر بهيمة لم يجز الاطلاق وهو أظهر قولي الشافعي والثاني انه يصح الاطلاق كما لو استأجر دارا أو بيتا لم يحتج إلى ذكر السكنى لان الدار والبيت لا يستأجران الا للسكنى ووضع المتاع فيهما وليس ضررها مختلفا فيجوز الاطلاق فيه وربما منع ذلك مانع لأنه كما تستأجر الدار للسكنى كذا تستأجر لتتخذ مسجدا ولعمل الحدادين والقصارين ولطرح الزبل فيها وهو أكثر ضررا الا ترى انه إذا استأجر للسكنى لم يكن له شئ من هذه الانتفاعات فاذن ما جعلوه مبطلا في اجارة الأرض مطلقا موجود في الدار
(٣٠٦)