والثالث انه يكفي فيها الوصف وذكر الوزن لافادتهما التخمين كالمشاهدة وعلى هذا الثالث لو ذكر الوزن دون الصفة أو الصفة دون الوزن فوجهان أظهرهما عندهم انه لا يكفى لبقاء الجهل مع سهولة ازالته وقالت بعضهم الزاملة تمتحن باليد ليعرف خفتها وثقلها بخلاف الراكب فإنه لا يمتحن بغير المشاهدة وينبغي ان يكون المحمل والعمارية في ذلك كالزاملة فلا بد في المحمل ونحوه من الوطا وهو الذي يفرش فيه ليجلس عليه فينبغي ان يعرف بالرؤية أو الوصف ولا بد أيضا من معرفة الدثار فيه وذلك إما بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة مع الوزن ان لم يكن معلوما وقال أبو حنيفة إذا قال في المحمل رجلان وما يصلحهما من الوطا والدثر جاز استحسانا لان ذلك يتقارب (يتعارف) في العادة فحمل على العادة مسألة إذا ركب في المحمل أو المحارة وغيرهما فلا بد ان يذكر هل يكون مغطى أو مكشوفا فإن كان مغطى وجب ذكر الغطا الذي يستظل به ويتوقى به من المطر والحر لأنه قد يكون وقد لا يكون ومع كونه فقد يختلف ثقلا وخفة فلا بد من أن يشترط الغطا وإذا شرط فلابد من أن يعينه ولا يكفى الاطلاق للاختلاف بل لا بد من معرفته بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة وهو منصوص الشافعي وقال بعض أصحابه يكفي الاطلاق لان التفاوت فيه قريب فلا يختلف اختلافا متباينا وإذا اطلق غطاه بجلد أو كساء أو لبد والحق ما تقدم من وجوب تعيينه نعم لم كان هناك عرف مطرد كفى الاطلاق كما في المحمل وغيره وإن لم يكن عرف وجب تعيينه لان من الناس من يختار في غطاء المحمل الواسع الثقيل الذي يشد على الجمل في الهواء ومنهم من يقنع بالضيق الخفيف فيجب معرفته وقد يكون للحمل ظرف من (لبور وادم)؟ فهو كالغطاء مسألة إذا استأجر للركوب ولم يشرط المعاليق كالقربة والسطيحة والسفرة والإداوة والقدر والقمقمة ونحوها لم يستحق حملها لان الناس فيه مختلفون وقد لا يكون للراكب معاليق أصلا وإذا لم يكن لها ضابط وعادة في حملها وعدمه لم ينصرف اطلاق الركوب إليه لعدم الدلالة عليه بإحدى الدلالات الثلاث وهو قول الشافعية وفيه وجه لهم انه يقتضي استحقاق الحمل وليس بجيد إذا عرفت هذا فإن شرط المعاليق أو كانت العادة تقتضيها وجب معرفتها إما بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة المتضمن لذكر الوزن لاختلافها في الثقل والخفة وهو قول أكثر الشافعية فإن اطلق مع اشتراط حملها ولم يعين قدرها لا بالوزن ولا بالوصف بطل العقد الشافعي القياس يقتضي انه فاسد ومن الناس من يقول له بقدر ما يراه الناس وسطا وفيه للشافعية طريقان أشهرهما ان في المسألة قولين أحدهما وبه قال أبو حنيفة ومالك انه يصح العقد ويحمل المشروط على الوسط وأصحهما عندهم المنع لاختلاف الناس فيها وثانيهما القطع بالقول الثاني والحق ما قلناه من البطلان لاختلاف الناس في المعاليق فمنهم من يكثر الزاد والحوايج ومنهم من يقنع باليسير ولا عرف له يرجع فوجب التعيين هذا مع خلو السفرة والإداوة من الزاد والماء مسألة إن كانت الإجارة في الركوب على عين الدابة وجب تعيينها إما بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة لأنها أحد ما وقع عليه عقد الإجارة فاشترط معرفته كالبيع وللشافعية في اشتراط رؤيتها الخلاف الذي لهم في شراء الغايب والحق اشتراطه لان الغرض يختلف بذلك وإنما يحصل العلم بالرؤية وهي كافية لأنها أعلا طرق العلم إلا أن يكون مما يحتاج إلى معرفة صفة المشي فيه كالهروال وغيره فاما ان يجربه فيعلم ذلك برؤيته واما ان يصفه بالوصف فإنه إذا وجد بحيث يرتفع الجهالة اكتفى به وإذا وصف فلا بد من ذكر الجنس إما الإبل أو الخيل أو البغال أو الحمير ومن ذكر النوع فيقول في الإبل بختى أو عربي وفى الخيل عربي أو برذون وفي الحمير مصري أو شامي وإن كان في النوع ما يختلف وجب وصفه أيضا فإن في الخيل القطوف وغيره ولا بد من ذكر الذكورة والأنوثة لاختلاف الغرض بذلك وبه قال الشافعي فإن الأنثى أسهل والذكر أقوى ويحتمل عدم وجوب ذلك لان التفاوت بينهما يسير لا يمكن ضبطه فلم يكن معتبرا في نظر الشرع وقال بعض العامة إذا كان الكرا إلى مكة لم يجب ذكر الجنس ولا النوع لان العادة جارية بان الذي يحمل عليه إليها انما هو الجمال العراب دون البخاتي وإذا كانت الإجارة في الركوب في الذمة غير مقيدة بعين شخصية فلا بد من ذكر الجنس والنوع والوصف الذي يختلف العادة في السير والركوب به مسألة إذا استأجر دابة للركوب فإن كان إلى مكة أو إلى موضع لا يكون السير فيه إلى اختيار المتواجرين فلا وجه لذكر تقدير السير فيه لان ذلك ليس إليهما ولا مقصورا عليهما وإن كان السير إلى اختيار المتواجرين وطريقه منوط بهما فليبينا قدر السير كل يوم فإذا بيناه حمل على المشروط فإن زاد في يوم أو نقصا فلا جبران بل يسيران بعده على الشرط فإذا أراد أحدهما المجاوزة عن المشروط أو النزول دونه لخوف أو خصب لم يكن له ذلك إلا برضاء صاحبه ويحتمل ان يجعل الخوف عذرا لمن يحتاط ويؤمر؟
الأخر بموافقته وإن لم يبينا قدر السير واطلقا العقد نظر إن كان في ذلك الطريق منازل مضبوطة صح العقد وحمل عليها لأنه معروف بالعرف وإن لم يكن فيه منازل أو كانت العادة مختلفة فيها لم يصح العقد حتى بينا أو يقدرا بالزمان وإذا اختلفا في قدر السير والمنازل مضبوطة ردا معا إلى العرف في ذلك وقال بعض الشافعية إذا اكترى إلى مكة لم يكن بد من ذكر المنازل لان السير فيه سير لا تطيقه الحمولة فلا يمكن حمل الاطلاق فيه وكذا لو كان الطريق مخوفا لم يمكن تقدير السير فيه لأنه لا يتعلق بالاختيار وقضية ذلك امتناع التقدير بالزمان أيضا وحينئذ يتعذر الاستيجار في الطريق الذي ليس له منازل مضبوطة إذا كان مخوفا مسألة إذا كان وقت السير مختلفا وكان يقع تارة ليلا واخرى نهارا وجب التقييد لاختلاف الأغراض في ذلك وإن كان هناك عادة مضبوطة إما في النهار واما في الليل دايما أو كان وقت الصيف يقع ليلا وفي الشتاء يقع نهارا احتمل الاطلاق على المعتاد ولم يجب التقييد وإذا كان موضع النزول في المرحلة معهودا إما في داخل القرية أو الصحراء حمل الاطلاق على المعهود كما لو اطلقا الثمر في بلد فيه نقد معروف وإن لم يكن للطريق عرف في ذلك واطلقا العقد قال بعض العامة لا يصح العقد كما لو اطلقا الثمن في بلد لا عرف فيه لنقد وقال بعضهم إن هذا ليس بشرط وإلا لما صح العقد في الطريق المخوف دونه ولأنه لم تجر العادة بتقدير السير في الطريق وإذا كان للمقصد طريقان فإن قضت العادة بسلوك أحدهما حمل الاطلاق عليه وإلا وجب التعيين وقد يختلف المعهود في فصلى الشتاء والصيف وحالتي الامن والخوف فكل عادة تراعي في وقتها وكل موضع فيه معهودا إذا شرط خلافه فالعمل على الشرط لا على المعهود مسألة إذا اكترى ظهرا في طريق العادة فيه النزول والمشي عند اقتراب المنزل أو في أثنائه فإن شرط الركوب في الطريق أجمع لم يلزمه النزول لان العمل بالشرط مقدم على العمل بالعادة وإن شرط النزول وجب وكذا لو لم تكن العادة النزول لكن شرط في أثناء المسافة وكان معينا لزم الشرط لأنه مقدم وإن لم يشرط النزول ولا الركوب دائما فإن كان الراكب امرأة أو ضعيفا لم يلزمه النزول لان العادة لا تقتضي به فيهما ولأنه استأجر جميع الطريق فلا يلزمه تركه في بعضها ولم تجر لهما عادة بالمشي فلزمه حملها في جميع الطريق كالقماش وإن جلدا قويا احتمل ذلك أيضا لأنه عقد على جميع الطريق فلا يلزمه تركه في بعضها كالضعيف وإن يلزمه النزول قضاء للعادة والعرف والمتعارف البحث الثاني في الحمل مسألة يجوز استيجار الدواب الإبل وغيرها للحمولة له قال الله تعالى وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وقال تعالى ومن الانعام حمولة وفرشا والحمولة بالفتح الدابة التي تحمل الأحمال وهي الكبار والفرش الصغار وقيل الحمولة الإبل والفرش الغنم لأنها لا تحمل والحمولة بضم الحاء والشئ الذي يحمل فمن الأغراض المتعلقة بالدواب الحمل عليها فيجب أن يكون المحمول معلوما