بعوض اخر كما لو استأجرها أولا ثم تزوجها وعلى هذا الخلاف استيجار الوالد ولده للخدمة وفي عكسه للشافعية وجهان إذا كانت الإجارة على عينه كالوجهين فيما إذا اجر المسلم نفسه من كافر مسألة يجوز للرجل استيجار ابنته وأخته وامه لارضاع ولده وكذلك ساير أقاربه بلا خلاف وكذا يجوز للرجل ان يوجز أمته ومدبرته وأم ولده والمنذور عتقها والمأذون لها في التجارة واجبارهن على الارضاع لأنه عقد على منفعة أمته المباحة فكان جايزا كما لو استأجرها للخدمة وليس للأمة ولا للمدبرة ولا لمن نذر عتقها اجارة نفسها لأنها مملوكة للغير فلا يجوز لها التصرف في منافعها المملوكة لغيرها إلا باذنه وكذا المأذون لها في التجارة ليس لها ان توجر نفسها للرضاع إلا بإذن مولاها وله اجبارها على الرضاع لان ذلك ليس من جملة التجارة فلا يدخل تحت الاذن فيها وإذا كانت ذات ولد لم يجز اجارتها للرضاع إلا أن يكون فيها فضل عن ربه؟ لان الحق لولدها وليس لمولاها إلا ما فضل عنه ولو كانت الأمة مزوجة لم يكن لمولاها اجارتها للرضاع إن كان يمنع شيئا من حقوق الزوج أو ينقص في الاستمتاع إلا بإذن الزوج لأنه يفوت حق الزوج لاشتغالها عنه بإرضاع الصبي وحضانته مسألة يجوز للأجنبي استيجار زوجة الغير لارضاع ولده وبه قال الشافعي وكذا يجوز أن يستأجرها لغير الارضاع إذا لم يحصل فيه تفويت حق الزوج ولا قصور استمتاع بها بإذن الزوج وبغير اذنه لأنها حرة مالكة لمنافعها التي لا تعلق للزوج بها فجاز لها صرفها إلى من شائت بعوض وغيره ولان محل الارضاع غير محل النكاح إذ لا حق له في لبنها وخدمتها وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يكون له ان يستأجرها للرضاع إلا بإذن الزوج لان أوقاتها مستغرقة بحق الزوج فلا يقدر على توفية ما ألزمته فإن لم تصحح العقد فلا بحث وإن صححناه كان للزوج فسخه ان منع شيئا من حقوقه لئلا يختل حقه مسألة لو اجرت الحرة نفسها للرضاع ولا زوج لها ثم تزوجت في المدة فالإجارة بحالها وليس للزوج منعها من توفية ما التزمته لسبق حق المستأجر كما لو اجرت نفسها باذنه لكن تستمتع بها في أوقات فراغها وكذا لو اجر أمته للارضاع ثم زوجها بعد ذلك صح النكاح ولا ينفسخ عقد الإجارة وللزوج الاستمتاع بها وقت فراغها من الرضاع وليس لولي الطفل الذي استأجرها لارضاعه منع الزوج من وطيها وهو أحد وجهي الشافعية لأصالة عدم المنع وفي الثاني ان له منع الزوج من الوطي وبه قال أبو حنيفة ومالك لأن المرأة ربما تحبل من وطي الزوج فينقطع اللبن أو يقل فيتضرر الولد وليس بجيد لان الوطي مستحق فلا يسقط لأمر مشكوك فيه والحبل أمر موهوم فلا يمنع به الوطي المستحق بالعقد إما لو فرضنا ان الإصابة تضر بالولد فإنه يمنع الزوج من الإصابة سواء كان يتوسط الحبل أو لا إذا علم حصول الحبل مسألة ليس للسيد أن يوجر مكاتبته للرضاع سواء كانت الكتابة مطلقة أو مشروطة لانقطاع تصرف المولى في منافعها ولهذا لم يملك سيدها تزويجها ولا وطيها ولا اجارتها في غير الرضاع ولها ان توجر نفسها للرضاع وغيره وإن لم يأذن المولى لأنه اكتساب وهي مفوضة فيه وكذا المعتق بعضها ليس للمولى اجارتها للرضاع ولا لغيره ولا يجوز للمرضع ان توجر نفسها لارضاع طفل غير الأول إلا بعد انقضاء مدة الأول فإن كان اللبن كثيرا يفي بالطفلين جاز لها ذلك وكذا حكم الجارية لو اجرها مولاها لارضاع طفل لم يكن ان يوجرها لارضاع اخر إلا مع كثرة اللبن بحيث يفي للطفلين مسألة كل موضع يمنع الزوج فيه من الوطي لحق الرضاع تسقط فيه النفقة عنه في تلك المدة وعلى المرضعة ان تأكل وتشرب ما يدر به لبنها ويصلح به وللمستأجر مطالبتها بذلك لأنه من تمام التمكين من الرضاع وفي تركه اضرار بالصبي ولو لم ترضعه المؤجرة نفسها للرضاع بل اسقته لبن الغنم أو أطعمته لم يكن لها اجر لأنها لم توف المعقود عليه فأشبه ما لو اكراها لخياطة ثوب فلم تخطه ولو دفعته إلى خادمها فأرضعته فكذلك وبه قال احمد وأبو ثور وقال أصحاب الرأي لها اجرها لان رضاعه حصل بفعلها وليس بجيد لأنها لم ترضعه فأشبه ما لو سقته لبن الغنم ولو اختلفا فقال أرضعته وأنكر المستأجر فالقول قولها لأنها مؤتمنة على اشكال مسألة إذا ماتت المرضعة انفسخ الإجارة لان المنفعة قد فاتت بهلاك محلها فأشبهت البهيمة المستأجرة إذا ماتت تنفسخ الإجارة كذا هنا وقال بعض العامة لا تنفسخ ويجب في مالها اجر من ترضعه تمام الوقت لأنه كالدين وليس بجيد لتعذر استيفاء المنفعة من العين التي تعلقت الإجارة بها وإن مات الطفل انفسخت الإجارة لأنه يتعذر استيفاء المعقود عليه لأنه لا يمكن إقامة غيره مقامه لاختلاف الصبيان في الرضاع ولا العقد وقع على ايقاع الفعل وقد تعذر ذلك فأشبه ما إذا استأجر لخياطة ثوب فتلف الثوب وهو أحد وجهي الشافعي والثاني لا تبطل الإجارة لان الصبي يستوفي به فلا تبطل الإجارة بموته كموت الراكب والفرق أن اللبن قد يدر على أحد الولدين دون الآخر فيتعذر إقامة غيره مقامه وإن مات المستأجر لم تبطل الإجارة عندنا وبه قال الشافعي لان الإجارة لا تبطل بموت أحد المتواجرين على ما يأتي لان استيفاء المنفعة لم يتعذر وكل موضع قلنا ببطلان الإجارة فيه هنا وإن كان في عقيب العقد بلا فصل بطلت الإجارة من أصلها ورجع المستأجر بالاجر كله وإن كان في أثناء المدة رجع بحصة ما بقى تذنيب قال أحمد بن حنبل يستحب أن تعطي المرضعة عند الفطام عبدا لان حجاج الأسلمي قال قلت يا رسول الله ما يذهب عني مذمة الرضاع قال الغرة؟ العبد أو الأمة والمذمة بكسر الذال من الذمام وبفتحها يكون من الذم وخص الرقبة بالمجازات لها لان فعلها في ارضاعه وحضانته يكون سبب حياته وحفظ رقبته فاستحب جعل الجزاء رقبة لتناسب الشكر والنعمة ولذا جعل الله تعالى المرضعة إما في قوله وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وقال (ع) لا يجزى ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيعتقه هذا مع يسار المسترضع ولم نقف لغيره على شئ في ذلك الشرط ج للمنفعة يشترط في المنفعة ان يكون حاصلة للمستأجر والا اجتمع العوضان في ملك واحد وهو باطل فإن المعاوضة يقتضي التبادل في العوضين فينتقل كل من العوضين إلى الآخر فإذا قال استأجرت منك دابتك لتركبها بعشرة دراهم لم يصح والا لزم ان يكون المنفعة والعشرة حاصلة وللمؤجر وأكثر العناية في هذا الشرط ان حكم العبادات والقرب في الاستيجار وهي نوعان أحدهما القربة التي لا تدخلها النيابة فلا تصح الاستيجار عليها لان الاستيجار عليها انابة بعوض وغرض الشرع تعلق بايقاعها من مباشر خاص واما ما يدخله النيابة فيجوز الاستيجار عليه كالحج وتفريق الزكاة واما غسل الميت فإنه عند علمائنا يحرم اخذ الأجرة عليه وسوغ الشافعية عقد الإجارة فيه وكذا تجهيز الميت بالتكفين والغسل وحفر القبر وحمل الجنازة والدفن وعندنا لا يجوز اخذ الأجرة على ذلك لأنه من فروض الكفاية وعندهم ان هذه المؤنات يختص تركه الميت فإن لم يكن فحينئذ يجب على الناس القيام بهذا فمثل هذه عنهم يجوز الاستيجار عليه لان الأجير غير مقصود بفعله حتى تقع عنه مسألة ويكره اخذ الاجر على تعليم القران ويجوز اخذ الهدية فيه والهبة عليه لكن المحرم إذا اشترط الاجر لما رواه جراح المدايني عن الصادق (ع) قال المعلم لا يعلم بالاجر ويقبل الهدية إذا أهدى إليه وقد روى قتيبة الأعشى عن الصادق (ع) قال قلت له اني اقرأ القرآن فتهدى إلي الهدية فاقبلها قال لا قلت اني لم أشارطه قال أرأيت لو لم تقرأه أكان بهذا لك قال قلت لا قال فلا تقبله قال الشيخ (ره) هذا الخبر محمول على الكراهة دون التحريم لان التنزه عن مثل ذلك أولي وأفضل وإن لم يكن محضورا وجوز الشافعي الاجر على ذلك فإن كل أحد يختص بوجوب التعليم وإن كان نشر القرآن واشاعته من فروض الكفايات وهذا إذا لم يتعين واحد لمباشرة هذه الأعمال فإن تعين واحد لتجهيز الميت أو لتعليم الفاتحة فللشافعية وجهان أحدهما المنع وهو الذي نذهب إليه كفروض الأعيان ابتداء وأصحهما عندهم الجواز كما أن المضطر يجب اطعامه ويجوز تغريمه مسألة الجهاد وإن
(٢٩٩)