الوعد ولا يؤثر في العقد قالوا وكل موضع قلنا يصح في المسمى ويبطل في الزيادة فإذا احمل الزيادة كان له فيها أجرة المثل وقال بعض الشافعية لو قال استأجرتك لتحمل عشرة أقفزة من هذه الصبرة كل قفيز بدرهم فما زاد فبحسابه والزيادة منتفية فإنه لا يصح فيما زاد لأنه غير معلوم القدر ولا معلوم بالمشاهدة لان المشاهدة إذا استثنى منها مقدار أبطل حكمها الا ترى في أنه لو قال بعتك هذه الصبرة إلا مدا منها لم يجز إذا كان ذلك غير معلوم وقد أفرده بالعقد فلم يجز البحث الثالث في العمل مسألة يجوز استيجار الدواب للعمل اجماعا لأنها منفعة مباحة خلقت الدابة لها فجاز الاستيجار لها كالركوب ويصح اجارة كل حيوان يمكن الانتفاع به من غير اتلاف كالآدمي الحر والعبد وكل بهيمة لها ظهر كالإبل والبقر والخيل والحمير وما أشبه ذلك واما الغنم فإنما ينتفع منها بالدور والنسل والصوف والشعر وهذه أعيان لا يجوز تملكها بعقد الإجارة وإن أمكن الانتفاع بها بوجه من الوجوه كانت المنفعة غير مقصودة ففي اجارتها حينئذ اشكال أقر به الجواز ان قصدت المنفعة اليسيرة كإجارة الدراهم والدنانير للمنفعة اليسيرة ولا فرق في الجواز بين ان يستأجر الدابة لعمل تخلق له أو لما لا تخلق له إذا أمكن صدوره منه فإذا استأجر البقر للحرث جاز اجماعا لان البقر خلقت له ولهذا روي عنه (ع) من طريق العامة بينما رجل يسوق بقرة أراد أن يركبها فقالت اني لم أخلق لهذا انما خلقت للحرث مسألة ولو استأجر حيوانا لعمل لم يخلق له ولم يمكن صدوره منه لم يصح كما لو استأجر الغنم للركوب أو للحرث لتعذر استيفاء المنفعة من تلك العين ولو كان العمل يصح صدوره منه فإنه يجوز وإن لم يكن مخلوقا له كما لو استأجر بقرة للركوب أو الحمل عليها أو استأجر الإبل والحمير للحرث لأنها منفعة مقصودة أمكن استيفاؤها من الحيوان ولم يرد الشرع بتحريمها فجاز كالذي خلقت له ولان مقتضى الملك جواز التصرف والانتفاع به في كلما تصلح له العين المملوكة ويمكن تحصيله منها ولا يمنع ذلك إلا بعارض راجح إما ورود نص بتحريمه أو قيام دليل عقلي وشبهه عليه كرجحان مضرته على منفعته وليس هنا واحد منها وكثير من الناس من الأكراد وغيرهم يحملون على البقر ويركبونها وفي بعض البلدان يحرثون على الإبل والبغال والحمير فيكون معنى خلقها للحرث ان معظم الانتفاع بها فيه ولا يمنع ذلك الانتفاع بها في شئ آخر كما أن الخيل خلقت للركوب والزينة؟ ويباح اكلها واللؤلؤ خلق حلية ويجوز استعماله في الأدوية وغيرها مسألة إذا استأجر بقرا أو غيرها للحرث وجب ان يعرف صاحب الدابة الأرض وتقدير العمل فاما الأرض فإنما تعرف بالمشاهدة لأنها يختلف فبعضها صلب فيصعب حرثه على البقر ومستعملها وبعضها رخوة يسهل حرثها وبعضها فيه حجارة يتعلق فيها السكة ومثل هذا الاختلاف انما يوقف عليه بالمشاهدة دون الوصف لان الصلابة تختلف بالشدة والضعف والحجارة تختلف بكثرة العدد وقلته بحيث لا يمكن ضبطه بالوصف فاحتيج إلى المشاهدة واما تقدير العمل فإنه يحصل بأمرين أحدهما المدة كيوم أو يومين أو شهرا أو شهرين فيقول استأجرتك لتحرث لي هذه الأرض بالبقر الفلاني يوما أو شهرا ومنع بعض الشافعية من تقدير العمل هنا بالمدة وليس بشي ء والثاني بالأرض كهذه القطعة أو هذه البستان أو من هذا المكان إلى ذلك المكان أو بالمساحة كجريب أو جريبين وكل ذلك جايز لان العلم يحصل به مسألة إذا قدر الحرث بالمدة معرفة الدابة التي تستعمل في الحرث سواء كانت من البقر أو من غيرها لاختلاف الأغراض في ذلك باختلاف البقر في القوة والضعف ولا فرق بين ان يكون الإجارة في ذلك على عين أو في الذمة ولو قدر العمل بالأرض لم تحتج إلى مشاهدة البقر التي تحرس الا أن تكون الإجارة وقعت على عين البقر وهل يفتقر إلى مشاهدة السكة التي تحرث عليها الأقرب الاكتفاء بالعادة في ذلك لقلة التفاوت فيه وكذا في قدر نزول السكة في الأرض يرجع فيه إلى العادة مسألة يجوز ان يستأجر البقر منفردة ليتولى رب الأرض الحرث بها ويجوز ان يستأجرها مع صاحبها ليتولى مالكها الحرث بها ويجوز ان يستأجرها بآلتها من الفدان والنير والحديد وان يستأجرها بدون آلتها وتكون آلتها من عند مالك الأرض ولا بد من تعيين عدد مرات الحرث فيقول سكة واحدة أو سكتين أو ما زاد بشرط الضبط ولم استأجر للحرث لم يستعمل في غيره وإن كان أدون على اشكال وبالعكس إذا استأجرها لغير الحرث لم يجز استعمالها فيه وإن كان أدون مسألة يجوز استيجار الدواب لدياس الزرع لان ذلك منفعة مباحة مقصودة فأشبهت الحرث وتجب معرفة قدر العمل إما بالمدة بان يستأجر لدياس شهر أو شهرين أو بتعيين الزرع إما بالمشاهدة أو بالوصف الرافع للجهالة وإذا قدره بالمدة احتيج إلى معرفة جنس الحيوان الذي يحمل عليه ليعرف قوته وضعفه وإن كان على عمل غير مقدر بالمدة احتيج إلى معرفة جنس الحيوان لان الغرض يختلف به فمنه ما روثه طاهر ومنه ما روثه نجس ولا يحتاج إلى معرفة عين الحيوان ويجوز ان يستأجر الحيوان بآلته وبغير آلته ومع صاحبه ومنفردا عنه كما قلناه في الحرث وتجب معرفة الزرع الذي يريد دياسه لاختلاف أجناسه في الصعوبة والسهولة والسرعة والبطؤ وكثرة العمل وقلته مسألة يجوز استيجار الدواب لإدارة الدولاب والاستسقاء من البئر بالدلو فإن كان الإجارة على عين الدابة وجب تعيينها لاختلاف الأغراض بتفاوتها كما في الركوب والحمل وإن كانت في الذمة لم يجب بيان الدابة ومعرفة جنسها وعلى التقديرين فيجب على صاحب الدواب معرفة الدولاب والدلو وموضع البئر وعمقها بالمشاهدة أو الوصف ان أمكن الضبط بالوصف ويجب تقدير المنفعة إما بالزمان مثل أن يقول لتستقي بهذا من هذا البئر اليوم أو بالعمل بان يقول لتستوي خمسين دلوا من هذه البئر بهذا الولد أو لتدور البقر في الدولاب المعين خمسين دورة وهل يجوز التقدير بالأرض بان يقول لتستقى هذا البستان وجريبا معينا فيه اشكال ينشأ من أن سقيه يختلف بحرارة الهواء وبرودته وكيفية حال الأرض فلا ينضبط ريه فلا يصح ومن قلة التفاوت فيه مسألة يجوز استيجار البهيمة لإدارة الرحا لأنه عمل مقصود محلل فجازت المعاوضة إليه بعقد الإجارة كغيره من المنافع ويفتقر إلى معرفة شيئين الحجر إما بالمشاهدة أو بالصفة ان أمكن الضبط بها لان الطحن يختلف فيه ويكون ثقيلا وخفيفا فيحتاج صاحب الدابة إلى معرفته الثاني بقدر العمل إما بالزمان فيقول على أن تطحن يوما أو يومين أو بالطعام فيقول اطحن قفيزا أو قفيزين ويجب ان يذكر جنس المطحون من حنطة أو شعير أو ذرة أو عفص أو قشر رمان أو غير ذلك لأن هذه الأشياء يختلف في الطحن بالسرعة والبطؤ والسهولة والصعوبة فان بعضها يسهل طحنه وبعضها يصعب ولا بد من معرفة الدابة ان قدر العمل بالزمان مسألة يجوز ان يستأجر الدابة للاستقاء عليها بالراوية أو القربة أو الجرار وما أشبهها ولا بد من مشاهدة الدابة لتفاوتها في القوة والضعف والآلة التي تستقي بها من راوية أو قربة أو غيرها لتفاوتها بالصغر والكبر والثقل والخفة ويكفي الوصف الرافع للجهالة وحينئذ يجب معرفة الوزن ولا تجب مع المشاهدة ويجب تقدير العمل إما بالزمان كأن يستأجره لاستقاء النهار أو بعضه واما بعدد المرات ويجوز ان يقدر بالآنية التي تملأ فان قدره بعدد المرات احتاج إلى معرفة الموضع الذي يستقي منه والذي يذهب إليه والطريق المسلوك بينهما لاختلاف ذلك بالقرب والبعد والسهول والحزونة وان قدر بملا شئ معين احتاج إلى معرفته وما يستقى منه ويجوز استيجار الدابة وآلتها وصاحبها واستيجارها مع أحدهما ومنفردة وان استأجرها لبل تراب معلوم جاز لأنه معلوم بالعرف وكل موضع وقع العقد فيه على مدة فلا بد من معرفة الظهر الذي يعمل عليه لان الغرض يختلف باختلاف الدابة في القوة والضعف وان وقع على عمل معين لم يحتج إلى معرفتها لأنه لا يختلف مع احتمال الحاجة الفصل ج في موجبات الألفاظ وفيه مباحث الأول ما يتعلق بالآدمي مسألة قد بينا انه يجوز الاستيجار للحضانة وحدها وللارضاع وحده ولهما معا وان الحضانة عبارة عن حفظ الطفل وتعهده بغسله وغسل رأسه وثيابه وخرقه وتطهيره من النجاسات وتدهينه وتكحيله واضجاعه في المهد وربطه وتحريكه في المهد لينام وإذا اطلق الاستيجار لأحدهما فان نفى الأخر لم يدخل في الاستيجار وإن لم ينفه لم يدخل الأخر في الاستيجار عندنا لأنهما منفعتان متغايرتان غير متلازمتين فلا تدخل إحديهما
(٣١١)