على ما اتفقا عليه دون العادة ولو عينا ان يركب ليلا ويمشى نهارا جاز وليس لأحدهما ان يطلب الركوب ثلاثة أيام والنزول ثلاثة أيام إلا برضاء الآخر إما إذا طلبه الراكب فلان ذلك يضر بالبعير لاتصال الركوب عليه ولأنه إذا ركب بعد شدة متعبة كان أثقل على البعير واما إذا طلبه المؤجر فلان الراكب يتضرر باتصال المشي عليه ودوامه ولو اتفقا عليه جاز وإن لم يكن هناك عادة مضبوطة فلا بد من البيان والتعيين في ابتداء العقد ليرتفع الجهالة والتشاجر وقال بعض العامة لو اطلق العقبة وهناك عرف وعادة لا يصح العقد لان ذلك يختلف ولا ضابط فيه فيكون مجهولا وهو ممنوع إذ التقدير الضبط عادة والحمل على العادة كالحمل على المشروط لفظا مسألة إذا استأجر اثنان جملا يركبانه عقبة بان ينزل أحدهما ويركب الآخر صح ويكون كراهما طول الطريق والاستيفاء بينهما على ما يتفقان عليه وإن تشاحا قسم بينهما ولكل واحد منهما فراسخ معلومة أو أزمنة معينة وإن كان كذلك عرفا رجع إليه وإن اختلفا فمن يبدأ بالركوب فالحاكم القرعة ويحتمل ان لا يصح كراهما إلا أن يتفقا على ركوب معلوم لكل واحد منهما لأنه عقد على مجهول بالنسبة إلى كل واحد منهما فلم يصح ولو استأجرها للدابة ولم يتعرض للتعاقب قال بعض الشافعية ان احتملت الدابة ركوب شخصين اجتمعا على الركوب والا تناوبا ولو قال اجرتك نصف الدابة إلى موضع كذا أو اجرتك الدابة لتركبها نصف الطريق صح ويقتسمان إما بالزمان أو بالمسافة وهذه اجارة المشاع تصح كما يصح بيع المشاع وبه قال الشافعي ومالك وقال أبو حنيفة واحمد لا تصح اجارة المشاع الا من الشريك وفي اجارة نصف الدابة للشافعية وجه انه لا يجوز لأنها غير قابلة للتقطيع بخلاف اجارة نصف الدار وبخلاف ما إذا اجر منهما ليركب في محمل مسألة يشترط معرفة الراكبين إما بالمشاهدة أو بالوصف الرافع للجهالة ويصفهما بما يختلفان به من الطول والقصر والهزال والسمن والصحة والمرض والصغر والكبر والذكورة والأنوثة وقال بعض العامة لا بد من معرفة الراكبين بالرؤية لأنه يختلف تفاوت خفته وسكون حركته ولا ينضبط بالوصف فيجب تعيينه ولا بأس به وهو مذهب الشافعي والمحامل يجب رؤيتها أو وصفها ويذكرونها للاختلاف بالثقل والخفة ومنع بعضهم من الاكتفاء بالوصف وليس بجيد لأنه عقد معاوضة مضاف إلى حيوان فاكتفى فيه بالصفة كالبيع وكالركوب في الإجارة ولأنه لو لم يكتف فيه بالصفة لما جاز للراكب أن يقيم غيره مقامه لأنه إنما يعلم كونه مثله لتساويهما في الصفات فما لا تأتي عليه الصفات لا يعلم التساوي وفيه ولان الوصف يكفي في البيع فاكتفى به في الإجارة كالرؤية مسألة ما لا قدرة عليه شرعا جار مجرى ما لا قدرة عليه حسا فكما لا يجوز العقد على مالا يقدر عليه حسا كذلك لا يجوز العقد على ما لا يقدر عليه شرعا فلو استأجره لقلع سن صحيحه أو لقطع يد صحيحه لم يصح العقد لأنه ممنوع من القلع والقطع هنا شرعا وكذا لا يجوز استيجار الحايض لكنس المسجد وفرشه وخدمته لان ذلك محرم فتعدد تسليم المنافع شرعا وجوزه بعض الشافعية وإن كان حراما كما تصح الصلاة في الدار المغصوبة وإن كان شعل؟ ملك الغير معصية والحكم في الأصل ممنوع مسألة لا يجوز الاستيجار لتعليم التوراة والإنجيل لأنهما منسوخان وتعلمهما حرام فلا يقدر على تسليم المنفعة شرعا وكذا لا يجوز الاستيجار على تعليم كتب الضلال والسحر والشعبدة والكهانة والقيافة وكل صنعة محرمة كالغنا وتعليم الشطرنج والنرد وأصناف الملاهي والقمار كما لا يصح العقد عليها في البيع وكذا لا يجوز على تعليم الفحش والسب لمن لا يجوز بالجملة كل فعل محرم ومنفعة محرمة لا يجوز الاستيجار عليها وإن عقد بطل العقد وكذا لا يجوز الاستيجار على ختان الصغير الذي لا يحتمل المه ويخشى تلفه وكذا على قطع السلع التي لا يؤمن الموت معها مسألة لو كانت السن وجعة جاز قلعها بشرط صعوبة الألم وقول أهل المعرفة إن قلعها مزيل له وإلا فلا ولو كانت اليد متآكلة وكان قطعها نافعا ولا يخاف التلف معه جاز قطعها لما فيه من المنفعة وللشافعية قولان أحدهما المنع لان القطع إنما ينفع إذا وضعت الحديدة على محل صحيح وإنه مهلك كما أن الأكلة مهلكة ولا نزاع في الحقيقة لأنا إنما نجوزه في صورة الامن من التلف وكل موضع لا يجوز فيه قلع السن ولا قطع اليد لا يجوز الاستيجار عليه فإن استأجر عليه بطل العقد لأنه منهي عنه بعينه فأشبه الاستيجار لقتل النفس المحرمة وكل موضع يجوز فيه القلع والقطع يجوز الاستيجار عليه لأنها منفعة محللة مقصودة فجاز عقد الإجارة فيها كغيرها من المنافع وللشافعية وجهان أحدهما المنع لان الإجارة لا تجوز إلا في عمل موثوق به وزوال العلة محتمل فيمتنع الوفا بقضية الإجارة وسبيل مثل هذا (الغرض) الفرض ان يحصل بالجعالة بان يقول اقلع سني هذه ولك كذا وأصحهما عندهم الصحة كما قلناه إذ لا يشترط لصحة الإجارة القطع بسلامتها عما يقطعها ورأى الجويني تخصيص الوجهين بالقلع لان احتمال فتور الوجع في الزمان الذي يفرض فيه القلع غير بعيد إما زوال الأكلة في زمان القطع فإنه غير محتمل واجري الخلاف في الاستيجار للفصد والحجامة وترع الدابة لأن هذه ايلامات إنما تباع بالحاجة وقد تزول الحاجة وما ذكروه في وجه المنع غلط لان المستأجر انما استأجر لقلع الضرس وقطع اليد ولم يستأجر لإزالة الألم بل لو استأجر له بطل ولا يلزم من الاستيجار على فعل يودي إلى مصلحة حصول تلك المصحلة قطعا من الفعل الذي وقعت الإجارة عليه مسألة لو تجدد تعذر تسليم المنفعة بطل العقد من ذلك الوقت فلو استأجر امرأة لكنس المسجد فحاضت فكانت الإجارة واقعة على العين وعينت المدة انفسخ العقد لتعذر الفعل منها حينئذ وإن وردت على الذمة لم ينفسخ لامكان أن تفوضه المرأة إلى الغير وإن تكنس بعد ان تطهر ولو استجار لقلع السن الوجعة فارتفع الوجع وبرأ انفسخت الإجارة لتعذر القلع ولو لم يسكن الوجع ولكن امتنع المستأجر من قلعه لم يجز المستأجر عليه لكن إذا سلم الأجير نفسه ومضت مدة يمكن فيها قلع الضرس على التمكين وجب على المستأجر دفع الأجرة إلى الأجير لأنه قد ملك الأجرة بالعقد واستقرت بالتمكين طول المدة وقال بعض الشافعية لا يجب على المستأجر دفع الأجرة ولا تستقر الأجرة حتى لو انقلعت تلك السن انفسخت الإجارة ووجب رد الأجرة إن كان الأجير قد قبضها كما لو مكنت الزوجة في النكاح ولم يطأها الزوج بخلاف ما لو حبس الدابة مدة امكان المسيرة حتى يستقر عليه الأجرة لتلف المنافع تحت يده مسألة يجوز الاستيجار للرضاع على ما تقدم من أنه منفعة محللة مقصودة وتقدم الخلاف في أن المعقود عليه هل هو اللبن والخدمة تابعة أو ان المقصود بالعقد هو الخدمة بان تحمل الصبي للرضاع وتضع الثدي في فمه وتحركه عند الحاجة إليه كالصبغ في اجارة الصباغ وماء البر في الدار والأقرب الثاني إذا عرفت هذا فإذا كان للمرأة ولد من زوجها لم يكن عليه ان ترضعه لان مؤنته على أبيه فإن أرادت ارضاعه فإن كان ذلك مما يمنع شيئا من حقوق الزوج لم يكن لها ذلك الا بإذن الزوج لان توفية المنافع المستحقة عليها للزوج لازمة لها فإذا كان الارضاع يخل ببعضها كانت ممنوعة منه مسألة يجوز للرجل أن يستأجر زوجته الحرة لارضاع ولده منها وهو أصح وجهي الشافعية والصحيح من مذهب احمد للأصل ولقوله تعالى فإن أرضعن لكم فاتوهن أجورهن بالمعروف ولان كل عقد يصح ان يعقد مع غير الزوج يصح أن يعقد معه كالبيع ولان منافعها في الرضاع والحضانة غير مستحقة للزوج لأنه لا يملك اجبارها على حضانة ولدها ولا رضاعه ولها أن تأخذ العوض عليه من غيره فجاز لها أن تأخذ منه كثمر نخلها وقال الشافعي لا يجوز للرجل أن يستأجر زوجة لارضاع ولده منها وهو رواية عن أحمد وقول أصحاب الرأي لأنه استحق حبسها لأنها أخذت منه عوضا في مقابلة الاستمتاع وعوضا في مقابلة التمكين والحبس فلا يلزمه عوضا اخر ولا يمتنع ان يصح مع غيره ولا يصح معه كما يجوز أن يزوج أمته من غيره فلا يتزوجها مع ملكها وليس بجيد لضعفه ومع هذا ينتقض باستيجارها لساير الأعمال ويعارض لو استأجرها بعد البينونة وكما لو استأجرها للطبخ والكنس ونحوهما وقال أبو حنيفة انه لا يجوز استيجارها للطبخ وما أشبهه لأنه مستحق عليها في العادة وهو باطل عندنا قولهم إنها استحقت عوض لحبس والاستمتاع قلنا هذا غير الحضانة واستحقاق منفعة من جهة لا يمنع استحقاق منفعة سواها
(٢٩٨)