بها وهو ينقصها والثانية التجمل بها ولا ينقصها فذكر الجهة أولي فإن أهمل ذكر الجهة فالأقوى صحة الإجارة كاستيجار الدار مطلقا فإنه يتناول السكنى ووضع المتاع فيها ولا يجب تعيين جهة المنفعة بل للمستأجر الانتفاع بها فيهما معا فكذا هنا وقالت الشافعية بناء على القول بجواز اجارتها انه لا بد من تعيين الجهة لما ذكرنا من تفاوت المنفعتين فإن اطلق فسدت الإجارة وقال أبو حنيفة ان عين جهة الانتفاع جازت الإجارة وإن لم يبين جهة الانتفاع لم تصح وفسدت الإجارة وكانت قرضا أما فساد الإجارة فلان المنفعة متفاوتة واما كونها فرضا فلان الانتفاع بها إنما يكون باتلاف عينها فإذا اطلق حمل على العرف فيها وهو غلط لان الإجارة يتضمن اتلاف المنفعة دون العين فلا يعبر بها عن القرض كإجارة غير الدراهم وبالجملة فقد بينا جواز إعارة الدراهم والدنانير وكلما جاز اعارته جاز اجارته لاشتراكهما في تملك المنفعة لكن أحدهما بعوض والاخر بغير عوض والشافعية قالوا الإعارة أولى بالجواز لأنها مكرمة لا معاوضة فيها وما ذكروه من نقص العين بالوزن بها ضعيف لأنه يسير لا اعتبار به ولا يلتفت الشرع إلى مثله تذنيب لا يجوز استيجار الأطعمة لتزيين الحوانيت بها وهو أظهر وجهي الشافعية لان ذلك ليس منفعة مقصودة والثاني لهم الجواز كالذهب والفضة مسألة لا يجوز عقد الإجارة على النخل والشجر لاستيفاء ثمرتها لان الأعيان لا تستباح بعقد الإجارة ولو استأجرها ليشد فيها حبلا يعلق عليها الثياب أو يجففها عليها أو يبسطها أو ليربط الدواب بها أو ليستظل بظلها جاز لأنها لو كانت مقطوعة جاز استيجارها لذلك فكذلك إذا كانت ثابتة وذلك لأنهما في حالتي الثبات والانقطاع متساويين فما جاز في إحديهما يجوز في الأخرى ولأنها شجرة فجاز استيجارها لذلك كالمقطوعة ولأنها منفعة مقصودة يمكن استيفاؤها مع بقاء العين فجاز العقد عليها كما لو كانت مقطوعة ولأنها عين يمكن استيفاء هذه المنفعة منها فجاز استيجارها كالحبال والخشب والشجر المقطوع وللشافعي قولان أحدهما هذا والثاني المنع لأنها منفعة غير مقصودة ولو استأجر حبلا ليعلق عليه الثياب جاز اجماعا لان منفعته مقصودة منه وهل يجوز استيجار الببغاء للاستيناس للشافعية وجهان من حيث إن فيها غرضا مقصودا ومن انتفائه وكذا الوجهان في كل ما يستأنس بلونه كالطاووس أو بصوته كالعندليب مسألة يجوز الاستيجار للدلالة والسمسرة على الأقمشة وغيرها لأنها منفعة مقصودة مباحة تدعو الضرورة إليها فجاز المعاوضة عليها وهل يجوز استيجار البياع على كلمة البيع أو على كلمة يروج به السلعة ولا تعب فيها الأقوى المنع لأنه لا قيمة لذلك ولا عوض لها في مجرى العادة وهو قول بعض الشافعية لكنه قال بعضهم ان ذلك في المبيع المستقر قيمته في البلد كالخبز واللحم إما الثياب والعبيد وما يختلف قدر الثمن فيه باختلاف المتعاقدين فيخص بيعها من البياع بمزيد منفعة وفائدة فيجوز الاستيجار عليه وإذا لم يجز الاستيجار ولم يلحق البياع تعب فلا شئ له فإن تعب بكثرة التردد أو كثرة الكلام في تأليف أمر المعاملة فله أجرة المثل لا ما تواطأ عليه البياعون مسألة لا يجوز استيجار الديك ليوقظه وقت الصلاة لان ذلك يقف على فعل الديك ولا يمكن استخراج ذلك منه بضرب ولا غيره قد يصح وقد لا يصح وربما صاح قبل الوقت أو بعده وبه قال احمد ولا يجوز اجارة سباع البهائم والطير التي لا تصلح للاصطياد بها ولا يجوز استيجار كل حيوان يمكن الانتفاع به من غير اتلاف كالآدمي الحر والعبد وكل بهيمة لها ظهر مثل الإبل والبقر والخيل والحمر وما أشبه ذلك فاما الغنم فإنما ينتفع منها بالدر والنسل والصوف والشعر وهذه أعيان لا يجوز تملكها بعقد الإجارة وإن أمكن الانتفاع بها بوجه من الوجوه كانت المنفعة غير مقصودة فلا تجوز اجارتها وللشافعية وجهان كما في اجارة الدراهم والدنانير مسألة لا يجوز استيجار مالا منفعة فيه محللة مقصودة في نظر الشرع فلا يصح اجارة كلب الهراش والخنزير واما ما يجوز اقتناؤه من الكلاب ويصح بيعه وله قيمة في نظر الشرع وله منفعة محللة مثل كلب الصيد والماشية والزرع والحائط فإنه يجوز استيجاره لهذه المنافع لأنه يجوز اعارته لهذه المنافع فجاز استيجاره ولأنه يصح بيعه عندنا وكل ما يصح بيعه مما يبقى من الأعيان يصح اجارته وللشافعية وجهان أحدهما الجواز لهذا والثاني المنع لان اقتناؤه ممنوع لا لحاجة وما جوز للحاجة لا يجوز أخذ العوض عليه ولأنه لا قيمة لعينه فكذا المنفعة هو ممنوع وكما جاز استيجار الفهد والبازي والشبكة للصيد والهرة لدفع الفأرة جاز هنا مسألة قد بينا أن الإجارة عقد وضع لنقل المنافع دون الأعيان لكن في بعض الأعيان قد يتناولها عقد الإجارة للضرورة والحاجة كاستيجار الحمام المشتمل على استعمال الماء واتلافه للضرورة أما ما لا ضرورة إليه فلا يستفاد بعقد الإجارة كما تقدم من منع استيجار الكرم والنخل والشجر لثمارها والشاة لنتاجها ولبنها وصوفها لان الأعيان لا تملك بعقد الإجارة وهذا في الحقيقة بيع أعيان معدومة مجهولة ويجوز أن يستأجر بركة أو أرضا ليحبس الماء فيها حتى يجتمع السمك فيأخذه ولا يجوز أن يستأجر بركة ليأخذ منها السمك لأنه بمنزلة استيجار الأشجار لاخذ الثمار مسألة جمع أهل العلم على جواز استيجار الظرء وهي المرضعة لقوله تعالى فإن أرضعن لكم فاتوهن أجورهن واسترضع النبي صلى الله عليه وآله لولده إبراهيم ولان الحاجة تشتد إلى ذلك وتدعو الحاجة إليه فوق دعائها لي غير (رما لم أن؟) إنما يعيش عادة بالرضاع قد يتعذر رضاعه من امه فجاز العقد فيه كغيره من المنافع ويستحق بهذا الاستيجار منفعة وعين المنفعة وضع للصبي في حجرها بتقسيمه؟ الثدي وعصره عند الحاجة والعين اللبن الذي يمتصه الصبي وإنما جوزناه وأثبتنا به استحقاق اللبن لما قلنا من الضرورة ولو منعناه لاحتاج إلى شراء اللبن كل دفعة وذلك مشقة عظيمه ثم الشراء إنما يصح بعد الحلب والتربية لا يتم الا باللبن المحلوب فمست الحاجة إلى تسويغ هذا العقد ثم الذي تناوله عقد الإجارة بالأصالة ما هو الأقرب انه فعل المرأة واللبن مستحق بالتبعية لقوله تعالى فإن أرضعن لكم فاتوهن أجورهن علق الأجرة بفعل الارضاع لا باللبن ولان الأجرة موضوعة لاستحقاق المنافع فلو استحق بها العين بالأصالة خرجت عن موضوعها فاذن اللبن مستحق بالتبعية لضرورة تدعوا إليه كالبئر تستأجر ليستقى منها الماء والدار تستأجر وفيها بئر ماء يجوز الاستقاء منها وهو أصح وجهي الشافعية والثاني الذي تناوله العقد بالأصالة اللبن وفعلها تابع لان اللبن مقصود بعينه وفعلها مقصود لايصال اللبن المقصود إلى الصبي مسألة الحضانة حفظ الولد وتربيته ودهنه وكحله وغسل خرقه وتنظيفه وجعله في سريره وربطه ويحتاج إليه إذا عرفت هذا يجوز للأب أن يستأجر المرأة للرضاع والحضانة معا وإن يستأجرها للحضانة دون الرضاع إجماعا لان ذلك منفعة محللة مقصودة فجاز الاستيجار عليها وهل أن يستأجرها للرضاع خاصة دون الحضانة الأقرب الجواز كما يجوز الاستيجار للحضانة خاصة وهو أصح وجهي الشافعية والثاني لا يجوز كما لا يجوز استيجار الشاة لارضاع السخلة وهذا الخلاف بينهم فيما إذا قصر الإجارة على صرف اللبن إلى الصبي وقطع عنه وضعه في الحجر ونحوه وإذا اطلق العقد على الرضاع فالأقرب عدم دخول الحضانة تحته لأنهما منفعتان متغايرتان غير متلازمتين فلا يلزم من الاستيجار على إحديهما الاستيجار على الأخرى كما لو استأجر للحضانة وأطلق لم يدخل الرضاع وكذا العكس وهو أحد وجهي الشافعية وبه قال أبو ثور وابن المنذر والثاني تدخل الحضانة فيما إذا استأجر للرضاع ولم ينف الحضانة وبه قال أصحاب الرأي أيضا للعرف بان المرضعة تحضن الصبي وتحوطه وتغسل خرقه والاطلاق ينصرف إلى العادة والعرف مسألة يشترط في هذا العقد أمور أربعة الأول ان يكون مدة الرضاع معلومة لأنه لا يمكن تقدير هذا العمل إلا بضبط المدة فإن السعي والعمل فيهما مختلف الثاني معرفة الصبي بالمشاهد لان الرضاع يختلف باختلاف الصبيان في الكبر والصغر والتهمة والقناعة وقال بعض العامة تكفى معرفة الصبي بالصفة كالراكب الثالث معرفة موضع الرضاع لاختلاف الأغراض باختلاف المواضع
(٢٩٥)