على جداره فوضعها لم يستعقب ذلك المطالبة بالأجرة عما قبل الرجوع فان رفع صاحب الجذوع جذوعه لم يكن له اعادتها الا بإذن جديد لان الاذن الأول زال بزواله وكذا لو اذن في وضع روشن على حايطه أو جناح أو ساباط وهو أحد قولي الشافعية والثاني ان له الوضع عملا باستصحاب الاذن الأول وكذا لو سقطت الجذوع أو الروشن أو الساباط أو الجناح بنفسه ولو سقط الجدار فبناه صاحبه بتلك الآلة فكذلك لان الاذن لا يتناول الا مرة وللشافعية وجهان ولو بناه بغير تلك الآلة لم يعد الوضع إلا بإذن جديد عندنا وعند الشافعية قولا واحدا ولو صالحه على وضع الجذوع أو الجناح أو الروشن أو الساباط على حايطه جاز وبه قال الشافعي بخلاف ما لو صالحه عن اشراع الجناح لأنه صلح عن الهواء المجرد فلا يجوز عنده وقد سبق كلامنا فيه ولو رضي مالك الجدار بوضع الجذوع بعوض فذلك إما بيع أو اجارة وسيأتي على قول الشافعي بان له الاجبار على وضع الخشب لا يصح المعاوضة ولا الصلح عليه بمال لان من ثبت له حق لا يؤخذ منه عوض عليه لكنا قد بينا بطلان هذا القول من رأس مسألة إذا كان الجدار مشتركا بين الاثنين أو أكثر لم يكن لاحد من الشركاء التصرف فيه بشئ من وجوه الانتفاعات حتى ضرب الوتد فيه وفتح الكوة بل واخذ أقل ما يكون من ترابه ليترب به الكتاب بدون اذن جميع الشركاء فيه كغيره من الأموال المشتركة مطلقا سواء كان وضع جذع عليه أو لا وللشافعي في الاجبار على وضع الجذوع قولان لان له ان يجبر جاره على وضع جذوعه على جداره فشريكه أولي والأصل قد بينا بطلانه نعم يجوز الانتفاع منه بل ومن جدار الغير بما لا يقع المضايقة فيه كالاستناد إليه وإسناد المتاع إليه إذا لم يتضرر الجدار به لأنه بمنزلة الاستظلال بجدار الغير والاستضاءة بسراجه ولو منع مالك الجدار من الاستناد فالوجه التحريم لأنه نوع تصرف بايجاد الاعتماد عليه ولو بنى في ملكه جدارا متصلا بالجدار المشترك أو المختص بالجار بحيث لا يقع ثقله عليه جاز ولم يكن للاخر الاعتراض النظر الثاني القسمة مسألة لكل جسم ابعاد ثلاثة طول وعرض وعمق ونعني بطول الحايط امتداده من زاوية من البيت إلى الزاوية الأخرى أو من حد من ارض البيت إلى حد اخر من ارضه ولا يريد به ارتفاعه عن الأرض فان ذلك هو العمق والسمك باعتبار اخذ المساحة أو الاعتبار من تحت ومن فوق واما العرض فهو البعد الثالث منه فإذا كان طوله عشرة وعرضه ذراعا جاز قسمته في الطول والعرض ان أرادها فإذا طلب أحدهما قسمته في كل الطول ونصف العرض ليصير لكل واحد نصف ذراع في طول عشرة واجابه الأخر جاز وكذا يجوز ان يقتسماه في كل العرض ونصف الطول فيصير لكل واحد خمسة أذرع في عرض ذراع فان طلبا قسمته على الوجه الثاني كان للحاكم ان يعلم بينهما بعلامة ويخط رسما للتنصيف أو يشق الجدار وينشره بالمنشار وان طلبا قسمته على الوجه الأول قسمه بالعلامة دون الشق والنشر لان شق الجدار في الطول اتلاف له وتضييع ولو باشر الشريكان قسمته بالمنشار لم يمنعهما أحد كما لو نقضاه واقتسما الانقاض ولو طلب أحد الشريكين قسمة الجدار وامتنع الأخر نظر ان طلب القسمة على الوجه الأول لم يجب الإجابة لأنا لو أوجبنا القسمة على هذا النحو لا قرع في التخصيص والقرعة ربما يعين شق الذي يلي أحدهما للاخر والذي يلي الأخر للأول فلا يتمكن أحدهما من الانتفاع بما وقع له بالقسمة ولأنه لا يتمكن من افصال أحدهما من الأخر بفصل محقق لان غايته رسم خط بين الشقين فإذا بنى أحدهما على ما صار إليه تعدى الثقل والتحامل إلى الشق الآخر نعم لو تراضيا على هذه القسمة جاز وكان رسم الخط كافيا في القسمة وعن بعض الشافعية انه يجبر الممتنع عن القسمة ولا قرعة بل يخصص كل واحد منهما بما يليه ليقع النفع لهما معا واما ان طلب أحدهما القسمة على الوجه الثاني وهو قسمة نصف الطول في كل العرض فان رضي الأخر واجابه إليها جاز وان امتنع فان انتفى الضرر عنهما أو عن الممتنع أجبر عليها وان تضرر الممتنع لم يجبر عليها وللشافعية وجهان في الاجبار فمن اعتبر في القسمة الشق والقطع منع من القسمة لان القطع يوجب اتلاف بعض الجدار ولا اجبار مع الاضرار وقال بعض هؤلاء ان التضرر والنقصان هنا هين في هذا النوع فكان بمنزلة قسمة الثوب الصفيق ومن اكتفى برسم العلامة والخط اختلفوا أيضا فبعضهم جوز الاجبار لأنه يمكن تأتي الانتفاع بما يصير إليه وبعضهم منع لتعذر الفاصلة المحققة مسألة لو انهدم الجدار أو هدماه أو لم يرسماه في الأول فأرادا قسمة عرصته في كل الطول ونصف العرض ولا ضرر مطلقا أو لا ضرر على الممتنع فان قلنا بتخصيص كل واحد بالشق الذي يليه من غير قرعة أجيب طالبها إليها وان منعنا من قسمة الحايط في المسألة الأولى فللشافعية هنا وجهان مبنيان على أن المنع في الحايط حذرا من القرعة أو من عدم تأتي الفصل المحقق فان قالوا بالأول استمر المنع من القسمة هنا لان المانع هناك موجود هنا وان قالوا بالثاني أجبر الممتنع عليها لزوال المانع لامكان الفصل هنا ولو طلب قسمتها في نصف الطول وكل العرض أجيب لفقد الموانع المذكورة في الجدار هنا وإذا بنى الجدار وأراد ان يكون عريضا زاد في عرضه من عرصة بيته النظر الثالث العمارة مسألة إذا استهدم الحايط أجبر صاحبه على نقضه ليلا يتأذى به أحد سواء كان المالك واحدا وأكثر ولو كان لاثنين فنقضاه لاستهدامه أو لغير استهدامه أو انهدم الجدار بنفسه لم يجبرا على بنائه ولا يجبر أحدهما لو امتنع عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين وهو الجديد له ومالك واحمد في إحدى الروايتين عنهما لأنه ملكه فإذا لم يكن له حرمة في نفسه لم يجبر على الانفاق عليه كما لو انفرد به بخلاف الحيوان ذي الحرمة فإنه يجب عليه الانفاق عليه لحرمته وتعلق غرض الشارع بالانتفاع به ولأنه ملكه فلا يجبر على عمارته كما لا يجبر على زراعة الأرض المشتركة ولأنه بناء حائط فلا يجبر عليه كالابتداء ولأنه لو أجبر على البناء فاما لحق نفسه وهو باطل بما لو انفرد به أو لحق غيره ولا يجوز ان يجبر الانسان على عمارة ملك الغير كما لو انفرد به الغير والقول القديم للشافعي انهما يجبران على عمارته ويجبر الممتنع عليها وهو الرواية الأخرى عن مالك وعن أحمد رفعا للضرر عن الشركاء وصيانة للاملاك المشتركة عن التعطيل وقد قال النبي صلى الله عليه وآله لا ضرر ولا ضرار وفي ترك بنائه اضرار فاجبر الممتنع عليه كما يجبر على القسمة بينهما لو طلب أحدهما والملك وان لم يكن له حرمة يلزمه بسببها الانفاق عليه فان شريكه له حرمة ولا نسلم ان في ترك بنائه ضررا فان الضرر انما حصل بانهدامه وانما ترك البناء ترك لما يحصل النفع به وفي ترك بنائه اضرار به ولا يزال الضرر بالضرر والخبر مشترك الدلالة لان في تكليف الشريك العمارة اضرارا عظيما به فلم يجبر عليها والفرق بينه وبين القسمة ظاهر فان للانسان الاختصاص بالتصرف في ملكه وانما يتم بالقسمة والاجبار على العمارة يقتضي اجبار الغير على عمارة ملكه لينتفع الأخر به والقسمة دفع الضرر عنهما بما لا ضرر فيه والبناء مضر لما فيه من الغرم ولا يلزم من اجباره على إزالة الضرر بما لا ضرر فيه اجباره على ازالته بما فيه ضرر مسألة لو هدم أحد الشريكين الجدار المشترك من غير اذن صاحبه فإن كان لاستهدامه وفي موضع وجوب الهدم لم يكن عليه شئ وإن كان مما لا يجب هدمه أو هدمه وهو معمور لا يخشى عليه السقوط فقد اختلف قول علمائنا قال بعضهم يجبر الهادم على عمارته واعادته إلى ما كان عليه أولا والأقوى لزوم
(١٨٥)