منه الشافعية بناء منهم على أن الهواء تابع فلا يفرد بالمال صلحا كما لا يفرد به بيعا ويمنع مانعية التبعية من الانفراد بالصلح بخلاف البيع لأنه يتناول الأعيان والصلح هنا وقع عن الوضع مدة وكذا الحكم في صلح مالك الدار عن الجناح المشرع إليها من الجواز عندنا والمنع عندهم مسألة نعني بأرباب الدرب المقطوع وأصحاب السكة من له باب نافذ إلى تلك السكة دون من يلاصق حد داره السكة ويكون حايطه إليها من غير نفوذ باب له فيها وهل يشترك جميعهم في جميع السكة فيكون الاستحقاق في جميعها لجميعهم أم شركة كل واحد تختص بما بين رأس السكة وباب داره ولا تتخطا عنه المشهور عندنا اختصاص كل واحد بما بين رأس السكة وباب داره لان محل تردده هو ذلك المكان خاصة ومروره فيه دون باقي السكة فحكم ما عدا ذلك حكم غير أهل السكة وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني لهم الأول وهو ان الاستحقاق في جميعها لجميعهم لانهم ربما احتاجوا إلى التردد والارتفاق بجميع الصحن لطرح الأثقال ووضع الأحمال عند الاخراج والادخال ويظهر الفايدة على أصح قولي الشافعي في منع اشراع الجناح الا برضاهم فعلى القول باشتراك الكل في الكل يجوز لكل واحد من أهل السكة المنع وعلى الثاني انما يجوز المنع لمن موضع الجناح بين بابه ورأس السكة دون من بابه موضع الجناح ورأس السكة إذا تقرر هذا فعلى المشهور عندنا ان لا دخل ينفرد بما بين البابين ويتشاركان في الطرفين ولكل منهما الخروج ببابه مع سد الأول وعدمه فان سده فله العود إليه مع الثاني وليس لأحدهما الدخول ببابه ويحتمله لأنه قد كان له ذلك في ابتداء الوضع فيستصحب وله رفع جميع الحايط فالباب أولي مسألة قد بينا ان الدرب المقطوع لأربابه المحصورين دون الشوارع المسلوكة فلهم التصرف فيه كيف شاءوا لان للانسان التصرف في ملكه بساير أنواع التصرفات ولهم سد باب السكة وهو قول أكثر الشافعية ومنع بعضهم من ذلك لان أهل الشارع يفزعون إليها إذا عرض لهم سبب من زحمة وشبهها ولو امتنع بعضهم من سدها لم يكن للباقين سدها اجماعا ولو اتفقوا على السد لم ينفرد بعضهم بالفتح ولو اتفقوا على قسمة صحن السكة بينهم جاز ولو أراد أهل رأس السكة قسمة رأس السكة بينهم منعوا الحق من يليهم إما لو أراد أهل الأسفل قسمة الأسفل فان قلنا باختصاصهم به كان لهم ذلك وان قلنا باشتراك الجميع في الأسفل لم يكن لهم ذلك الا بإذن الباقين هذا كله أعني سد الباب وقسمة الصحن انما هو إذا لم يكن في السكة مسجد فإن كان فيها مسجد قديم أو حديث فالمسلمون كلهم يستحقون الطروق إليه ولا يمنعون منه وكذا لو جعل بعضهم داره رباطا أو مسجدا أو مدرسة أو مستراحا لم يكن لاحد منعه ولا منع من له الممر فيه وحينئذ لا يجوز لاحد ان يشرع جناحا ولا ساباطا ولا روشنا عند التضرر به وان رضي أهل السكة لحق سائر الناس مسألة قد بينا ان الدرب إما نافذ واما مقطوع إما النافذ فلكل أحد فتح باب فيه سواء كان له ذلك بحق قديم أو لا واما المقطوع فليس لمن لا باب له فيه احداث باب الا برضا أهل السكة بأسرهم لتضررهم إما بمرور الفاتح عليهم أو بمرورهم على الفاتح ولو فتح بابا للاستضاءة دون الاستطراق أو قال افتحه وأسمره بمسمار لا ينفتح بابه معه فالأقرب منعه من ذلك لان الباب يشعر بثبوت حق الاستطراق فربما استدل به على الاستحقاق وهو أحد قولي الشافعية ويمكن ان يمكن منه لأنه لو رفع جميع الدار لم يكن لاحد منعه فلئن يمكن من رفع بعضه أولي واما من له باب في تلك السدة لو أراد ان يفتح غيره نظران كان يريد به الفتح أقرب من بابه إلى رأس السكة كان له ذلك لان له الاستطراق فيه وهو شريك فإذا فتح بابا كان ذلك بعض حقه وإن كان يريد الفتح أقرب من بابه إلى صدر السكة لم يكن له ذلك وهو أظهر قولي الشافعية والثاني له ذلك لان له يدا في الدرب فكان الجميع في أيديهما إذا عرفت هذا فان أراد ان يتقدم ببابه إلى رأس السكة فان سد بابه الأول كان له ذلك قطعا لأنه ينقص حقه وان لم يسد بابه فكذلك عندنا وللشافعية فيه قول بالمنع لان الباب الثاني إذا انضم إلى الأول أورث زيادة زحمة الناس ووقوف الدواب في السكة فيتضررون به وان أراد ان يتأخر ببابه عن رأس السكة ويقرب من صدورها فلصاحب الباب المفتوح بين رأس السكة وداره المنع وهل لمن داره بين الباب ورأس السكة المنع وجهان بناء على كيفية الشركة ولهم طريقة أخرى جازمة بأنه لا منع للذين يقع الباب المفتوح بين دارهم ورأس السكة لان الفاتح لا يمر عليهم وتحويل الميزاب من موضع إلى موضع كفتح باب وسد باب فروع ا لو كان لرجلين بابان في سدة أحدهما قريب من باب الزقاق وباب الأخر في وسطه فأراد كل واحد منهما ان يقدم بابه إلى أول الزقاق كان له ذلك على ما تقدم لان له استطراق ذلك فقد نقص من استطراقه وان أراد ان يؤخر بابه إلى صدر الزقاق لم يكن له ذلك على ما سبق وهو أظهر وجهي الشافعية لأنه تقدم ببابه إلى موضع لا استطراق له فيه ب لو كان لأحدهما باب يلي باب الزقاق وللآخر باب في الصدر فأراد الثاني ان يقدم بابه إلى حد باب الأول فالأقرب ان له ذلك على ما سبق وعند الشافعية يبنى على الوجهين فان قلنا لصاحب الباب الذي يلي باب الزقاق ان يؤخر بابه لم يكن له ذلك وان قلنا ليس له ذلك كان لصاحب باب الصدر ان يقدمه إلى باب الثاني وينبغي ان يكون له ان يقدمه في فنائه إلى فناء الثاني لأنه انما يفتح الباب في فناء نفسه ولا حق له فيما جاوز ذلك ج لو كان له دار في درب مقطوع فجعلها حجرتين وجعل لها بابين جاز ذلك إذا وضع البابين في موضع استطراقه وان اخرهما أو أحدهما لم يجز وللشافعية فيه الوجهان مسألة لو كان له داران ينفذ باب إحديهما إلى الشارع وباب الأخرى إلى سكة منسدة فأراد مالكهما فتح باب في إحديهما إلى الأخرى لم يكن لأهل السكة منعه لأنه يستحق المرور في السكة ورفع الجدار الحايل بين الدارين تصرف منه مصادف للملك فلا يمنع منه وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني ان لهم المنع لأنه يثبت للدار الملاصقة للشارع ممرا في السكة ويزيد فيما استحقه من الانتفاع وليس بشئ ولو كان له دار لها باب في زقاق غير نافذ ولها حد في شارع أو زقاق نافذ وأراد ان يفتح في حده بابا إلى الشارع جاز له لأنه يرتفق بما لم يتعين ملك أحد عليه لا يقال إن في ذلك اضرارا باهل الدرب لأنه كان منقطعا وبفتح الباب يصير الدرب نافذا مستطرقا إليه من الشارع لأنا نقول إنه بفتح الباب صير داره نافذة واما الدرب فإنه على حاله غير نافذ إذ ليس لأحد غيره استطراق داره ولو انعكس الحال فكانت بابه إلى الشارع وله حايط في المنقطع فأراد فتح باب للاستطراق فقد بينا انه ليس له ذلك إذ لا حق له في درب قد تعين عليه ملك أربابه فلم يكن له الانتفاع به بغير اذنهم ولو كان له داران متلاصقتان باب كل واحدة منهما في زقاق غير نافذ فأراد صاحبهما رفع الحاجز بينهما بالكلية وجعلهما دارا واحدة جاز قولا واحدا وان أراد فتح باب من إحديهما إلى الأخرى جاز عندنا أيضا وللشافعية قولان أحدهما المنع لان ذلك يثبت له حق الاستطراق من الدرب الذي لا ينفذ إلى دار لم يكن لها طريق منه ولان ذلك ربما أدي إلى اثبات الشفعة في قول من يثبتها بالطريق لكل واحدة من الدارين في زقاق الأخرى وهذا قول أكثرهم وهو غلط لان له رفع الحاجز بالكلية فرفع بعضه أولي والمحذور لازم فيما لو رفع الحايط مع أنه لا يبطل به حق
(١٨٣)