الشارع بثبوت الكفارات على ارتكابها عن العمد إذا صدرت عن اكراه ونسيان وغفلة أيضا، بأن يقال إنه لو أكره أحد على الصيد في حال الاحرام أو نسي فاصطاد فتثبت له الكفارة، لأن حديث الرفع لا يرفع موضوع الحكم، فالصيد الذي موضوع لثبوت الكفارة غير مرفوع، بل المرفوع إنما هو الحكم التكليفي ومتعلقاته، أي جعل الصيد كعدمه بالنسبة إلى الحكم التكليفي، ولم يلتزم المشهور بذلك.
و أما ما ذكره من الاستشهاد على عدم شمول حديث الرفع لموضوعات الأحكام، بعدم كون الإقامة والسفر عن اكراه كغير الإقامة وكغير السفر، حيث إن وظيفة المكلف في الأول هو الاتمام وفي الثاني هو القصر، مع أن لازم القول شمول حديث الرفع لموضوعات الأحكام هو الالتزام بكون الإقامة والسفر هنا كعدمهما، فهو محض اشتباه، حيث إن المستفاد من الأخبار أن موضوع القصر والاتمام إنما هو علم المكلف بالإقامة وعدم علمه بذلك لا الإقامة الخارجية وعدمها، وأن العلم هنا تمام الموضوع لا جزؤه.
ولذا لو علم بأنه يقيم في مكان عشرة أيام فصلى تماما ثم تبين أنه لا يبقى إلا أربعة أيام صحت صلاته، فلا معنى للنقض بأنه لو كان حديث الرفع شاملا لموضوعات الأحكام ورافعا لها أيضا للزم القول بوجوب القصر مع الاكراه على الإقامة أو السفر.
ولذلك لا يرتفع النجاسة بالملاقاة عن نسيان أو عن اكراه، لأن موضوع الحكم فيها هو الإصابة كما يظهر من الروايات، ومن هنا ذكرنا في محله أن شرائط التكاليف قد تكون أمورا غير اختيارية كالوقت، نعم التقيد بها أمر اختياري أي تحت اختيار المكلف.