وهكذا سائر المقولات الإضافية، ومفهوم التفرق أيضا كذلك، فإنه لا يتحقق إلا بالطرفين، فإنه عبارة عن انفصال شئ عن شئ وافتراق جسم عن جسم، فلا يعقل أن يصدق هذا العنوان على شئ واحد، فقهرا يعتبر افتراقه عن شئ آخر ويلاحظ باعتباره.
وعليه فلا يسقط خيار المجلس الذي كان مغيا بالافتراق إلا بافتراقهما.
ثم نقول: إن هذا المفهوم وإن لم يعتبر في تحققه الاختيار كما تقدم، لا من حيث المادة ولا من حيث الهيئة، لصدقه على الجمادات أيضا فضلا عن اعتبار الاختيار فيه، فإنه يصح أن يقال: إن الجدار افترق بعضه عن بعض، وكذلك يصح نسبته إلى كل جماد وغيره، باعتبار انفصال بعض أجزائه عن بعض، فإنه بمعنى الانفصال، فكما لا يعتبر فيه ذلك فلا يعتبر في الافتراق أيضا ذلك.
ولكن مع لحاظ تلك الدلالة على اعتبار الاختيار في التفرق، فيكون التفرق الحاصل من الاكراه وبعدم الرضا من أحدهما كعدم التفرق فلا يكون موجبا لسقوط الخيار، فتكون النتيجة هو سقوط الخيار بمجموع التفرق منهما باختيار كليهما مع عدم المنع من التخاير.
أما إذا كان دليل اعتبار الاختيار هو تبادر اختيارية التفرق، بدعوى أن المتبادر من الفعل المسند إلى الفاعل المختار هو اختياريته، فلأن ما يكون صادرا عن غير اختيار لا يكون تفرقا أصلا كما هو المفروض، وعليه فلا يكون خروج أحدهما ولو باختياره عن المجلس تفرقا.
وأما إذا كان دليل اعتبار الاختيار هو صحيحة الفضيل، من كون التفرق الحاصل برضاهما موجبا لسقوط الخيار، فلأنه مع كون أحدهما مكرها على التفرق لا يكون التفرق منهما كاشفا عن رضاهما، فلا يكون موجبا