7 - ثم إن لشيخنا الأستاذ وجه آخر في المقام، وحاصله: أن أدلة الخيار إنما أثبتت سلطنة على الفسخ لمن هو مأمور بالوفاء بالعقد، ومن الواضح أن الوكيل في اجراء الصيغة لم يشمله دليل الوفاء بالعقد.
وبعبارة أخرى أن أدلة الخيار إنما هي مخصصة لقوله تعالى: أوفوا بالعقود (1)، وحيث إن الآية لم تشمل الوكيل في اجراء الصيغة ولم يكن هو مأمورا بالوفاء بالعقد، فيكون دليل التخصص أيضا غير شامل له.
وفيه أن هذا الوجه لا بأس به، بناء على ما ذكره المصنف (رحمه الله) في معنى الوفاء، حيث جعل الأمر ظاهرا في الوجوب التكليفي الذي يدل على اللزوم بالدلالة الالتزامية، فإن لقائل أن يقول: إن وجوب الوفاء إنما هو حكم ثابت على ذمة الملاك أو من يقوم مقامهم، وأما الوكيل في مجرد اجراء الصيغة فليس مأمورا بذلك، فإنه من الأول لم يجز له التصرف في المبيع ولا في الثمن، وكذلك في حال العقد وبعده، فلا معنى لأن يقال: يحرم عليك التصرف في العوضين، ليكون هذا الحكم شاملا لما بعد الفسخ أيضا حتى يتمسك به لاثبات اللزوم.
وأما بناء على ما ذكرناه، من دلالة الآية على اللزوم بالمطابقة وكونها ارشادا إلى لزوم العقود من غير أن تدل على حكم التكليفي، فلا مانع من شمولها على الوكيل في اجراء الصيغة أيضا، فإنه ليس له فسخ العقد بعد ايجاده كما لا يخفى، لما عرفت أن الآية ناظرة إلى أن كل من أوجد عقدا يجب عليه الوفاء به، ومن جملة الموجدين للعقد هو الوكيل في اجراء الصيغة كما هو واضح، فهذا الوجه أيضا لا يتم.