قد عرفت أنه ذكر المصنف اختصاص الحكم بالصورة الأولى، لأن هذا الحكم مبني على الارفاق وهو منفي في صورة العدوان، ولا تشمله قاعدة نفي الضرر أيضا لأنه امتنع عن الاقباض بنفسه، فقد أقدم على الضرر.
ولكن قد عرفت أن الأخبار المذكورة خالية عن اعتبار الارفاق في الحكم، ولا وجه لاعتباره هنا كما هو واضح.
والذي يستفاد من الأخبار أمران: أن يقبض البايع الثمن، وقد دلت على هذا عدة من الروايات، فعمدتها الصحيحة الأخيرة في كلام المصنف (1)، فمضمون تلك الأخبار أن المشتري إذا جاء بالثمن فبها وإلا فلا بيع له، ورواية علي بن يقطين (2) قد دلت على اعتبار أمر آخر وراء هذا الشرط، وهو أن يقبض المبيع.
فلا تنافي بينها وبين تلك الروايات بوجه لكي يتوهم التعارض بينهما بالعموم من وجه، بل مفاد رواية علي بن يقطين أن البيع يبطل من جهة أخرى أو يكون خياريا، وهي عدم اقباض البايع مع عدم أخذ الثمن وإن أمكنه المشتري من ذلك، كما أن بطلان البيع من جهة الغرر مثلا لا ينافي بطلانه من جهة انتفاء شرط آخر له، وأن بطلانه مثلا للغرر لا ينافي بطلانه أو خياريته من جهة عدم اقباض الثمن كما لا يخفى.