فنقول: إن كان مدرك خيار الغبن هو الاجماع، فلا شبهة في عدم جريانه في غير البيع، لأنه دليل لبي ولا بد من أخذ المتيقن منه، وهو البيع، وإن كان مدركه هو نفي الضرر فيشمل ذلك غير البيع أيضا، إلا إذا كان هنا اقدام على الضرر، فإنه مع الاقدام لا يكون هنا خيار، ولا يبعد صدق الاقدام على الضرر مع العلم والجهل كما تقدمت الإشارة إلى ذلك سابقا، ولا يختص ذلك بصورة العلم بالغبن كما ذكره المصنف وبنى عليه.
وكيف كان لا يهمنا التكلم في ذلك، بعد ما عرفت من عدم تمامية دلالة حديث لا ضرر على المقصود، وإنما المدرك هو الشرط الضمني كما تقدم تفصيله، وعليه فلا بد من التكلم على هذا المبنى.
فنقول: قد يكون البناء في المعاملة على الدقة وعدم المغابنة، وقد يكون على السمحة والمسامحة، وقد لا يكون العقد مبنيا على شئ.
أما الأول، فلا شبهة في تحقق الشرط الضمني فيه، فإن بناء العقلاء على تساوي القيمتين فيه، فتكون قرينة نوعية على تساوي القيمتين، ومع انتفاء القرينة النوعية فتلاحظ القرينة الشخصية على ذلك، ومن ذلك الإجارة والصلح في مقام البيع والإجارة، ولا يفرق فيه أيضا بين أفراده إلا إذا قامت قرينة خارجية على عدم تحقق ذلك الشرط، كالبيع بين الوالد والولد، فإنه إذا وقع الغبن في ذلك فالارتكاز قائم على عدم الشرط فيه نوعا.
وأما الثاني، فلا يجري فيه الشرط الضمني، كالصلح في مقام المرافعة حيث إن بنائه على قطع النزاع والتشاح، فجريان الخيار فيه ينافي ذلك، وكذلك الصلح في غير موارد البيع والإجارة، بأن كان على ابراء جميع ما في الذمة كائنا ما كان، إلا إذا ظهر الحال وعلم أن ما في ذمة المديون من