إنما هو قيمة يوم التلف وإن كان الفسخ متأخرا، فإنه حينئذ يسقط الضمانين بالتهاتر، فإن المغبون يطلب ماله من الغابن الذي أتلفه بقيمة يوم التلف، والغابن يطلب عين هذا المال من المغبون الفاسخ أيضا بقيمة يوم التلف، فيقع بينهما التهاتر، وهكذا لو كان المناط هو قيمة يوم الأداء كما هو واضح.
وإنما الكلام فيما إذا قلنا بأن المناط في ضمان القيمة إنما هو قيمة يوم الغصب، فإنه حينئذ يختلف ضمان الغابن بقيمة العين وضمان المغبون بها، وكثيرا ما يكون أحدهما أكثر من الآخر، كما إذا أتلف الغابن العين التي انتقلت منه إلى المغبون وكانت قيمته في ذلك اليوم الذي هو يوم الغصب والضمان عشرة، ثم مضت مدة ففسخ المغبون العقد وكانت قيمة العين في يوم الفسخ عشرين، وكان هذا اليوم اليوم الذي ضمن المغبون القيمة لكونه بمنزلة يوم الغصب.
وعليه فتكون ما ضمنه المغبون في صورة كون الغابن متلفا لما انتقل منه إلى المغبون أقل مما ضمنه المغبون بالفسخ وضمان اليد، وعليه فلا يمكن أن يقع التهاتر بينهما بالنسبة إلى تمام ما اشتغلت ذمة المتلف وذمة الفاسخ بل بالنسبة إلى مقدار خاص، وأما المقدار الزائد فلا بد للمغبون أن يخرج من عهدته ويطلب من الغابن ثمنه.
وبعبارة أخرى أن المغبون في الفرض المذكور يطلب من الغابن شيئين: أحدهما عين ماله التي أتلفها الغابن، والثاني الثمن الذي أعطاه للغابن، فإنه يطلب منه ذلك بعد الفسخ، أما الثمن فلا شبهة في أنه يطلبه من الغابن علي كل تقدير، وأما العين التي أتلفها الغابن، فإن كان اشتغال ذمتهما بقيمة يوم واحد إما يوم التلف أو يوم الأداء بحيث تكون ذمة الفاسخ أيضا مشغولة بقيمة يوم التلف من حين الفسخ أو كان اشتغال ذمتهما بقيمة يوم الأداء، فلا شبهة في سقوط حق كل منهما عن ذمة