ولكن الظاهر أنه لا دليل على الضمان بأعلى القيم بوجه كما تقدم في مسألة الغصب، وقد أشرنا إلى ذلك آنفا، والوجه فيه أن ما يدخل تحت اليد بواسطة الغصب ونحوه إنما هو العين مع الأوصاف الدخيلة في زيادة المالية، فإن دليل على اليد أو السيرة العقلائية يقتضي أداء العين مع جميع تلك الخصوصيات، وحيث استحال ذلك فلا بد من الرجوع إلى البدل من المثل أو القيمة، وأما ترقي القيمة السوقية أو تنزلها فلا يدخل تحت الضمان أصلا، فإن القيمة السوقية قائمة بالاعتبار فتزيد تارة وتنقص أخرى، فلا تدخل تحت قاعدة ضمان اليد كما هو واضح، فإنها لم تؤخذ حتى تكون معنى بالأداء.
وأما ضمان العين بقيمة يوم التلف، فقد يقال به من جهة أن وقت الانتقال إلى القيمة هو ذلك اليوم فيضمن الغاصب ومن في حكمه بذلك القيمة.
وقد أجبنا عن هذا الوجه فيما سبق بأنه وإن كان يوم التلف هو يوم الانتقال إلى القيمة، ولكن أي القيمة هل هي قيمة يوم التلف كما زعمه المستدل أو قيمة يوم الغصب أو قيمة يوم الأداء أو أعلى القيم، فمجرد كون يوم التلف يوم الانتقال إلى القيمة لا يدل على أن تلك القيمة هي قيمة يوم التلف كما هو واضح.
وعلى القول بتماميته في مسألة الغصب لا يجري هنا، فإنه فيما يكون المال مغصوبا ومضمونا بعينه لكي ينتقل إلى البدل يوم التلف، وفي المقام ليس كذلك، فإن التلف إنما وقع في ملك الغابن أو المغبون على الفرض، فإن المفروض أن التلف إنما هو قبل الفسخ، فلا ضمان هنا حتى يوجب ذلك انتقال العين إلى القيمة يوم التلف كما هو واضح، نعم يمكن أن يقال باعتبار ضمان قيمة يوم التلف من حين الفسخ أو يوم الأداء ولكنه لا دليل عليه.