وأما أن الامتزاج مثل التصرف المخرج عن الملك فمن جهة أن الامتزاج يوجب خروج العين عن الملك لا تمامها بل ببعضها، وبهذا الخروج تحصل الشركة الإشاعة فينتقل بعض من كل من الممتزجين بعضا مشاعا إلى ملك مالك الآخر فتصبح العين بينهما مشتركة على وجه الإشاعة.
وأما المسألة الثانية، فهي أنه هل يمكن الرد هنا أم لا، فنقول: أما إذا لم يرض الغابن لما امتزجه، سواء كان الامتزاج بالأعلى أم لا، فلا شبهة في انتقال حقه إلى المثل أو القيمة، فإنما أخذه المغبون من الغابن لم يكن ممتزجا بغيره ولم يكن مشتركا بينه وبين غيره، فالشركة عيب في ماله فله أن لا يقبله ويطلب من المغبون مثله أو قيمته، فإنه حين ما سلمه إلى المغبون لم يكن معيوبا بهذا العيب كما هو واضح.
وعلى الجملة فللغابن أن لا يرض بالممتزج وطلب منه غيره، وإن رضي بذلك فليس للمغبون أن يمنع من أدائه، لأن الشركة وإن كانت عيبا في المال وموجبة لانتقال بعض مال الغابن إلى المغبون لحصول الإشاعة بذلك إلا أنه مع ذلك متعلق حقه وماله، غاية الأمر ماله المعيوب بعيب حصل بفعل المغبون وله مطالبة نفس ذلك، وليس للمغبون أن يمنع من رده، لأن الغابن له أن يسقط ما كان في ماله من القيمة عن العيب الذي هو الشركة وليس ذلك اعتبار وصف زائد فيه حتى يكون ذلك عناية زائدة ولا يكون للغابن حق المطالبة.
والأمر كذلك في جميع المقامات التي يشترط المشتري كون المبيع واجدا لوصف الكمال، ولكن في مقام التسليم والتسلم يغمض النظر عن حقه ولا يطلب الواجد للوصف كما لا يخفى، مثلا لو فرضنا أن زيدا اشترى عبدا كاتبا من عمرو وهو عند المطالبة يطالب عبدا فاقدا للكتابة