وبين المسقط الفعلي، إذ الميزان إنما هو كونه مبرزا لما في النفس من الرضاء بالعقد وكاشفا عن سقوط الخيار، ومن الواضح أن التصرف حين العلم بالغبن له طريقية إلى سقوط الخيار، إلا إذا قامت قرينة على عدم كونه طريقا إلى السقوط في هذه الحالة.
وإن كان المراد من هذا الفرق الموضوعية، بأن كان التصرف مع العلم بالغبن له موضوعية في سقوط الخيار فهو باطل، إذ كثيرا يوجد التصرف مع العلم بالغبن ولا يكون مسقطا للخيار، كما إذا علم بالغبن وبنى على الفسخ ولكن لم يفسخ ليتصرف في المبيع ولا يكون التصرف في ملك الغير.
كان اشترى لحافا والتفت الليل إلى الغبن وبنى على الفسخ، بناءا على عدم فورية هذا الخيار، ولكن لم يفسخ الليلة من جهة برودة الهوى ليتصرف في اللحاف مع كونه في ملكه وأصبح وفسخ، فإن القرينة قائمة على عدم كون التصرف كاشفا عن سقوط الخيار، فلو كان له موضوعية لكان مثل هذه التصرفات أيضا مسقطا للخيار.
وهكذا لو كان التصرف واقعا في مقدمة الاسقاط، كما إذا اشترى حيوانا فالتفت إلى كون المعاملة غبنية وركبه ليرده إلى البايع ويفسخ العقد عنده، فإن مثل هذا التصرف لا يكون مسقطا للخيار.
بل قد يكون موجبا لسقوط الخيار مع الجهل بالغبن، كما إذا تصرف المغبون تصرفا كاشفا عن الرضا بالعقد، حتى لو ظهر فيه غبن، كما هو المفروض، فلو كان التصرف مع العلم بالغبن له موضوعية في سقوط الخيار لما كان ذلك موجبا لسقوط الخيار.
نعم مع العلم بالغبن يكون التصرف كاشفا عن سقوط الخيار غالبا إلا إذا قامت قرينة على الخلاف، وعكس ذلك وقوع التصرف مع الجهل بالغبن.