أما لزوم الغرر في اسقاط خيار الرؤية من جهة أن بيع العين الغائبة لا يصح إلا بذكر الأوصاف التي بها تختلف مالية المال، ومرجع اسقاط الخيار إلى اشتراء المال بأي وصف كان، وهذا غرري، لأن الأوصاف لها دخل في المالية، فمقدار المالية من هذا المبيع غير معلوم، وأما في خيار الغبن فكذلك، فإن اعتبار ذكر أوصاف المبيع ليس إلا لأجل العلم بمقدار ماليته، فإذا كان الجهل بالمبيع أو بالصفة راجعا أي الجهل بالمالية فاسقاط خيار الغبن أيضا يرجع إلى الجهل بمقدار مالية المال، فيلزم الغرر.
وعلى الجملة فاسقاط الخيار، أي عدم جعل الخيار في العقد مع احتمال الغبن يوجب غررية المعاملة، إذ لا يعلم أن ما تملكه وأخذه أي مقدار من المال وأي مقدار له مالية، وهو واضح.
وقد أشكل عليه المصنف بما حاصله: إن الخيار من الأحكام الشرعية فلا يكون ثبوته في البيع موجبا لارتفاع الغرر، وإلا لصح كل بيع غرري على وجه التزلزل، فثبوت الخيار وعدمه بالنسبة إلى ثبوت موضوع الغرر في المعاملة وعدمه سيان.
ويرد عليه أن هذا المطلب متين فيما كان الخيار ثابتا بجعل الشارع، فإنه من الأحكام الشرعية التي لا ترتبط بالغرر نفيا واثباتا، فلا يكون ثبوته رافعا للغرر، ولا أن سقوطه يوجب الغرر، ولكن لا شبهة في أن الخيار الثابت بجعل المتعاقدين يوجب رفع الغرر، فإن المعاملة مع اشتراط أن يكون له الخيار مع ظهور الغبن فيها لا تكون غررية، أي يكون هذا الاشتراط رافعا للغرر وموجبا لسقوطه، فإن الغرر هو الخطر، فمع هذا الشرط فأي خطر في المعاملة، فإنه مختار مع ظهور الغبن فيها أن يرض أو يفسخها، وهو واضح، فتحصل أن جعل الخيار في المعاملة يوجب رفع الغرر فيها.