عن ذمته إنما هو بمقدار عشرة دنانير، ولكن لا يمكن الالتزام بذلك هنا، والوجه فيه أن خيار الغبن كما عرفت أمر واحد بسيط ليس ذا مراتب، إن سقط سقط من أصله وإن لم يسقط فلا يسقط من أصله، وقد قلنا إن اعتقاد كونه بمقدار خاص ثم اسقاطه من باب الداعي، فيكون الاسقاط اسقاطا له من أصله.
وهذا بخلاف باب الدين، فإنه منحل إلى ديون متعددة نظير بيع أمور عديدة في صفقة واحدة، فإنه كما ينحل البيع هنا إلى بيوع متعددة فكذلك الدين، فمائة دينار من الدين منحل إلى ديون عديدة بحساب الدينار بل بحساب الدراهم، بل أقل من الدرهم إلى أن ينتهي إلى ما لا يقبل المالية ولا ينصف بها.
وعليه فاسقاط مرتبة من الدين لا يضر ببقاء مرتبة أخرى في ذمة المديون كما هو واضح.
وعليه فلا بد إما من الالتزام بسقوط الخيار من أصله أو من الالتزام ببطلان الاسقاط لبطلان التقييد كما عرفت، وحيث عرفت أن الظاهر في مثل المقام هو الداعي، فيكون اسقاطه بداعي كون الغبن بمقدار خمسة في الخمسين فبان أنه بمقدار عشرين في الخمسين اسقاطا لأصل خيار الغبن فلا يضر به تخلف الداعي.
نعم يمكن أن يقال بكون سقوط الخيار مشروطا بظهور الغبن بالمقدار الذي اعتقده، بأن يكون اسقاط المغبون خياره معلقا بكون الغبن خمسة في خمسين وإلا فلا يسقط خياره، وهذا لا محذور فيه إلا اشكال التعليق، فإن هذا الاسقاط ليس منجزا فيكون باطلا.
ولكن يرد عليه أن بطلان التعليق في العقود والايقاعات لم يثبت بدليل لفظي بل بالاجماع، وهو دليل لبي فلا بد من أخذ المتيقن من ذلك، وهو ما لا يتوقف أصل تحقق العقد عليه، ولعل الاجماع أيضا ليس بتعبدي،