لا بد له أن يرده إلى الحاكم الأول مع احتمال عدم الوجوب، فإنه مال آخر للصغير يتملكه بالفسخ الذي هو معاملة جديدة، وليس له ربط بالمعاملة الأولى التي وضع الحاكم عليها اليد حتى تحصل المزاحمة.
ولكن قد ذكرنا في باب الولاية أنه لا دليل على ولاية الحاكم للصغير إلا من باب الحسبة، ومعنى الحسبة اتيان الأمر من باب كونه أمرا قربيا، بحيث إن الشارع يرضى بذلك ولا يرض بحيفه، فيؤتي ذلك حسبة إلى قربة إلى الله، ومن باب كونه مطلوبا للشارع، ويكون حفظه محبوبا.
وعليه فولاية الحاكم من باب القدر المتيقن، فإنه لا نحتمل أن علمه مانعا عن التصرف في مال الصغير مع الاحتياج، وكذلك لا نحتمل أن عدالته مانعة، وإذا كان مال الصغير ونفسه محتاجا إلى الحفظ وإلى النقل والانتقال وإلى التصرف فيه وكان الأمر دائرا بين أن يباشره الحاكم أو غيره، فالمتيقن هو الحاكم كما هو واضح.
وعليه فلا يجوز أن يتصرف فيه الحاكم الثاني بعين هذا الملاك، فإنه نشك في أنه بعد وضع الحاكم الأول يده عليه أن لا يجوز للثاني أن يتصرف فيه، فحيث إن المورد مما لا بد من أخذ القدر المتيقن لعدم وجود الدليل اللفظي على ولاية الحاكم كما عرفت، إذا فلا يجوز للثاني أن يتصرف فيما وضع الحاكم الأول يده عليه،.
نعم لو شككنا في جواز تصرف الحاكم الأول بعد التصرف، فمقتضى أخذ القدر المتيقن هو المنع عن تصرفه ولكنه بديهي البطلان، فإنه غير محتمل قطعا.
وكيف كان فليس المورد من موارد مزاحمة الحاكم حتى يقال لا تجوز مزاحمته.