ولا أقل من التعارض بين الظهور الذي قربناه، وظهور سياق الكلام في وحدة القضية، فلا يصح الاستدلال بها، وتخصيص القواعد المحكمة.
وإن شئت قلت: إنه بعد ظهور السؤال والجواب في قضية التفاوت بين الصحيح والمعيب، أن طبع النزاع فيها يرجع إلى الاختلاف في قيمة الصحيح، أو قيمة المعيب، أو فيهما معا.
وفي الاختلاف الأول كان المالك مدعيا، وفي الثاني منكرا، ولم يكن أبو عبد الله (عليه السلام) بصدد بيان جميع خصوصيات باب القضاء في اختلافهما; لأنه كان محولا إلى القاضي عند حضور المتخاصمين، بل أجمل (عليه السلام) في ذلك.
ومع ذلك يمكن كشف مورد الاختلاف من الرواية، بعد معهودية أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه بين المسلمين، من زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان في عصر أبي عبد الله (عليه السلام) هذا الحكم معروفا معلوما، ومن القواعد المحكمة المغروسة في الأذهان، ومعها يستكشف من فتوى أبي عبد الله (عليه السلام) - بتوجه الحلف إلى المالك أن محل الخلاف قيمة المعيب، ولا محالة كان الضامن مدعيا، والمالك منكرا.
والقضية الثانية التي أفتى فيها بإقامة المالك البينة على أن قيمة البغل يوم الإكراء كذا، يستكشف من فتواه أن هذه قضية أخرى، يتوجه الحلف فيها إلى الضامن، والبينة على المالك.
وبما أن احتمال تخصيص القاعدة المعروفة من عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان بعيدا في الأذهان، يستكشف مورد القضيتين.
مع أنك قد عرفت: أن طبع هذا الخلاف يكون ذا جهتين و حيثيتين، فبإحداهما يكون المالك مدعيا، و بالأخرى منكرا.
وما ذكرناه لو لم يكن ظاهر الرواية أو مستكشفا منها، فلا أقل من كونه