وقد مر في نظائره (1) أن الانتساب إلى الذات، مبني على حقيقة ادعائية، ومصحح الدعوى أنها محرمة بجميع شؤونها، وفي المقام يكون من شؤونها الإمساك والحبس، فإذا كان الإمساك حراما كان الرد واجبا; لفهم العقلاء من حرمته وجوب رده على صاحبه.
والظاهر أن مراد الشيخ (قدس سره) من الاستدلال بحرمة الإمساك على وجوب الرد (2)، هو دعوى فهم العرف من نحو قوله: «لا تمسك مال الناس» لزوم الرد إلى صاحبه، سيما من مثل هذه الرواية المصدرة بلزوم رد الأمانات إلى أهلها، معللة بأنه «لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه».
ولا بد من انطباق الكبرى الكلية التي هي تعليل أو بمنزلته، على الصغرى، فإن لم تكن الكبرى دالة على وجوب الرد، لم يصح جعلها تعليلا لوجوبه.
إلا أن يقال: وجوب رد الأمانة لا يلازم إيصالها إلى صاحبها، بل يراد منه رفع اليد والتخلية بينها وبين صاحبها، لكنه خلاف ظواهر الأدلة.
وكيف كان: لا أظن أن يكون مراد الشيخ الاستدلال من حرمة الضد على وجوب ضده، أو من وجوب نقيض الإمساك على وجوب الرد; فإنه أمر لا يمكن أن يغفل الشيخ الأعظم (قدس سره) عن فساده، ولا يمكن توهم رجوعه عن مبناه في الأصول (3).
مع أنه على القول به لا يلزم وجوب الرد; لأن الرد متقوم برفع يد الدافع وإثبات يد القابض، والرفع مقدم على الإثبات دائما، فيتصف هو بالوجوب، دون