ولا شبهة في أن الراهن لم يجعل المرتهن في رهنه أمينا، وكذا المؤجر، وإن كان التسليم مع اعتقادهما بأمانة الطرف والوثوق به، لكن ذلك ليس موضوعا للحكم كما يظهر بالتأمل، مع أن التسليم بالاعتقاد المذكور لا يصدق كليا.
ولا يبعد أن تكون الروايات التي بصدد بيان الحكم في تلك الأبواب المختلفة على كثرتها، على طائفتين:
إحداهما: كقوله (عليه السلام) في الحمامي: «إنما هو أمين» (1).
وقوله (عليه السلام): «صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان» (2).
إلى غير ذلك مما هي بهذا المضمون بصدد بيان ما تقدم آنفا، ويكون المراد منها أن من جعل أمينا - أي اتخذه صاحب المال أمينا عليه - لا ضمان عليه، إما واقعا في غير مورد الإفراط والتفريط، وإما ظاهرا وفي مقام الدعوى; أي يطالب البينة من صاحب المال، واليمين عليه، وهذا تعبير شائع في كتاب القضاء.
فحينئذ لو سلمنا شمول الأدلة المذكورة لصحيح الإجارة، والرهن، والمضاربة، وغيرها، لا سبيل إلى دعوى شمولها لفاسدها; لأن المالك لم يتخذ طرفه أمينا مطلقا، بل إنما يعمل على طبق عقد الإجارة ونحوها، والكلام في الفاسد هاهنا، كالكلام في المقبوض بالبيع الفاسد.
ولو كان المراد من نحو قوله: «مؤتمن» التنزيل منزلة الأمين، فلا يتعدى عن مورده، وهو واضح.
والطائفة الثانية: - كقوله (عليه السلام): «إذا كان مسلما عدلا فليس عليه