القضية صدرا وذيلا، وقد فصلنا ما عندنا من الشواهد في رسالة مفردة (1).
ثم بعد عدم دلالة ما دلت على احترام مال المسلم ونحوه، وكذا دليل نفي الضرر على المقصود، يمكن الاستدلال بها على عدم ضمان من تلف الشئ تحت يده بلا تسبيب ومباشرة، كالتلف السماوي; فإن احترام مال المسلم يقتضي عدم أخذ ما تلف منه، وكذا حكم الشرع بضمانه ضرري، يدفع بدليل نفي الضرر; ضرورة أن أخذ درك مال الغير بلا سبب، وبمجرد وقوع الشئ تحت يده ضرر، والحكم ضرري.
ويمكن الجواب عن معارضة دليل اليد، ودليل الاحترام، بأن الثاني موضوعه «المال» ولا تعرض له لموضوعه ضيقا وسعة، ودليل اليد المثبت للضمان بالمثل أو القيمة، يحقق موضوع دليل الاحترام، فاحترام مال المضمون له الثابت بدليل الضمان، يقتضي رده إليه وعدم حبسه.
وأما بالنسبة إلى دليل الضرر، فدليل ضمان اليد أخص مطلقا من دليل نفي الضرار، فلا مساغ للحكومة مع الأخص المطلق، فيخصص به ذلك.
نعم، لو قيل بعدم شمول دليل نفي الضرر للمأخوذ غصبا; بدعوى انصرافه عنه، يكون بينهما عموم من وجه، ولو كان دليل نفي الضرر حاكما عليه، لا بد من القول بعدم ضمان اليد إلا في مورد الغصب.
ويمكن أن يقال: إن إثبات أصل الضمان ليس حكما ضرريا، بل الحكم بلزوم الأداء ضرري; أي موجب للضرر، فحينئذ يكون دليل اليد سالما عن المعارض، ودليل وجوب الأداء لما كان مفاده وجوب أداء مال الغير، لا يكون ضرريا; أي يخرج بواسطة دليل اليد المثبت للضمان عن موضوع الضرر، فتأمل.