فتحصل مما ذكر: أن الحق ليس ملكا، ولا مرتبة منه، ولا سلطنة، ولا مرتبة منها; أي لا يكون عينهما، ولا أخص منهما، وإلا لما تخلف عنهما.
ويؤيد المدعى بل يدل عليه: أن الملك في جميع الموارد إضافة بين المالك والمملوك، حتى في مالكية شئ في ذمة الغير; لأن الملكية متقومة بالإضافة الحاصلة المذكورة، وتكون ذمة المديون كمحفظة للمال، لا دخالة لها في اعتبار الملكية.
وإن شئت قلت: حال الذمة حال الخارج بالنسبة إلى الأعيان الخارجية المملوكة، فكما أن الخارج ظرف للمملوك من غير دخالة له في اعتبار الملكية، كذلك الذمة.
وأما الحق، فكثيرا ما يعتبر بين ذي الحق ومن عليه الحق، ففي حق الاستحلاف يكون للمدعي حق على المدعى عليه لأن يستحلفه، فيكون الاستحلاف مورد الحق، والمدعي صاحبه، والمنكر من عليه الحق، وإذا حلف المنكر أدى ما عليه، وليس في شئ من الموارد حال الملك كذلك، حتى في ملكية ما في الذمه كما عرفت.
وما يرى من اعتبار «عليه» في الذمم، فإنما هو باعتبار الدين لا الملك; إذ الدين له إضافة إلى الدائن وإلى المديون، فيكون فيه اعتبار «له» و «عليه» دون الملك; فإن اعتبار «عليه» ليس في شئ من موارده دخيلا في اعتباره.
ويؤيده أيضا: أنه يعتبر في الحق أحيانا الأداء كالدين، دون الملك; لأن الحق - كالدين - يعتبر في بعض الموارد على الغير، فيصح فيه الأداء، ويصدق عليه، وأما الملك فلا تعتبر فيه العهدة، ولا يصح فيه الأداء والتأدية، كما لا يصح ذلك الاعتبار في السلطنة، فلا يقال: «أدى سلطنته أو سلطانه» كما يقال: «أدى حقه».