ولا يخفى: أن الإطلاق مبني على التقريب الثاني من التقريبين المتقدمين، وهو أن النظر فيها إلى حرمة التصرف وجوازه، وأما إن كان المراد تنفيذ التجارة، وسلب تأثير الأسباب الباطلة عرفا لدى الشارع أيضا، فلا إطلاق فيها بالنسبة إلى حالات الأكل والتصرف حتى يشمل ما بعد الفسخ; لأنها على الفرض بصدد تنفيذ البيع، لا حرمة الأكل.
وأقوى الاحتمالين ثانيهما، فيصح التمسك بالإطلاق، فما في «تعليقة» الطباطبائي من عدم الإطلاق (1) غير وجيه، إلا أن يراد به ما يأتي فيها.
وقد يقال: إن الشبهة في المقام مصداقية; فإن حصر مجوز الأكل في التجارة عن تراض، إنما يراد به أكله على أن يكون ملكا للآكل; لئلا ينتقض بالإباحات، ولم يعلم بعد الرجوع بقاؤه على ملكه (2).
وفيه: - مضافا إلى أن الاستدلال بالمستثنى غير مبني على إفادة الحصر، وسيأتي الكلام في عدم إفادة الآية للحصر، ويأتي أنها لو دلت على الحصر لا ينتقض بالإباحات ونحوها (3) - أن التقييد في الآية غير صحيح; لأن الملك بأي سبب حصل يجوز لمالكه أكله، فلا دخالة للتجارة في جوازه، بل تمام الموضوع له كونه ملكا.
فالآية الكريمة على الظاهر، بصدد بيان جواز أكل ما حصل بالتجارة من الأموال التي بين الناس، ولا تقييد فيما حصل بالتجارة بكونه ملكا، وإن كان لازم جواز ما حصل بها كونه ملكا، لكن هذا غير التقييد، والمضر بالتمسك هو التقييد،