____________________
قلت: ما أبعد بين المثال وبين ما نحن فيه، لان الانسان مثلا لا تختلف حقيقته وماهيته باختلاف مصاديقه بل يكون حقيقة باقية وموجودة بوجود مصاديقه، وذلك لأنه مؤتلف من مادة وصورة، وكل منهما باق وموجود بوجود افراده مع اختلافها، اما الصورة التي تكون عبارة عما به فعلية الشئ، وفي الانسان هي النفس الناطقة، فبقائها ووجودها بوجود الافراد أوضح من أن يخفى، وأما المادة التي يكون قوام الصورة بها فهي أيضا موجودة بوجود الافراد وإن كانت تختلف باختلاف المصاديق اختلافا تشكيكيا، واختلافها كذلك لا يضر بشئ، ضرورة كفاية مادة ما في قوام الصورة كما لا يخفى، وبالجملة معنى الانسان بوحدته موجود بوجود افراده المختلفة مادة وصورة، بخلاف المقام، فإنه لا يتصور لألفاظ العبادات معنى واحد كان منطبقا على جميع الافراد المختلفة غاية الاختلاف، وليس في نفس المركبات وأجزائها ما كان باقيا وموجودا بمادته وصورته في كل فرد منها، بل إنما يكون كل فرد منها غير الآخر مادة وصورتا كما لا يخفى، فافهم فإنه لا يخلو من دقة.
فائدة مهمة إعلم أن ملاك الصحة والفساد كما ذكرنا سابقا إذا أضيفا إلى شئ من الموجودات هو انطباق عنوان يترقب منه أثر خاص عليه وعدم انطباقه، فإن كان الموجود ينطبق عليه العنوان المفروض يقال: صحيح وإن لم ينطبق عليه يقال: فاسد، ولا يكونان باعتبار شخصه الموجود. فإن الموجود بما هو موجود يكون تاما في مرتبة ذاته، مع قطع النظر عن إعتبار إنطباق عنوان عليه، وذلك لان كل موجود لا بد وأن يكون واجدا لما يعتبر في وجوده، مثلا إضافة الصحة أو الفساد إلى فرد من الصلاة ليست باعتبار ذاته الموجود، فإن الفرد الموجود منها محفوظ في مرتبة وجوده، بل إنما تكون باعتبار إنطباق عنوان الصلاة
فائدة مهمة إعلم أن ملاك الصحة والفساد كما ذكرنا سابقا إذا أضيفا إلى شئ من الموجودات هو انطباق عنوان يترقب منه أثر خاص عليه وعدم انطباقه، فإن كان الموجود ينطبق عليه العنوان المفروض يقال: صحيح وإن لم ينطبق عليه يقال: فاسد، ولا يكونان باعتبار شخصه الموجود. فإن الموجود بما هو موجود يكون تاما في مرتبة ذاته، مع قطع النظر عن إعتبار إنطباق عنوان عليه، وذلك لان كل موجود لا بد وأن يكون واجدا لما يعتبر في وجوده، مثلا إضافة الصحة أو الفساد إلى فرد من الصلاة ليست باعتبار ذاته الموجود، فإن الفرد الموجود منها محفوظ في مرتبة وجوده، بل إنما تكون باعتبار إنطباق عنوان الصلاة